بين دايتون وجنيف ماصنع الحداد دايتون 1/11/1995 جنيف 22/1/2014 دايتون لماذا .؟ ففي 1991 بدات يوغوسلافيا بالانقسام، حيث أعلنت كل من كرواتيا وسلوفينيا استقلالهما وبعد سنة واحدة أراد شعب البوسنة والهرسك إجراء خطوات مشابهه وصوت على الاستقلال من جمهورية يوغسلافيا، وكانت نتيجة التصويت 99% لصالح الاستقلال عن جمهورية يوغسلافيا، الأمر الذي أغضب جمهورية صربيا، وبعد نتيجة الاستفتاء بدأ الصرب بمساندة الجيش اليوغوسلافي القومي حملة تطهير عرقي ضد كل من لم يكن صربياً. نتج عن هذا إبادة جماعية تعد الأسوأ في تاريخ أوروبا منذ اندلاع الحرب العالمية الثانية، ووفقا لمحكمة الجنايات الدولية فقد راح ضحيه هذه الحرب نحو 104.732 شخصًا، منهم 68.101 مسلم، كما نتج عنها نزوح أكثر من مليوني شخص، وهو ما يعادل نصف السكان. واتجه 700 ألف منهم إلي دول أوروبية، وما تزال نسبة كبيرة منهم في الخارج حتى الآن، وبعد انتهاء الحرب جرت محاولات وطنية ودولية لتعزيز استقرار البلاد ووقف نزيف الدم، وبناء مؤسسات الدولة وانتهى الأمر باتفاقية «دايتون» وقد عقدت الجلسات التفاوضية لإتمام هذه الاتفاقية في قاعدة رايت بيترسن الجوية قرب مدينة دايتون الأمريكية، ومن اسم القاعدة اكتسبت الاتفاقية اسمها. عندما تعاظمت قوة المجاهدين خلال الحرب في البوسنة والهرسك ما بين عامي 1993 و 1995 هرعت الولايات المتحدة وأوروبا لصياغة اتفاق دايتون للسلام هناك .. بعد أن كانوا متفرجين على مدى 3 سنوات لفظائع الصرب في البوسنة استمرت الجلسات التفاوضية من أول نوفمبر 1995 وانتهت في اليوم 21 نوفمبر 1995 حيث أقرتها كل الأطراف وبمقتضاها تم وضع حد للحرب الدائرة على مدار ثلاث سنوات في منطقة البلقان، وقد ترأس الوفود المشاركة كل من سلوبودان ميلوسيفيتش من الجانب الصربي، وفرانيو تودمان من الجانب الكرواتي وعلي عزت بيجوفيتش من الجانب البوسني. هندس الاتفاقية الدبلوماسي الأمريكي هولبروك وتم الاتفاق عليها بمدينة أمريكية اسمها دايتون .. طبعا قسمت البوسنة إلى قسمين بوسني مسلم مع كرواتي وصربي ، ووضعتها تحت حكم مجلس رئاسي من 3 رؤساء: بوسني مسلم وكرواتي كاثوليكي وصربي أرذوذكسي … وأهم عمل أنجزه اتفاق دايتون ضرب الجهاد الاسلامي في البوسنة بعد أن كاد المجاهدون أن ينتصروا هناك وأثاروا رعب أوروبا من المد الجهادي الإسلامي حينها . واضطر المجتمع الدولي للتدخل عسكريا لفرض اتفاقية السلام بالقوة ومن خارج مجلس الامن و واعتقال واقتياد ميلوفيتش الى المحكمة الجنائية الدولية جنيف 22/1/2014 لماذا؟؟؟ في 15/3/2011 ثار الشعب السوري متاثرا بثورات الربيع العربي ضد الديكتاتورية ،والاستبداد طامحا بالحرية، والديمقراطية لسوريا، وبمظاهرات سلمية شبابية بعيدة جدا عن العنف، وكانت شعاراتها ايجاد هامش من الديمقراطية والاصلاح السياسي والاقتصادي ،وجوبهت باعتقال اطفال درعا الذي كان سلاحهم الوحيد علبة طباشير كتبوا على جدران مدرستهم (جاك الدور يادكتور – يلا ارحل يابشار ) ،وبدا الهيجان المسعور للطغاة وازلامهم باطلاق الرصاص على الشبان السلميين المتظاهرين المطالبين بالافراج عن اطفالهم وفلذة اكبادهم ، وسرعان ما انتقل القتل ، وكسرعة البرق ليشمل كل السوريين من درعا في الجنوب الى القامشلي في الشمال الشرقي، وسرعان ما اشتعلت الثورة السلمية لتشمل كل الفئات العمرية، وكل المحافظات السورية لتصل الى اكثر من 400 الف متظاهر في شوارع حماة قابلها النظام باستخدام كل قواته العسكرية ،ومختلف صنوف اسلحته لاخماد ثورة السوريين ،وبالوقت نفسه تزايد عدد الضباط الذين القو السلاح واعلنوا انشقاقهم عن المؤسسة العسكرية التي اصبحت لاوطنية لقتلها ابناء الوطن ودافعي قيم السلاح الذي يحملونه، مما اضطر هؤلاء الضباط وبالتنسيق مع للشباب لاعادة ترتيب انفسهم وحمل السلاح للدفاع عن اهلهم واعراضهم التي انتهكتها الالة الطائفية التي سعرها النظام لتنهش في احشاء النساء والاطفال بمجازر تقشعر لها الانسانية جمعاء ،وعلى مدى اكثر من عامين من الكفاح المسلح والمقاومة الشعبية السورية وامتداد الرقعة الجغرافية التي طردت منهاالقوات الطائفية الموالية للنظام وتحريرها كاملا .وتتدخل الامم المتحدة وجامعة الدول العربية بارسال موفد الى سوريا ليساعد في انهاء الازمة ويصدر اعلان جنيف 1 الذي اعتمد كاملا من قبل مجلس الامن متضمنا نقاط ست ابرزها تشكيل هيئة الحكم الانتقالية التي تدير المرحلة الانتقالية ،والتي لايكون فيها اي دور للاسد وعائلته فيها وبمشاركة عناصر من النظام ممن لم تتلطخ ايديهم بدماء السوريين. ومنذ 30/6/2012 جنيف 1 الى 22/1/2014 جنيف 2 فعل الاسد بالسوريين مالم تفعله اية ديكتاتورية ونازية على مر التاريخ : وصل عدد الشهداء المسجلين رسميا اكثر من 150000 شهيد . وصل عدد المفقودين والمسجلون في عداد الشهداء اكثر من 215000 مفقود. وصل عدد المعتقلين اكثر من 250000 معتقل قتل منهم تحت التعذيب ونشرت وسائل الاعلام صور الجريمة البشعة التي ارتكبت بحقهم 11000 شهيد . بلغ عدد المباني التي دمرتها براميل الحقد الاسدية اكثر من مليون بناء . بلغ عدد المهجرين داخليا ستة ملايين مواطن سوري. بلغ عدد اللاجئين في دول الجوار ودول الاغتراب في العالم اكثر من خمسة ملايين لاجئ. بلغ عدد القرى والمدن التي تم تدميرها بالكامل اكثر من 195 قرية وبلدة استقدم النظام كل ارهابيي العالم، والمتطرفيين ودسهم في المناطق المحررة تحت تسميات اسلامية (داعش واخواتها ) لارهاب المواطنين، والتكيل بهم وارسال رسالة الى المجتمع الدولي بالاختيار بين وجوده والارهاب الدولي. و حيث قامت هذه التنظيمات الارهابية التابعة للنظام بالتنكيل بالمواطنين، والانقضاض على كتائب الجيش الحر، وبسط سيطرتها على مساحات واسعة كانت محررة من قبل الجيش الحر، مما اضطر الجيش الحر الى مواجهتهم ووضعهم في خانة التنظيمات الموالية للنظام واحد الفروع الامنية التابعة له، وحيث استجلب النظام وحلفاءه الايرانيين ميليشيات حزب الله ،والميليشيات الطائفية العراقية، والتي لولاها لسقط الاسد تحت اقدام الثوار السوريين منذ زمن بعيد . كل هذا يحصل في سوريا وشعبها ،والمجتمع الدولي منقسم الى مناصر للاسد وداعم له للعظم (روسيا ) سواء بالسلاح والمال والدعم السياسي في مجلس الامن. ومؤيد للثورة السورية ومهلل اعلاميا لتمرير مصالح واجندات خاصة . ومؤيد وداعم للثورة السورية وشعبها ماديا ومعنويا، لكنه لايملك مقومات القرار النهائي (السعودية وقطر وتركيا ). ومؤيد للثورة السورية والنظام السوري بان واحد للثورة بالعلن والاعلام، دون تقديم اي شيء يساعد على الاخلال بموازين القوى على الارض، ومساند على بقاء الاسد ونظامه من تحت الطاولة حفاظا على دوره الاقليمي في حماية امن دولة اسرائيل ،وعدم زعزعة استقرار منطقة اسرائيل ومحيطها، (امريكا )وفقط عدم الضغط الدبلوماسي والتلويح بالتدخل العسكري هو عمليا مساندة النظام على عدم السقوط واستخدام الورقة السورية لحل خلافات ،وتحقيق انجازات لملفات عالقة منذ اكثر من 35 عام (الملف الايراني ). اذا من دايتون 1995 ولغاية جنيف 2014 فعل الاسد مالم يصنعه الحداد. توقعوا شروطا في اتفاق دايتون جديدة أوخطة جديدة للمدعو الابراهيمي : أن تطالب بإلقاء السلاح من قبل كافة الأطراف .. وهنا يقصد بكافة الأطراف الجيش الحر لأن السلطة بيد الطرف الآخر والدولة لا تمنع من حمل السلاح ،،،، او تحويل مجرى المفاوضات من رحيل النظام الى محاربة الارهاب ،،،،،او تشكيل هيئة حكم انتقالية برعاية الاسد كما يطلبه الروس والايرانيين . لذلك وجب علينا الحذر من دايتون جديد في سوريا والعمل على استثماره لصالح الشعب السوري وثورته .. ومساعدة الجيش الحر بكل الإمكانات ، واعادة ماسسة الجيش الحر لبناء الجيش الوطني ،للتعجيل بحسم المعركة لصالح الثورة قبل أن تنضج الطبخة الأسدية الغربية الروسية ، والكف عن استجداء الغرب لأنهم لم يستجيبوا في البداية عندما كان تدخلهم مجديا … تاريخ اتفاق دايتون وصور الحرب في البوسنة لازالت ماثلة في الذاكرة ولم تنمح بعد … فعهدنا بها قريب … وصور شهدائنا المعتقلين والاطفال ومجازر الكيماوي ومسلسل دمار البراميل المتفجرة التي تمطر حلب وسوريا لم تصل الى حلقتها الاخيرة فاحذروا من جنيف 2 ان لاتتكرر تجربة دايتون وتطول الحرب لسنوات وسنوات .والطلب مباشرة في الجولة الثانية احالة الملف الى مجلس الامن لوضع المجتمعى الدولي، والراعين لجنيف على محك المصداقية وعدم تمرير الوقت لصالح النظام والمزيد من الشهداء وانهار الدماء . عبد العزيز التمو