كوردستريت|| وكالات
أعلنت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، الخميس، أن “الضربتين الإسرائيليتين على صحفيين بجنوب لبنان مؤخرا، هما هجومان متعمدان على مدنيين، يستدعيان تحقيقاً (قضائيا) حول حدوث جريمة حرب”.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك مع منظمة العفو الدولية في بيروت للكشف عن نتائج تحقيقين منفصلين أجرتهما المنظمتان حول هجوم إسرائيلي على مجموعة صحفيين جنوب لبنان في 13 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أسفر عن استشهاد الصحفي من وكالة رويترز عصام العبدالله، وإصابة ستة آخرين.
وذكرت رايتس ووتش، في بيان خلال المؤتمر، أنّ “الضربتين الإسرائيليتين على صحفيين بجنوب لبنان هما هجومان متعمّدان على مدنيين، ما يشكل جريمة حرب”.
وأشارت إلى أنّ “الجيش الإسرائيلي كان يعلم أو ينبغي له أن يعلم أنه يطلق النار على مدنيين”.
ودعت المنظمة حلفاء إسرائيل الرئيسيين – الولايات المتحدة، وبريطانيا، وكندا، وألمانيا – إلى “تعليق المساعدات العسكرية ومبيعات الأسلحة لإسرائيل نظرا لخطر استخدامها في ارتكاب انتهاكات جسيمة”.
وقال رمزي قيس، باحث لبناني في “هيومن رايتس ووتش”: “هذه ليست المرة الأولى التي يفترض فيها أن القوات الإسرائيلية هاجمت صحفيين عمدا وتسببت بالقتل والدمار”.
وطالب بضرورة “محاسبة المسؤولين والإعلان بوضوح أن الصحفيين وغيرهم من المدنيين ليسوا أهدافا مشروعة”.
من جانبها، أشارت آية مجذوب، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية ” إلى أنّ “الضربتين الإسرائيليتين على صحفيين في جنوب لبنان يرجح أن تكونا هجومين مباشرين على مدنيين”.
وأوضحت أنّه “يجب التحقيق في استهداف الصحفيين في 13 أكتوبر في لبنان باعتباره جريمة حرب”.
وتابعت “يجب إجراء تحقيق مستقل ونزيه ولا يمكن السماح لإسرائيل بقتل الصحفيين والإفلات من العقاب””.
ولفتت الى القانون الإنساني الدولي يحظر بشكل تام الهجمات المباشرة على المدنيين والهجمات التي تُشن بلا تمييز ويمكن أن ترقى إلى جرائم حرب”
وأكدت: “لم نجد أي مؤشر على وجود مقاتلين أو أهداف عسكرية في الموقع الذي حدثت فيه الضربات بجنوب لبنان”.
وشددت على انه “لا يمكن السماح لإسرائيل بقتل الصحفيين ومهاجمتهم، ثم الإفلات من العقاب. يجب إجراء تحقيق مستقل ونزيه في هذا الهجوم القاتل”.
واشارت إلى أن “القذيفة التي قتلت مصور رويترز عصام عبدالله أُطلقت من موقع إسرائيلي، وهي من صنع شركة “آي ام آي سيستمز” الإسرائيلية”.
من جهة ثانية، خلص تحقيق أجرته وكالة رويترز ونُشرت نتائجه الخميس، إلى أن نيران دبابة إسرائيلية قتلت أحد صحافييها وجرحت آخرين بينهم مصوران في فرانس برس في جنوب لبنان قبل زهاء شهرين.
وفي 13 تشرين الأول/أكتوبر، طالت ضربتان مجموعة صحافيين كانوا يتواجدون عند أطراف بلدة علما الشعب لتغطية تصعيد عسكري بين الجيش الإسرائيلي ومجموعات مسلحة أبرزها حزب الله.
وقُتل في القصف حينها مصوّر وكالة رويترز عصام عبدالله (37 عاماً)، وأصيب الصحافيون الستة الآخرون الذين كانوا معه وبينهم مصورا فرانس برس كريستينا عاصي (28 عاماً) التي بترت ساقها اليمنى، وديلان كولينز (35 عاما)، ومصورا رويترز ثائر السوداني وماهر نزيه، إلى جانب مراسلة قناة الجزيرة كارمن جوخدار وزميلها المصور إيلي براخيا.
وعلى غرار فرانس برس، أجرت رويترز تحقيقاً متعمقاً، استناداً إلى أدلة جمعتها من شهادات، تحليل تسجيلات فيديو، وصور أقمار اصطناعية، إضافة إلى شظايا وجدت في الموقع.
تلك الشظايا حللها لصالح وكالة رويترز، مختبر “المنظمة الهولندية للبحث العلمي التطبيقي” (تي أن أو)، وهو معهد مستقل متخصص في تحليل الذخائر والأسلحة والذي تعد وزارة الدفاع الهولندية من بين عملائه.
وبحسب “تي أن أو” فإن إحدى الشظايا المعدنية التي عثر عليها في الموقع، هي زعنفة قذيفة دبابة إسرائيلية من عيار 120 ملم.
ويحدّد التحقيق الذي أجرته وكالة فرانس برس ونُشر في وقت سابق الخميس، نوع الذخيرة نفسه.
كما أجرت “تي أن أو” تحليلات صوتية للضربتين اللتين استهدفتا المجموعة الصحافية، بناء على فيديو البث الحيّ لقناة الجزيرة حينها، بالإضافة إلى مقطع فيديو من قناة “راي” الإيطالية يظهر لحظة إطلاق النار في الضربة الثانية.
ووفقاً لتلك التحليلات، فإن الضربتين المتتاليتين أطلقتا من مسافة 1,3 كلم من الصحافيين. وكانت البصمتان الصوتيتان الخاصة بالضربتين متطابقتان، ما يدل على أنهما قذيفتا دبابة أطلقتا من الموقع نفسه.
ويعتقد خبراء “تي أن أو” أن الضربتين أطلقتا من موقع عسكري في قرية الجرداخ الإسرائيلية، غير البعيدة عن الخط الأزرق الذي رسّمته الأمم المتحدة بين إسرائيل ولبنان عام 2000، ما يتطابق مع استنتاجات تحقيق فرانس برس.
ونقل تحقيق رويترز عن مديرة الأخبار في الوكالة أليساندرا غالوني قولها إن “الأدلة التي ننشرها اليوم تظهر أن طاقم دبابة إسرائيلية قتل زميلنا عصام عبد الله”.
وأضافت “ندعو إسرائيل إلى توضيح كيفية حدوث ذلك، ومحاسبة المسؤولين عن مقتله (عبدالله) وإصابة مراسلة وكالة فرانس برس كريستينا عاصي وزملائنا ثائر السوداني وماهر نزيه وثلاثة صحافيين آخرين”.
ومنذ 7 أكتوبر الماضي يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على قطاع غزة، خلّفت حتى مساء الثلاثاء 16 ألفا و248 شهيدا، بينهم 7112 طفلا و4885 امرأة، بالإضافة إلى 43 ألفا و616 جريحا، فضلا عن دمار هائل في البنية التحتية و”كارثة إنسانية غير مسبوقة”، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.
وتخطى عدد قتلى الصحفيين جراء الهجمات الإسرائيلية على مدى شهرين، حصيلة قتلاهم خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945) التي راح ضحيتها عشرات الملايين وتوصف بالحرب الأكثر دموية في التاريخ الحديث، بحسب إحصاء مؤسسات معنية رصدته الأناضول.
الاناضول- رويترز