كوردستريت || الصحافة
تناولت مجلة “فورين بوليسي” أزمة السودان الأخيرة، والاشتباكات الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مشيرةً إلى أنّ السياسات الأميركية هي التي مهّدت الطريق للحرب في السودان، عبر إصرار واشنطن أنّ “هناك فرصة حقيقة لمتابعة العمل لانتقال البلد إلى قيادة مدنية”.
ورأت المجلة أنّ “الجهد المضلّل” هو الذي أدى إلى دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة السودانية وإلى بدء “صراع مأساوي”، ولكن يمكن التنبؤ به.
كذلك، أضافت المجلة أنّ القتال بدأ في السودان في 15 نيسان/أبريل، بعد سنوات من التوتر بين “سماسرة السلطة” في البلاد: الجنرال عبد الفتاح البرهان، الزعيم الفعلي للبلاد ورئيس القوات المسلحة السودانية من جهة، والجنرال محمد حمدان دقلو، المعروف على نطاق واسع باسم “حميدتي”، الذي يقود قوات الدعم السريع شبه العسكرية، حيث بدأت معارك الشوارع الجارية في العاصمة الخرطوم، وانتشرت في جميع أنحاء البلاد.
ويواجه السودان انهياراً شبيهاً بانهيار اليمن، وفق “فورين بوليسي”، حيث شنّ الجيش السوداني حملة قصف مكثفة في الخرطوم، وقد يصبح قريباً اليد العليا في الخرطوم بفضل قوته الجوية المتفوقة، إذ وفق المجلة، فإن سلاح الجو عنصر حاسم في حروب السودان، بدءاً من عام 2003، عندما قاتلت قوات الجيش، الجنجويد (ميليشيات عربية تركب الخيول)، خلال الحرب في دارفور.
ووفق المجلة، فإنّ القوة الجوية السودانية، هي السبب في أنّ عمليات قوات الدعم السريع في الساعات الأولى من الصراع ركزت على السيطرة على المطارات في جميع أنحاء البلاد، حتى يتم إيقاف العمليات الجوية للقوات المسلحة السودانية.
وتابعت: “لقد نجحت جزئياً فقط”. ومع ذلك، قد يستغرق الأمر أسابيع لطرد قوات الدعم السريع من المباني السكنية في الخرطوم التي حوّلوها إلى منشآت عسكرية.
في الوقت نفسه، سيكون من الصعب هزيمة قوات الدعم السريع في وطنهم القبلي دارفور، ولا سيما أن قدرتهم على تعبئة الجنود من تشاد المجاورة عالية جداً. ويبدو أنّ انزلاق السودان إلى حرب أهلية واسعة النطاق بات أكثر احتمالاً كل ساعة.
واعتبرت المجلة أن الأمور قد تخرج من حرب أهلية إلى صراع يمتص المنطقة بأكملها وبعض القوى العالمية، حيث اعتقلت قوات الدعم السريع الجنود المصريين الذين كانوا يتدربون مع القوات المسلحة السودانية في الساعات الأولى من الصراع، قبل أن يعودوا إلى بلدهم.
ويخشى دبلوماسيون من أنّ القاهرة قد تستعد لدعم القوات المسلحة السودانية. وهناك تقارير عن تعبئة قبلية على طول حدود تشاد والسودان، الموطن التقليدي لحميدتي.
واعتبرت المجلة الأميركية، أن الولايات المتحدة مع حلفائها في الغرب قد تكون القوى الوحيدة التي لديها قدرة محدودة على تشكيل الأحداث في السودان.
وفي محاولة لمنع التوقعات القاتمة لتفكك الدولة في السودان، تعمل الحكومة الأميركية مع الدول العربية – وتحديداً مصر والسعودية والإمارات – لكن، هؤلاء، حلفاء واشنطن، هم على طرفي نقيض في السودان، وفق المجلة.
ومع ذلك، ووفق دبلوماسيين غربيين، صرّحوا للمجلة، فهم يفهمون أنّ العودة إلى الوضع الراهن قبل 15 نيسان/أبريل أصبحت “غير مرجحة” بشكل متزايد مع استمرار القتال.
ورأت المجلة أنه إذا كانت هناك لحظة فقد فيها الأمل في الديمقراطية في السودان، فقد كان ذلك عندما تمّ الاتفاق على هذا الدستور الانتقالي، وسُمح للجيش بإدارة البلاد في الجزء الأول من الانتقال.
واعتبرت المجلة الأميركية أن “أعظم مثال على الأوهام الأميركية” هو إصرار واشنطن على وصف انتقال السودان بأنه “بقيادة مدنية”، مشيرةً إلى أنه لم يكن هناك ما يشير إلى انتقال السودان بقيادة مدنية، إذ نصّ الدستور الانتقالي عام 2019 على أنّ الجيش سيقود الأشهر الـ 21 الأولى من المرحلة الانتقالية، يليه المدنيون للأشهر 18 المقبلة.
وحتى الآن يبدو أنّ الولايات المتحدة ليست جاهزة بعد لإدارة التحول في البلاد، عبر الأوهام التي روجت لها، وفق “فورين بوليسي”، فمنذ بداية الأحداث في 15 نيسان/أبريل، كرر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الوهم الأميركي القائل بأن “هناك فرصة حقيقة لمتابعة العمل بانتقال بقيادة مدنية”.
وفي وقت سابق أمس الخميس، قالت “فورين بوليسي” إنّ الولايات المتحدة تستعد لفرض عقوبات جديدة على القوات السودانية المتحاربة، وفقاً لأربعة مسؤولين حاليين وسابقين مطلعين على الأمر.
وفي آذار/مارس الماضي، اتفق الأطراف السياسيّون السودانيون، على تشكيل حكومة انتقالية جديدة في 11 نيسان/أبريل الجاري، وذلك وفقاً للمتحدث باسم الموقّعين على التسوية السياسية خالد عمر يوسف.
وجاء تشكيل حكومة جديدة في أعقاب انقلاب تشرين الأول/أكتوبر في العام 2021، نتيجة للمحادثات الغربية والخليجية والأمم المتحدة.
وكالات