كوردستريت || الصحافة
نشرت صحيفة ديلي تليغراف مقالا كتبه كون كوغلين، محرر شؤون الدفاع بالصحيفة، بعنوان “حلم بوتين الإمبراطوري ينهار أمام أعيننا”.
يركز المقال على التطورات العسكرية الأخيرة في الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، والتي حققت فيها الأخيرة تقدما باستعادة عدة بلدات في منطقة خاركيف، التي كانت تحت سيطرة القوات الروسية.
يعتبر كوغلين أن الغزو الروسي لا يسير وفق ما كان مخططا له، وعلامة ذلك “أن يقر المسؤولون الروس بأنهم عانوا من هزيمة كبرى خلال الهجوم الأوكراني الأخير”.
دأبت روسيا عند مواجهة أي انتكاسة كبيرة طوال هذا الصراع على الانغماس في التكتم، وحدث ذلك عند تدمير أوكرانيا للسفينة الحربية الروسية الرائدة في أسطول البحر الأسود (موسكفا)، وبدلاً من الاعتراف بأن السفينة الحربية غرقت بسبب الضربات الصاروخية (الأوكرانية)، حاولت موسكو إقناع الجمهور الروسي بأن انفجارًا غامضًا على متنها هو السبب، حسبما يرى كوغلين.
ويعتبر الكاتب أن اعتراف المعلقين الروس بسهولة بأن الأوكرانيين حققوا “نصرا مهما”، من خلال هجومهم الدراماتيكي على الجبهة الشمالية لروسيا، يشير إلى أنه “على الرغم من كل مغامرات الكرملين، فإن مغامرة بوتين العسكرية في أوكرانيا في ورطة حقيقية”.
ووفقًا لآخر التقييمات العسكرية، فإن سعي أوكرانيا للاستيلاء على العديد من المعاقل الاستراتيجية حول مدينة خاركيف الشمالية الشرقية قد أسفر عن استعادة عشرات البلدات والقرى القريبة، والتي تعادل مساحة مقاطعة لانكشاير البريطانية.
“سوف يشكل ذلك أسوأ هزيمة لروسيا منذ مارس، عندما اضطرت موسكو للتخلي عن محاولاتها للاستيلاء على العاصمة كييف”.
الهجوم المفاجئ، الذي بدأ قبل ستة أيام، يمكن أن يكون له تداعيات كارثية محتملة على القوات الروسية، حيث يعني الاختراق أن الأوكرانيين الآن في وضع يسمح لهم بتهديد خطوط الإمداد الحيوية لروسيا، وفق الكاتب.
ويعتبر كوغلين أن الاستيلاء على بلدة كوبيانسك المهمة استراتيجيًا بمثابة نكسة كبيرة للقوات الروسية، لأن هذه البلدة مستودع الإمداد الرئيسي لعشرات الآلاف من القوات الروسية العاملة في منطقة خاركيف، ويعني الاستيلاء عليها أن ما يصل إلى 15000 جندي روسي محاصرون بالكامل الآن، دون الوصول إلى الإمدادات العسكرية.
واستشهد الكاتب باعتراف مسؤولين موالين لروسيا بالمكاسب العسكرية التي حققتها أوكرانيا، ومن هؤلاء فيتالي غانشيف، المسؤول المعين من قبل روسيا والمقيم في المنطقة، الذي أقر بأن “أوكرانيا حققت ما وصفه بـ(نصر كبير)، بينما دعا المسؤولون الإقليميون الذين نصبهم الروس المدنيين إلى إخلاء مدينة إيزيوم القريبة”.
“حتى موسكو تعترف بأن خطها الأمامي في منطقة خاركيف قد انهار، على الرغم من أن مسؤولي الدفاع الروس يصرون على أن هذا مجرد انسحاب تكتيكي، سيمكن قواتهم من إعادة تجميع صفوفهم وشن هجوم مضاد”.
لكن طوابير الدبابات والأسلحة الروسية الثقيلة، التي تناثرت في الأراضي التي تمت استعادتها، تشير إلى أن “كفة الصراع قد مالت الآن بشكل حاسم لصالح كييف”.
واعتبر كوغلين أن هذا الاختراق يشير إلى أن الجيش الأوكراني، وبعيدا عن كونه القوة الأضعف في الصراع، قد أثبت أنه لديه الخبرة والموارد لإحداث تأثير حاسم في ساحة المعركة، ضد ما يُفترض أن يكون قوة روسية متفوقة بشكل كبير، سواء من حيث المعدات أو القوة البشرية.
كما استفاد المجهود الحربي الأوكراني بشكل كبير من الدعم العسكري الذي تلقته كييف من دول الناتو مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، و”على النقيض من ذلك، يبدو الجيش الروسي محبطًا وغير قادر على حشد رد فعال ضد الهجوم الأوكراني، وهو وضع لا يبشر بالخير بالنسبة لحلم بوتين بإعادة توحيد أوكرانيا مع روسيا الأم”.
واختتم الكاتب “إذا تمكن الأوكرانيون من الحفاظ على المكاسب العسكرية الرائعة، التي حققوها خلال الأيام القليلة الماضية، فسيجد بوتين نفسه قريبًا مُحدّقا في هاوية هزيمة كارثية”. (بي بي سي)