كوردستريت|| #الصحافة
أكّدت مجلة “الإيكونوميست” البريطانية أنّ إيران أثبتت، من الناحية العملية، “صعوبةً بالغةً في ردعها” أمام الولايات المتحدة الأميركية، وذلك على الرغم من أنّه “ينبغي لواشنطن أن لا تجد صعوبةً في كبح جماح طهران عبر التهديد باستخدام القوة ضدّها”، من الناحية النظرية.
وفي مقال بعنوان “لماذا يصعب تخويف إيران؟”، رأت المجلة أنّ منتقدي الرئيس الأميركي يعتقدون أنّهم “يعرفون سبب استمرار الهجمات على القوات الأميركية”، بعد الهجوم الذي شنّته واشنطن على العراق وسوريا، معتبرين أنّ التهديدات الأميركية “ليست ذات صدقية، لأنّ الولايات المتحدة لا ترغب في ضرب إيران نفسها”.
ومن جانب اليسار، يقدّم المنتقدون ذريعةً مختلفةً، بحسب المجلة، إذ ينظرون إلى الحديث عن الردع على أنّه “تحريض مضلّل على الحرب”، ويقدّمون “حلاً بسيطاً” بدلاً من ذلك، وهو إنهاء الحرب على قطاع غزّة، على اعتبار أنّ فصائل المقاومة الحليفة لإيران ستوقف استهدافاتها إذا “توقّفت إسرائيل عن قتل الفلسطينيين”.
بيد أنّ كلا الطرفين “يخطئ التقدير”، وفقاً لما رأته “الإيكونوميست”، فإيران اليوم تحظى بحلفاء أقوياء في المنطقة، ودعم من روسيا والصين، وفق “الميادين”.
وتنبع معاناة الولايات المتحدة في ردع إيران من “تناقضات أعمق” في سياستها في الشرق الأوسط، وتحديداً في “رغبتها بالابتعاد عن المنطقة، مع الاحتفاظ بقوات فيها في الوقت نفسه”، حسب ما أكّدته المجلة.
ووفقاً لها، فإنّ هذا الأمر “يترك وجوداً عسكرياً كبيراً، بما يكفي من أجل تقديم قائمةٍ من الأهداف، لكنه صغير جداً في الواقع لتقييد إيران”.
وبعد عقدين من “المغامرات الأميركية الفاشلة في الشرق الأوسط”، لا يصدّق الأميركيون والإيرانيون أنّ الولايات المتحدة جاهزة لإطاحة النظام في ايران ، كما أوردت المجلة.
وفي هذا الإطار، أوضحت “الإيكونوميست” أنّ حتى الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، الذي جسّد نظرية “الرجل المجنون” للرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون، توقّف عن مهاجمة إيران بصورة مباشرة.
وهنا، تجدر الإشارة إلى أنّ نظرية “الرجل المجنون” مرتبطة بممارسات إدارة نيكسون في السياسة الخارجية، بحيث حاولت جعل القادة الشيوعيين يعتقدون أنّ نيكسون كان “غير عقلاني ومتقلّباً”، حتى يتجنّبوا استفزاز الولايات المتحدة “خوفاً من استجابةٍ لا يمكن التنبؤ بها”.
ولا يقتصر هذا الأمر على واشنطن وطهران، فحتى حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة لا يصدّقون أنّه ستتم الإطاحة بالنظام في إيران، كما تابعت المجلة.
ووفقاً لها، فإنّ اسرائيل وبعض دول الخليج كانت لتشجّع (في سنوات سابقة) الضربات الأميركية على حلفاء إيران من المليشيات، فحينها كانت المنطقة مشتعلةً أيضاً.
لكن الحروب منذ ذلك الحين، تمّت تسويتها بصورة أساسية لصالح حلفاء إيران، التي تحظى بعلاقات عميقة مع 4 دول عربية، “لن تتمكّن بضع طلعات جوية متفرّقة من إزاحتها”، بحسب ما أكدت المجلة.
ولهذا السبب حاولت السعودية والإمارات تحسين علاقاتهما بإيران، كما رأت “الإيكونوميست”، إذ إنّهما “تعتقدان أنّ تخفيف التوتر في العلاقات مع إيران من خلال المشاركة الدبلوماسية والحوافز الاقتصادية هو بديل أكثر أماناً”، في ظلّ “عجز واشنطن عن حماية شركائها”.
ولفتت المجلة أيضاً إلى أنّ المسؤولين الأميركيين لم يشيروا إلى مسألة “الردع” في المؤتمر الصحافي بعد العدوان على سوريا والعراق. وبدلاً من ذلك، تحدّثوا عن “محاولة إضعاف قدرات” قوى المقاومة الحليفة لإيران، التي تهدف إلى “الاستنزاف والصمود، وهي مستعدة لتحمّل الخسائر”، وفقاً لما أوضحته المجلة.
وسيتطلّب هذا الهدف “حملةً مطوّلةً من النوع الذي قد يرغب بايدن في تجنّبه، وهو ما يُعيد إلى جوهر المشكلة”، فالولايات المتحدة ممزّقة في الشرق الأوسط، “بين المغادرة والبقاء”، وهي عاجزة عن تقرير “ماذا تفعل مع القوات التي لا تزال موجودةً هناك”، وفقاً للمجلة.
<
p style=”text-align: justify;”>وأمام كل ذلك، خلصت “الإيكونوميست” إلى أنّ الوضع الراهن للولايات المتحدة في الشرق الأوسط “لا يعمل، ومن المفارقات أنّ طهران هي التي ردعت واشنطن عن تغيير هذا الوضع”.