كوردستريت|| الصحافة .
.
في مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، يعد القادة الأوروبيون بدعم الاقتصاد “مهما كلّف ذلك”، لكن استحداث النقود الذي يكمن وراء هذا الالتزام قد يؤدي إلى تضخم قد تصعب السيطرة عليه، وفق ما يذكره تقرير في صحيفة لوموند الفرنسية.
ويقول كاتب العمود ستيفان لوير إنه لم يتخيل أحد أن عبارة “مهما كلّف ذلك” التي استخدمها رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي في 26 يوليو/تموز 2012، في خضم أزمة اليورو عندما قال إن البنك سيبذل كل ما بوسعه لإنقاذ العملة الموحدة؛ سيكون لها صدى لدى الأجيال القادمة.
وفي الوقت الحالي، من كريستين لاغارد -خليفة دراجي- إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مرورا برئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، يكرر قادة العالم في مناسبات عديدة هذه الكلمات، التي من المفترض أن تُجنب الاقتصاد العالمي المصير السيئ الذي سيحل به بسبب الفيروس التاجي.
وعلى المدى القصير، تهدف عبارات مماثلة إلى الطمأنة، لكن بمجرد انتهاء هذه الأزمة يجب -عاجلا أو آجلا- التساؤل عما سيعنيه هذا التعاطف المفاجئ من قبل المؤسسات النقدية أو الحكومية للمواطنين الأوروبيين.
ويشرح الكاتب أن عبارة “مهما كلف ذلك” تعني تدفق الآلاف من مليارات اليورو، التي من المفترض أن تحيي نشاطا اقتصاديا متراجعا.
وبينما تعد الدول بتجاوز الحواجز المالية للتعويض، والإنقاذ، والإقراض، والإعفاء؛ تبدو البنوك المركزية كما لو أنها المقرِض الوحيد، عبر استرداد الديون العامة، وحتى الخاصة؛ في محاولة للحفاظ على أدنى أسعار فائدة ممكنة. إلا أن الفجوة بين السياستين النقدية والمالية أكبر من أي وقت مضى، كما يرى الكاتب.
وبيّن الكاتب أنه تماما مثل رعاية مريض مصاب بالفيروس التاجي، فإن الأمر يتعلق بوضع الاقتصاد تحت التنفس الاصطناعي، في الوقت الذي تبدأ فيه الأزمة الصحية التحسن.
وتكمن المشكلة في أنه لا يُعرف في هذه المرحلة إلى متى ستستمر الأزمة الصحية، ولا إذا كان الانتعاش المتبع كافيا للتخلص من كل “ديون كورونا”. صدقا، ليس هذا وقت التفاؤل، كما يقول الكاتب.
وقد يتساءل الجميع -حسب الكاتب- عن مصدر هذه الأموال، في الوقت الذي كان يكرر فيه القادة الأوروبيون عبارتين اثنتين منذ أسابيع قليلة، وهما خفض العجز، وخفض الإنفاق العام.
يعتقد بعض الأيديولوجيين الساذجين بأن الوقائع أثبتت أنهم على حق، ففي نهاية المطاف لن يتم سداد هذه الديون؛ لذلك كان من الممكن تحقيق الاستفادة على أصعدة عديدة: من فوائد اجتماعية سخية، ونظام صحي فعال، وخدمة عامة جيّدة، ووسائل للانتقال الإيكولوجي، وضرائب أقل.
لكن الحقيقة ليست كذلك؛ ففي غضون أيام قليلة، تغيّر وضع الاقتصاد العالمي، فقد أصبح من المقبول الآن إنتاج المال في أي وقت تقريبا لتجنب تفجير نظام تمكن مجرد فيروس من إلحاق الضرر به.
وقال الكاتب إن السيولة التي ستغرق الكوكب، فضلا عن انهيار الإنتاج؛ سيُسقطان القيمة والقدرة الشرائية للمال بشكل آلي. فلم يعد المال مرتبطا بخلق ثروة ملموسة، ولكنه يُطبع وفقا لاحتياجات إنقاذ الأفراد والشركات والدول، المثقلة بالديون بالفعل.
وتابع الكاتب “سنكون قريبا جدًا أغنياء بديوننا مثلما كانت إسبانيا في القرن 16، ثرية بذهبها الذي حصلت عليه من العالم الجديد”.
ويزيد الكاتب “قد يفاجأ الخبراء بالعودة المدوية للتضخم، بمجرد أن يقع توزيع الكثير من الأموال مقارنة بالثروة المنتجة”. وتساءل الكاتب: “هل سيكون رفع الضرائب وزيادة ساعات العمل كافيا؟”
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن المرء يميل إلى التساؤل بسذاجة: “كم سيكون المبلغ الذي سيدفع لمواجهة كورونا؟” لكن السؤال الجيد الذي سيفرض نفسه قريبا: “من سيدفع؟” بشكل عام، الشخص الذي سيطرح هذا السؤال هو من سيدفع.