كوردستريت|| مقالات
.
بقلم ..عماد الدين شيخ حسن
إن كانت من عقدةٍ إسمها أوديب و عطسةٍ تدعى البربهاري ، فأعلموا أنّ ثمّة كابوسٍ يُسمّى ب آينشتاين .
ككلّ الناس لي هوايةٌ أو هوايات تمنحنا المتعة و الراحة في أوقات فراغنا ، و إن كانت إحداها عندي غريبةٌ لا تشبه كل الهوايات .
هوايتي تلك يا سادة كانت اللعب مع المشاهير و الكبار و الحكماء و تحدّيهم و إثباتَ عكس حكمهم و أقوالهم و النظريات .
آخرها كانت مع ابا الإيش آينشتاين الذي أنساني حليب أمي الذي رضعته و أراني حجمي و قيمتي ، حتى بات لا يقبل التوسّل مني و التوبة و يأبى إلا هلاكي لأكون عبرةً لمن لا يعتبر .
إذ أردت ذات نهارٍ إثبات خلاف ما ذهب إليه من إعتقدته مغروراً متعالياً في قوله عن الغباء و وصفه .
حيث تعلمون بأن ذاك الألماني الكبير أبا النسبية و الفيزياء قال ذات مرةٍ في الغباء بأنه ..
( فعل نفس الشيء مرتين بنفس الإسلوب و نفس الخطوات و إنتظار نتائج مختلفة )
أجل ..نتائج مختلفة .
.
كانت قناعتي بأنّ ذلك ليس صحيحاً بالمطلق و أنّه من الممكن أن يحدث ذلك و يحصل المرء على نتائج مختلفة و بالتالي ليس بالضرورة أبداً أن يكون ذلك معيار غباء .
و أردت أن أبرهن له ذلك بإختبارٍ واضح و عملي تمثّل في تجربتي الآتية :
بداية مأساة عفرين و أيام الحملة البربرية عليها من قِبل الاحتلال التركي و مرتزقته جرت مبادرة كانت قوامها عدداً من الشخصيات ممن يمكن اعتبارهم جزءاً من الطبقة المثقفة في عفرين و نخبة مجتمعها و صفوتهم . و كانت الغاية منها الإلتقاء و تبادل الأفكار و الرؤى و وجهات النظر حول ما يمكن أداءه أو القيام به إزاء تلك الكارثة و ذاك الخطر و آثاره .
إلا أنها في النتيجة و إختصاراً باءت بفشلٍ ذريع و ذهب كلٌ في حال سبيله .
الخلاصة …أنني وجدت في تلك التجربة فرصةً لي لأمارس عبرها هوايتي المفضّلة لا أكثر ، أي ليس من أجل عفرين و محنتها و بلاءها .
.
و أردت أن ألقّن آينشتاين درساً من خلالها ، و توقعّت حتميّة النجاح .
فبذات الفعل و الإسلوب و الخطوات أطلقت مبادرةً أخرى ثانية تمثّلت في دعوة ذات أشخاص الفعل الأول أو المبادرة الأولى لذات المناسبة .
و بحماسٍ شديد و ثقة و يقين بأنّ النتائج ستكون حتماً مختلفة و أنّ المبادرة ستنجح لا محالة و لن تفشل .
فلديّ أسبابي و مبرراتي لذلك و التي أبرزها أنّ واقع الأمس مختلفٌ كليّا عن اليوم و أنّ أشخاصها حينها كانوا من هول الصدمة و فجاءيتها و الألم بعيدون كل البعد عن استيعابها وعن الفكر و التركيز و الصحوة ، أمّا الآن فقد بات الوضع مختلفاً تماماً لا سيما مع وضوح الرؤية لما حدث و يحدث و الفظائع التي ارتكبت و ترتكب و التي هي أقسى بمرات و مرات عن ذي قبل و تفاقم الكارثة و إدراك نوايا المستعمر و كلّ المحيطين و مآربهم ، كل ذلك و غيرها من الأسباب التي من المحال أن لاتٌحرّك فينا الإستفاقة و المسؤولية .
.
لذلك أيقنت بأن المسألة ليست سوى مسألة وقت و سأجعل من آينشتاين ممسحةً بالية .
كانت الصدمة و كان الهول الأعظم بالوصول يوماً الى حاجز فولاذي يسدّ طريقي و يعلن عن فشل مبادرتي فشلاً ذريعاً ، أي الحصول على ذات النتيجة .
إعتقدت بأن الأمر مضى و إنقضى و انتهى عند ذاك الحدّ و كل ما في الأمر أنني لم استطع هزيمة آينشتاين ، و لكن هيهااات .
فمنذ ذلك الحين و الرجل لا يدعني و شأني و يبدو أنه مصرّ على الإنتقام مني و القضاء عليّ .
ففي كلّ يومٍ و ليلة و ما أن تغفو عيناي يزورني في أحلامي مقهقهاً بصوت عالٍ و مردداً واصفاً إيّاي بأوصاف الغبيّ و الأحمق حتى ساعات الفجر .
فهل من أحدٍ يرأف بحالي و ينقذني من كابوس آينشتاين ، فنطلق مبادرة ثالثة تثأر منه و تأتي بنتائج مختلفة .
.
دمتم في الحفظ و الرعاية
ألمانيا ١٢. ١ . ٢٠١٩