KOMELA ABORÎNASÊN KURD – SÛRÎ
جوانا أحمد
عضوة جمعية الاقتصاديين الكُرد- سوريا
تُعرَّف هجرة الكفاءات العلمية بأنَّه انتقال الموارد البشرية التي تمتلك المعرفة والمهارات التقنية والفنية من دولها الأصلية إلى الدول الأخرى التي غالباً ما تكون متقدمة، بسبب ما تواجهه هذه الموارد من صعوبات في دولها مثل الحروب، أو النزاعات المسلحة، أو عدم الاستقرار السياسي، أو البطالة ….الخ.
وتعتبرُ ظاهرة هجرة الكفاءات العلمية وخبراتها الفنية من الداخل إلى الخارج من أخطر ما تعاني منه الدول، حيثُ تشكل هذه الهجرة مظهراً من مظاهر الخلل الاجتماعي والثقافي والمهني والتعليمي وتقف حاجزاً في طريق التنمية الاقتصادية. حيث تؤكد النظرية الاقتصادية ونظريات التنمية على دور رأس المال البشري في النمو الطويل الأمد والمستدام، فبدأ ناقوس الخطر يدق بقوة محذراً من الآثار السلبية لاستمرار هذه الهجرات، حيث أشتد نزيف هجرة الكفاءات السورية وبلغت أوجها خلال الثورة السورية. فعدم الاستقرار بأشكاله كافةً (السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، والأمني) كان من أهم الدوافع التي دفعت إلى هجرة هذه الكفاءات نحو الخارج، حيث بدأت هذه الكفاءات بالشعور بالغربة في وطنهم فاضطروا إلى السفر سعياً وراء ظروف أكثر حرية وأكثر استقراراً.
وإذا ما أخذنا المجتمع الكُردي في سوريا كنموذج للهجرة نلاحظ ارتفاع هجرة الكُرد بشكل عام، وهجرة الكفاءات بشكلِ خاص (الأطباء والمهندسين، والعلماء، …الخ) مقارنة بإجمالي عدد سكان سوريا وذلك نتيجة جملة من الأسباب (السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية) التي أثقلت كاهل الشعب الكُردي في سورية.
ويعزو أسباب هجرة الكفاءات العلمية وخبراتها الفنية من الداخل إلى الخارج ذلك إلى جملة من الامور أهمها:
1-عدم توفير الظروف المادية والاجتماعية التي تؤمن المستوى المناسب لهم للعيش في سوريا.
2-البيروقراطية والفساد الإداري.
3-عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني، وتهميش الباحث.
4- حالة الركود في تطور القوى المنتجة.
5- فتح التكنولوجيا الحديثة في الخارج أفاقا جديدة للأدمغة.
وبالتالي فما هي الخسائر التي تكبدها الاقتصاد والمجتمع الكردي خاصةً والسوري بشكل عام نتيجة تلك الهجرات؟ تساؤل بات يحير الكثيرين الذين يحاولون الحصول على إجابة واضحة عنها.
ونتيجة غياب البيانات الإحصائية بالنسبة لسورية في هذا المجال تم الاعتماد على البيانات الصادرة عن جهات أخرى، فوفق التقرير الإقليمي لهجرة العمل العربية الصادر عن جامعة الدول العربية عام 2009 وحسب مؤشر المعرفة العالمي جاءت سورية في مقدمة الدول العربية الطاردة للكفاءات (سورية، ولبنان، ومصر، والمغرب، وتونس). حيث نالت المؤشر 2,3 في سلم قياس العوامل الطاردة (المؤشر متدرج من: 1 إلى 7 حيثُ: 1 سيء، 7 جيد) أي كلما تصاعد المؤشر كلما كانت الدولة ذات نتائج أفضل عن طريق تكوين رأس مال بشري من خلال الاحتفاظ وجذب قوة العمل المؤهلة. وهذا ما أكدته إحصاءات أوردها تقرير لمؤسسة الفكر العربي في شباط 2013 اعتماداً على بيانات سابقة لمنظمة العمل العربية حيث تشير هذه الاحصاءات إلى أنَّ حوالي 100 ألف من العلماء والمهندسين والخبرات يهاجرون سنوياً من 8 دول عربية وعلى رأسها سورية. وأنَّ 70% من العلماء المهاجرين لا يعودون إلى دولهم بينما تصل نسبة الهجرة الدائمة للطلاب الحاصلين على منح دراسية للخارج حوالي 54% من إجمالي المبعوثين. وفي عام 2013 جاء ترتيب سورية 116 في سلم التنمية الشاملة، حيث كان معدل تغيير الترتيب بين عامي 2011 و 2013 هو (3) وكان مؤشر التنمية عام 2013 هو (0,648) بينما كان معدل تغيير مؤشر التنمية بين عامي 2011 و 2013 هو (0,002) وذلك حسب تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية عام 2013. وحسب تقديرات World Fact Book تأتي سورية من حيث تراكم هجرة الكفاءات بالترتيب 219 من 221 دولة. من خلال هذ الاحصاءات يمكن الاستنتاج بأنَّ سورية فعلاً هي دولة طاردة للكفاءات سواء قبل الثورة أو خلالها. أما من جانب تأثير هذه الهجرات على التنمية فحيث تعتبر التكاليف التي تحملتها الدولة في الاستثمار والإنفاق على النظام التعليمي، وبالتالي تكلفة إعداد كل فرد من خريجي النظام التعليمي السوري، جزءاً من التكلفة وهو أقلها بالمقارنة مع فقدان الفرص البديلة التي تتسبب هجرتهم بها. فتطور النظرية الاقتصادية، في السنوات الأخيرة، أدخل التطور التكنولوجي في دالة الإنتاج كمتغير داخلي، بعد أن كان يعتبر متغيراً خارجياً وقد أصبح جزءاً من متغير رأس المال وقوة العمل فالتغير في رصيد رأس المال يرتبط بالادخار والإهتلاك والزيادة في قوة العمل، وفي حال ثبات عاملي الادخار والإهتلاك فإنَّ التغير في قوة العمل، سوف ينعكس بتغير حصة الفرد في قوة العمل من رصيد رأس المال، وهو الذي يحكم الإنتاجية والناتج الكلي في نهاية المطاف، وفق دالة الإنتاج هذه يحمل كل عامل معه حصة من رأس المال، وهو عند خروجه من حلقة الإنتاج يخرج تلك النسبة معه، وهو في حالة الهجرة يقدمها للدولة المضيفة، وقد تبين من خلال الدراسات التي تمت على الاقتصادات المستقبلة للهجرة ” توصل التحليل الإحصائي لبيانات 15 دولة أوروبية للفترة (1991- 1995) إن زيادة تعادل %1 من سكان تلك البلدان ناجمة عن الهجرة، تؤدي إلى زيادة في الناتج المحلي الإجمالي تتراوح بين 1.25 و 1.5 %. أما بالنسبة للدول المصدرة للعمالة الماهرة فإنَّ الفاقد سيكون أكبر من ذلك نتيجة أنَّ وسطي سنوات التعلم بالنسبة لتلك الفئة من المهاجرين تفوق بدرجة كبيرة وسطي سنوات التعلم للعاملين في الاقتصاد الوطني، أي أنَّ حصتهم من رأس المال تكون أكبر من الوسطي الوطني، وهذه الحصة لم ترفد الاقتصاد الوطني، وحرم من التراكم في رأس المال الإنتاجي (رأس المال وقوة العمل)، يحتاج تقدير تلك الخسائر بالنسبة للاقتصاد السوري، بيانات دقيقة.
فحسب تقرير اليونسكو تقع سورية ضمن مجموعة الدول الراكدة أو المهمشة علمياً وتحتل المرتبة 25 من 26 دولة في مجال البحث العلمي. وتحتل سورية نتيجة ذلك مرتبة متدنية في ترتيب التنافسية العالمية، وفي مجال الصادرات عالية التقانة، ويحرمها هذا الوضع من إمكانات تطوير التعليم والإدارة ويضعف قدرتها الاستيعابية لعملية نقل التكنولوجيا بالإضافة إلى إضعاف القدرة الإنتاجية بشكل عام، وينعكس ذلك بضعف جذبها للاستثمار الأجنبي المنتج.
جمعية الاقتصاديين الكُرد- سوريا
Komeleyeke zanistî, di karûbarên
aborî de şareza ye, li herêma Kurdî
جمعية علمية مختصة بالشؤون الاقتصادية
في المنطقة الكُردية
***************************************************************************
البريد الالكتروني:
صفحة الفيسبوك:
https://www.facebook.com/Komela.Aborinasen.Kurd.li.Suri2006?ref=hl