كوردستريت|| العلم والتكنولوجيا
وفقاً لدراسة منظمة Statista الألمانية المتخصصة في فهرسة وجمع بيانات سوق المستهلك فإن أكثر شعوب استخداماً لتطبيق واتساب في أوروبا هو الشعب الألماني سواء كان من أجل المراسلة النصية القصيرة أو من أجل الأغراض الإعلانية والترويجية ، في الواقع تطبيق واتساب أحدث ثورة هائلة في عالم التواصل الاجتماعي في ألمانيا ودول آسيوية أخرى مثل ماليزيا ويبدو وكأن شعوب هذه الدول لا تفضل استخدام أي تطبيق بديل عنه للتواصل مع غيرهم من الأشخاص من جميع أنحاء العالم ولكن سؤال واحد لا يريد أن يفارق ذهني وهو لماذا تأتي الولايات المتحدة في مؤخرة قائمة أكثر شعوب العالم استخداماً لتطبيق واتساب على الرغم من كونه تطبيق أمريكي ولماذا يُفضل الشعب الأمريكي الاعتماد على بدائل المراسلة الأخرى فهذا ما سنحاول أن نتعرض له خلال هذا المقال.
من هو مالك تطبيق واتساب؟
في عام 2014 قررت شركة ميتا (فيسبوك سابقاً) أن تستثمر مبالغ طائلة من أجل الحصول على تطبيق واتساب وبالفعل قدمت الشركة عرض مُغري جداً لمطوريه وتمكنت من الاستحواذ عليه مقابل 19 مليار دولار أمريكي ولكن لماذا؟ تشير الإحصائيات إلى هناك بعض البلدان الأوروبية مثل ألمانيا والنمسا وسويسرا التي قررت شعوبها عدم الاعتماد على رسائل SMS الاعتيادية واستبدالها بتطبيق واتساب وخاصة من أجل التواصل في أوقات الليل ولكن بالرغم من ذلك فالغريب أن أغلب مستخدمي الشعب الأمريكي لا يفضلون الاكتفاء بتطبيق واتساب في معظم الأحوال بل والحقيقة الأغرب من ذلك أن هناك عدد كبير منهم لا يفضلون استخدامه أو الاعتماد عليه مُطلقاً.
ولكن هذا لا يعني أيضاً أن جميع أبناء الشعب الأمريكي قرروا الحياد عنه بشكل كامل وإنما استطاع واتساب ( من خلال التحديثات المتتالية ) أن يبدأ في اكتساب شهرة أكبر في الولايات المتحدة ويحظى بقاعدة مستخدمين أكبر خلال السنوات القليلة الماضية ولكن الحقيقة المتفق عليها هي أنه لا يزال متخلفاً في المراتب التالية بعد تطبيقات التواصل الاجتماعي الأخرى ولا يحظى بشعبية كبيرة في موطنه الرئيسية وهذا يدفعنا للتساؤل لماذا؟
1. لا داعي للاستغناء عن تطبيقات SMS الاعتيادية
في الولايات المتحدة يتم منح الهواتف الذكية لجميع لمستخدمين بعقود اتصالات رخيصة جداً فضلاً عن وجود العديد من خطط الجوال التي تقدم عروض مميزة وبتكاليف رمزية للغاية والفضل الأول في ذلك يرجع لحقيقة الحالة التنافسية المحتدمة بين شركات الجوال في سوق الولايات المتحدة والتي تمنح الشعب الأمريكي ميزة القدرة على استخدام الرسائل النصية القصيرة بأسعار تكاد تكون شبه مجانية تماماً وليس فقط بالنسبة للرسائل وإنما كذلك بالنسبة لعدد الدقائق المجانية خلال عدد كبير من الساعات على مدار اليوم، الأمر شبيه تماماً بالعروض التي تقدمها شركات الجوال لدينا هنا في الشرق الأوسط ولكن في الولايات المتحدة هي أفضل كثيراً وأرخص بشكل ملحوظ.
فعلى عكس ألمانيا ودول أوروبا الأخرى التي يضطر شعوبها على تحمل تكاليف جميع الرسائل النصية القصيرة، فإن رسائل SMS في الولايات المتحدة شبه أو تكاد تكون مجانية بالفعل وبالتالي فبدلاً من استخدام تطبيق واتساب الذي قد يكون أو قد لا يكون متواجد على هاتف الشخص الآخر فيفضل أبناء الشعب الأمريكي استخدام الرسائل النصية القصيرة الافتراضية عبر شبكة الجوال لأنه يضمن لهم القدرة على التراسل مع جميع الأشخاص الآخرين دون أي قيود ودون الحاجة إلى اتصال فعلي بالإنترنت، الأغرب من ذلك أن خطط البيانات “Data Plans” في الولايات المتحدة باهظة الثمن قليلاً وبما أن تطبيق واتساب سيتطلب اتصال فعلي بالإنترنت وسيستهلك من باقة البيانات، فلماذا لا يستخدم الأمريكيون الحل الأرخص والأكثر فعالية وهو عن طريق الرسائل النصية القصيرة.
2. تطبيق فيسبوك ماسنجر يحظى بشعبية كبيرة في الولايات المتحدة
تطبيق واتساب لا يحظى بشعبية كبيرة بين الشعب الأمريكي ليس لسبب محدد وإنما الفكرة تكمن في أن جموع الشعب يعتمدون على تطبيق فيسبوك ماسنجر منذ يوم انطلاقه ولسبب ما يفضل هذا الشعب الاعتماد على تطبيق فيسبوك ماسنجر جنباً إلى جنب مع رسائل SMS النصية القصيرة وبهذا الشكل أصبح لديهم حلول كافية بالفعل من أجل التواصل مع بعضهم البعض دون الحاجة لوجود حل ثالث بديل في المنتصف وبالتالي إذا كنت تعيش بالفعل في الولايات المتحدة ولديك خطة جوال تمنحك القدرة على إرسال الرسائل النصية القصيرة بأسعار رمزية جداً أو مجانية تماماً ولديك أيضاً تطبيق فيسبوك ماسنجر المتواجد على هواتف جميع أبناء الشعب فما الداعي لاستخدام حل مراسلة بديل عنهما؟
3. الشعب الأمريكي لا يفرح بكثرة التطبيقات
بالإضافة إلى ما ذكرناه سابقاً فإن الشعب الأمريكي من بين الشعوب التي لا تفرح بكثرة التطبيقات على الهاتف وفي الحقيقة هناك ملايين الأمريكيين الذين يستمرون في استخدام هواتفهم الايفون والاندرويد القديمة التي تحتوي على مساحات تخزينية محدودة للغاية وبطبيعة الحال هواتفهم ممتلئة بعدد كبير من التطبيقات الهامة والضرورية لحياتهم المهنية وعندما يتعلق الأمر بتنزيل تطبيق جديد على الهاتف حتى وإن كان حجم التطبيق صغير للغاية يكون لديهم قلق ووعي كامل وهناك العديد من المستخدمين الذين لا يستطيعون توفير مساحة خالية تسمح بوجود أي تطبيق إضافي على الهاتف خاصة وإذا كان هذا التطبيق المعني لا يقدم أي خدمة أو ميزة جديدة تجعله فريداً أو بديلاً عن الحلول المتوفرة الأخرى ولذلك يرى الأمريكيون عدم وجود سبب منطقي لتنزيل تطبيق واتساب واستخدامه لأنه لا يقدم أي ميزة فريدة عن حلول المراسلة الافتراضية.
4. عند التفكير في البدائل فإن واتساب آخر من يحظى بالاهتمام
من خلال الدراسة التي أجرتها مؤسسة Statista فإن أغلب الأمريكيون الذين يعتمدون على تطبيق واتساب هم الذين لديهم أصدقاء أو عائلات خارج الولايات المتحدة، فعلى الرغم من عقود الجوال والمميزات التي تمنحها شركات الجوال في الولايات المتحدة والعروض على أسعار الرسائل النصية القصيرة إلا أن الأمر يصبح مختلف تماماً عندما نتحدث عن إرسال رسائل نصية قصيرة إلى خارج الولايات، حينها يمكنك القول أن تطبيق واتساب قادر على سد الفجوة التي تتسبب فيها أسعار وتكاليف خدمات الجوال على الرسائل النصية القصيرة المُرسلة إلى خارج البلاد.
أخيراً وليس آخراً فإن هناك عدد كبير من الأمريكيون الذين يضعون الخصوصية وحماية البيانات على رأس أولوياتهم ويعتقدون أن تطبيقات مثل فيسبوك أو سكايب أو ماسنجر أو حتى واتساب بمثابة خطراً على أمن معلوماتهم وخصوصياتهم، فعندما يتخذون قرارهم باستخدام تطبيق للتراسل مع الأخرين من جميع أنحاء العالم فبكل تأكيد واتساب لن يكون أحد الخيارات المُفضلة لديهم وإنما تيليجرام وسيجنال يكتسبون نصيب أكبر من الكعكة.
المصدر