يقرن المسؤولون الاميركيون خصوصاً والغربيون عموماً في معرض حديثهم عن زيادة المساعدات للمعارضة السورية التي يصفونها بالمعتدلة بالحديث ايضاً عن ضرورة ان تساهم هذه الزيادة في محاربة الارهاب الى جانب القتال ضد النظام.
والحديث عن مكافحة الارهاب في سوريا أمر مستجد في ادبيات الخطاب السياسي الغربي الذي كان طوال ثلاثة اعوام يحصر المشكلة في سوريا بالنظام ويرفض الاعتراف بوجود ارهابيين منبثقين من تنظيم “القاعدة” آلام. ولا يكتفي الغرب بدعوة المعارضة السورية التي تتمتع بدعمه الى محاربة الارهاب، بل انه ينشط في رصد وتعقب مصير الاف الجهاديين الذين أتوا من الولايات المتحدة ودول أوروبية كي يقاتلوا في سوريا. وفرضت واشنطن أيضاً على دول صديقة لها في المغرب العربي ان تبذل قصارى جهدها لمنع الجهاديين المرتبطين بـ”القاعدة” من السفر الى سوريا، بينما اتخذت السعودية والامارات والبحرين اجراءات لمنع مواطنيها الذين تشتبه في انتمائهم الى “القاعدة” من الذهاب للقتال في سوريا.
وإذ لم يعد خافياً وجود تنسيق بين أجهزة الاستخبارات الغربية واخرى من دول عربية لمساعدة المعارضين السوريين المصنفين في خانة الاعتدال كي يقاتلوا النظام في سوريا، يؤرق الاجهزة نفسها في الوقت عينه تنامي اعداد الجهاديين الاجانب في سوريا وكأنها تعلم ان استمرار الوضع على ما هو من شأنه ان يفضي الى أفغانستان أخرى ولكن على ضفاف المتوسط هذه المرة.
وما يستحق التوقف عنده ايضاً ان الحديث عن الارهاب هو قاسم مشترك بين الغرب والحكومة السورية من غير الذهاب بعيداً الى حد التساؤل هل يقدر الغرب على مكافحة الارهاب في سوريا من دون التوصل الى نوع من التعاون مع دمشق؟ وهل يمكن ان يحقق الغرب غايته من دعم المعارضة السورية المتمثلة بالقضاء على النظام وعلى الارهاب معاً؟ لا شك في ان هذه مهمة ثقيلة تفترض الواقعية الغربية ان تعرف سلفاً ان المعارضة غير قادرة على تحقيقها. وربما من أجل ذلك يحتاط الرئيس الاميركي باراك اوباما عند الحديث عن زيادة دعم المعارضة المعتدلة اذ يضيف ان لا حل عسكرياً للأزمة السورية وانه لا بديل من الحل السياسي. لكن الحل السياسي محكوم ايضاً بتطورات الميدان السوري الذي ينقلب لمصلحة النظام والذي يترجم في الاستعداد لانتخاب الرئيس بشار الاسد لولاية ثالثة في 3 حزيران.
وبعد ذلك تبقى تساؤلات كثيرة الى أي مدى يمكن الخطاب الغربي ان يتطور مع الواقع السوري وحاجة أميركا وأوروبا الى احتواء خطر الارهاب الزاحف نحوهم.