عندما نتصفح التأريخ النضالي القديم والمعاصر لشعبنا الكوردي من اجل الحرية والكرامة ، يظهر جليا مدى اسهام ومشاركة المرأة الكوردية في جميع الثورات والانتفاضات ، وان لم تكن بموازاة ومستوى الرجل لم تكن ادنى منه، اذ كان وما يزال للمرأة دور متميز بين شرائح المجتمع الكوردستاني في جميع ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية.
فهناك اسماء لامعة كثيرة برزت وطرزت اسماءها بخيوط من الذهب في صفحات التاريخ المشرقة لشعبنا و كان لها دوراً مشرفاً يمكن ان يكون انموذجا يحتذى به بين الشعوب التواقة للحرية والديمقراطية.
على سبيل المثال لا الحصر برز اسم قدم خير المناضلة والثورية الكوردية التي قادت قوة كبيرة من رجال لورستان ضد النظام الشاهنشاهي في ايران والسيدة ياشار خانم عقيلة الجنرال احسان نوري باشا قائد ثورة ارارات في شمالي كوردستان والسيدة الفاضلة مينا خانم عقيلة الشهيد قاضي محمد رئيس جمهورية كوردستان والتي كان لها دور لا يستهان به في بناء اللبنات الاولى للجمهورية وتأسيس اتحاد نساء كوردستان في مهاباد ، والمعلمة والمربية الفاضلة والاميرة الخالدة روشن بدرخان التي كان لها دور متميز بين الاوساط الفكرية الثقافية الكوردية في دمشق وهناك عشرات الاسماء البارزة الاخرى لامجال لذكرهن كان لهن شرف الاسهام ومشاركة الرجل في الميادين المختلفة.
الحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي تأسس على يد الاب الروح البارزاني الخالد ومنذ نشوئه، منح المرأة فرصة ابراز طاقاتها وامكانياتها بوساطة المشاركة في العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي وحقوق المرأة مدونة في ادبيات الحزب منذ المؤتمر التأسيسي ، ولذلك اخذت حواء دورها وتبوأت مراكز مهمة وقيادية ايمانا منها بمبادئ الحزب وتطلعاته من اجل الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان.
المناضلة الشهيدة ليلى قاسم هي انموذج آخر من النساء الكورد في التاريخ النضالي المعاصر،التي دخلت معترك النضال القومي عبر تنظيمات الحزب الديمقراطي الكوردستاني في عام 1973 وهي طالبة جامعية في كلية الاداب بجامعة بغداد ، نشاطاتها الدؤوبة و شجاعتها الفائقة في تنفيذ المهمات الحزبية الموكلة اليها جعل منها شخصية متميزة في الخلية الحزبية التي انضمت اليها ، لذلك كان يتم رصد جميع تحركاتها ورفاقها من قبل عناصر النظام آنذاك ، لتحجيم دورهم امام الطلبة الكورد الذي كان يتطور ويتوسع يوما بعد آخر، لكن هذا لم يشكل عائقا امام الخلية الحزبية ولاسيما ليلى قاسم في عملها الحزبي في الجامعة ، لذلك قرر جهاز الامن التابع للسلطة الحاكمة اعتقال اعضاء الخلية والتخلص منهم.
حيث قامت سلطات النظام البعثي المباد باعتقال اربعة من رفاقها في الخلية من ضمنهم خطيبها الشهيد جواد الهماوندي الذي اعدم فيما بعد معها ، ومن ثم جاء دورها ، حيث طوقت قوات الامن والمفارز المسلحة الحزبية دارها في بغداد ليلة الرابع والعشرين من شهر نيسان وقامت باعتقالها من دون اي مسوغ قانوني سوى انها معارضة لنهج وفكر الحزب الحاكم واقتادوها الى احد المراكز الامنية للنظام.
لكن ما اثار استغراب زملائها الطلبة من الكورد والعرب والاخرين في الجامعة وكل من كان يعرفها ورفاقها هي التهمة المزيفة الظالمة التي الصقها بهم النظام ، وهي محاولة تفجيرهم اماكن عامة ، خاصة احدى دور السينما في بغداد ، في حين ان الثورة الكوردية وعلى مدى عشرات السنين من الكفاح المسلح ضد الانظمة الشوفينية في العراق لم تقم باية عملية عسكرية لاستهداف المدنيين العزل ايمانا منها بالتعايش السلمي والاخوي مع جميع مكونات الشعب العراقي الذي لايمكن في كل الاحوال تحميلهم وزر جرائم النظام التي كانت ترتكبها عصابات منفلتة من الاجهزة الحزبية والامنية ضد جماهير وقواعد الحزب الديمقراطي الكوردستاني في الداخل وضد قوات البيشمركة في خنادق القتال ، لذلك كانت المحاكمات الصورية التي كانت تبث من خلال تلفزيون بغداد محل تهكم واستهزاء ابناء الشعب العراقي من الكورد والعرب والاخرين ولم يصدق احد تلك التهمة الاجرامية التي اراد النظام من خلالها تشويه الحقائق وتحشيد الشارع ضد الشعب الكوردي.
وفي الثالث عشر من ايار 1974 تم اعدام المناضلة الشهيدة ليلى قاسم ورفاقها بعد ما يقرب من شهر من التعذيب الجسدي والنفسي في زنزانات البعث من دون ان يعترفوا بالتهمة التي روج لها النظام ، وحلقت ارواحهم الطاهرة الى السماء لتلقي بارئها.
واصبحت ليلى قاسم رمزا للمرأة الكوردية المناضلة من اجل الحرية والسلام والاهداف الانسانية النبيلة ونبراسا تنير الدرب امام النساء الاخريات لتأخذن ادوارهن في حركة النضال وديمومة الحياة ولتبقى خالدة في ذاكرة الشعب الكوردي والاحرار في العالم. تحية اجلال واكبار لروحها وارواح رفاقها الطاهرة ونحن نجني ثمار دمائهم الزكية التي روت ارض كوردستان الاباء