ايران تبحث عن طرق قديمة وتطور اساليب جديدة للتحايل على العقوبات الاقتصادية الامريكية

حول العالم 07 أغسطس 2018 0
ايران تبحث عن طرق قديمة وتطور اساليب جديدة للتحايل على العقوبات الاقتصادية الامريكية
+ = -

ايران تبحث عن طرق قديمة وتطور اساليب جديدة للتحايل على العقوبات الاقتصادية الامريكية

كوردستريت نيوز || حول العالم

مع اقتراب الموعد المحدد من قبل الرئيس الامريكي دونالد ترامب لاعادة فرض العقوبات الاقتصادية المرتبطة بالرنامج النووي على ايران، تحاول طهران العودة الى اساليبها القديمة للتحايل على العقوبات في ظل شعور حتمي بأخفاق الاتحاد الاوروبي في توفير مظلة حماية من العقوبات الامريكية.

وبحسب تقرير لموقع حفريات نشر امس الاحد (5 ايار 2018)، فان “وتيرة البحث تسارعت في طهران مؤخرا عن طرق من أجل التحايل أو الالتفاف على العقوبات الأمريكية، وهناك شعور بحتمية إخفاق الاتحاد الأوروبي في توفير مظلة حماية، ومحفزات اقتصادية قادرة على إبقاء إيران في الاتفاق النووي، كما بدأ مسؤولون في طهران رحلة البحث في أرشيفهم عن ملفات مغلقة منذ سنتين؛ أرقام هواتف وعناوين أشخاص، وجهات لم تعد طهران تحتاجها بعد توقيع الاتفاق الكبير، وإدارات السجون تتحضر لإخراج سماسرة النفط المهرب، وعتاولة السوق السوداء؛ ممتهني التحايل على العقوبات، ولعل قرارا وشيكا بعودتهم إلى العمل سيغفر لهم تطاولهم على بضعة مليارات نهبوها من أموال الشعب”.

واضاف التقرير، انه “وبينما كبار القادة يتداولون بدائل ومقترحاتٍ وخططاً للتحايل على قوائم العقوبات الجديدة، تُهيمن حالة من التشاؤم في طهران حول مستقبل البلاد، والانفتاح الاقتصادي على الغرب، بعد خروج الكثير من الشركات الأوروبية من إيران، برغم تفعيل الاتحاد الأوروبي لقانون الإجراءات المناهضة”.

واوضح، ان من “المؤكد بأنّ العقوبات الأمريكية الجيدة ستغلق أبواباً واسعة من الإيرادات المالية، والتحويلات النقدية أمام طهران، وتعرقل حصولها على التكنولوجيا والمعدات الحديثة، لكنّ حرمان طهران من بيع النفط يبقى أخطر تداعيات عودة العقوبات؛ فهو يهدد بانهيار الاقتصاد الإيراني، وإحداث هزات اجتماعية وسياسية، قد تؤدي بدورها إلى انهيار النظام السياسي برمته في نهاية المطاف”.

تُصرُّ طهران على إبقاء أبواب الحوار مفتوحة مع “الاتحاد الأوروبي” على الرغم من التشاؤم المخيم في الأجواء، وهي تضغط -بموازاة ذلك- على الغرب عبر تهديدات تنوعت بين العودة إلى تخصيب اليورانيوم، والخروج من معاهدة حظر الانتشار النووي(NPT)، والتهديد بإغلاق مضيق هرمز، إلّا أنّ أجهزة النظام المكلفة بالتعامل مع ظروف ما بعد عودة العقوبات، تعمل ليل نهار على تفعيل أو ابتكار طرق وحيل، من أجل إبقاء أكبر قدر ممكن من المنافذ مفتوحة أمام الاقتصاد الإيراني، لبيع النفط أولاً، والتبادل النقدي مع العالم ثانياً.

وتابع ان “من المرجح أن تتوجه إيران أولاً إلى البلدان التي تظهر انزعاجا أو تمرداً على القرار الأمريكي بخصوص حظر النفط الإيراني، ومن ضمن هذه الدول يمكن الإشارة إلى الباكستان والصين والهند وتركيا، ستعرض طهران على هذه الدول إغراءات متنوعة، وتطالبها في المقابل بالضغط على الإدارة الأمريكية، والحصول على إعفاءات منها، بشأن شراء النفط الإيراني، إن لم يكن الوقوف بوجه الإدارة الأمريكية متاحا وستوفر المؤسسات الإيرانية كافة التسهيلات اللازمة أمام عمليات التحايل، وتزيل أية عراقيل قانونية تواجهها؛ هناك خبرات، وطرق، وقنوات رسمية، وغير رسمية عديدة، جاهزة للتعامل مع مثل هذه الأوضاع، سوف تستخدم طهران هذه المرة مزيجا من الأساليب القديمة (التي تمت تجربتها في الموجة السابقة من العقوبات التي امتدت بين عامي 2007 و2013)، والأساليب الجديدة التي تُتيحها التطورات التقنية والاقتصادية، وتحفزها احتياجات النظام الإيراني الجديدة، في ظل استهلاك الطرق السابقة وانكشافها”.

النفط هو المصدر الأساس للاقتصاد الإيراني الريعي، ولذلك تستهدف غالبية العقوبات الأمريكية هذا القطاع، طالبت واشنطن مختلف الدول بالتخلي تماماً عن شراء النفط الإيراني حتى مطلع تشرين الثاني 2018، ومن أجل ذلك، تبحث إيران عن طرق بديلة، لإبقاء هذه النافذة مفتوحة، كأن تقدم “عروضاً تفضيلية” مغرية للزبائن من أجل إبقاءهم داخل الدائرة.

وكانت ايران قد اتجهت طهران سابقاً نحو مثل هذه العروض التي تعني بيع النفط بأسعار أقل من السعر العالمي، وبالطبع، هناك شركات ومصاف آسيوية وأفريقية عدة، سترغب في الحصول على شحنات من النفط الأرخص. إلى جانب ذلك، وقعت إيران عقوداً مع عدة أطراف دولية، لبيع النفط بالعملات المحلية، وأبرمت عقودا لبيع النفط مقابل السلع والبضائع، أما أسلوب “اتفاقيات المقايضة” الأكثر أهمية في عمليات التحايل على العقوبات؛ فيعني بيع النفط بأسعار رخيصة إلى بلدان وسيطة، بغية إعادة شحنه وبيعه باسم هذه البلدان، والتي عادة ما تكون جارة لإيران، أو مُصدرة للنفط، ناهيك عن عمليات “إعادة الشحن” البحري، وتضليل أجهزة الرقابة الأمريكية عن طريق تخزين النفط في موانئ عديدة قبل إعادة تصديره، ويبدو أن طهران ستركز في الموجة الحالية من العقوبات على التوسع في بيع النفط من خلال القطاع الخاص، وزيادة أعداد المتعاملين في القطاع إلى المئات وربما الآلاف، وبما يصعب عمليات ملاحقتهم، ووضعهم تحت طائلة العقوبات.

كما ويعد القطاع المالي الإيراني الهدف الأبرز والأهم للعقوبات الأمريكية بعد قطاع النفط؛ إذ تستهدف العقوبات الأمريكية إيصال التبادل النقدي، والتبادل التجاري الإيراني مع العالم، إلى أدنى حد ممكن، ورفع كلفته بحيث يصبح بأعلى كلفة ممكنة، وتأخيره بحيث يتطلب أطول وقت ممكن، وبالطبع ستسعى طهران إلى التغلب على هذه الموانع، وتبين التجارب السابقة، إلى جانب دراسات استشرافية، توجه إيران نحو حيل متعددة من أجل تجنب الحظر البنكي والتجاري المفروض عليها؛ مثل التوجه إلى التبادل النقدي مع أعداد كبيرة من الدول الفقيرة والصغيرة؛ منها بلدان في أفريقيا، أو أمريكا الجنوبية، أو آسيا، وأمكن رؤية هذا التوجه أثناء ولاية أحمدي نجاد الثانية؛ حيث استثمر، وشيّد مصانع في هذه البلدان، ولا يعني هذا التوجه تنويعاً في شركاء إيران الاقتصاديين، بقدر ما يعني فتح سبل جديدة من أجل التحايل على العقوبات.

وخلال الموجة السابقة من العقوبات، استخدمت مؤسسات النظام عشرات الإيرانيين الحاصلين على جنسيات أخرى، ومنها جنسيات أوروبية، وأمريكية، لفتح نوافذ على الاقتصاد الإيراني، خصوصاً في المجالات التي يتم فرض الحظر عليها، كما وتلجأ طهران في مثل هذه الظروف إلى تقديم حوافز وتسهيلات للبنوك التي تواصل العمل معها؛ فقد أثبتت تجربة العقوبات السابقة بأن علاقة إيران مع البنوك الدولية، لا تنقطع تماماً في ظل العقوبات؛ إذْ توجد بنوك تبقي على تعاونها مع إيران، حتى في تلك الظروف، وتقبل بنوكٌ عالمية مواصلةَ التعاون مع إيران شريطةَ أن ترفع إيران من حصة هذه البنوك في المعاملات، وقد واصلت بالفعل بنوك عالمية مثل “ستاندارد تشارترد” البريطاني، “وأنتيسا سان باولو” الإيطالي، وبنك “خلق” التركي التعاونَ مع إيران رغم العقوبات الدولية والأمريكية السابقة.

وبعيدا عن البنوك تواصل طهران استغلال شبكات الصرافة الواسعة والمعقدة في تأمين مواردها المالية، فهذه الشبكات هي السبيل الأكثر أماناً للإيرانيين؛ إذْ لا يخضع للعقوبات المفروضة على القطاع البنكي، كما تُبين دراسة التحركات الإيرانية قبيل عودة العقوبات، بأن طهران تحاول التوجه نحو عمليات “المقايضة النقدية”(SWAP) ، والتي بموجبها يتم التبادل التجاري بين إيران وبلدان أخرى، عبر العملات المحلية، وليس عبر العملات العالمية، وقد بذلت إيران جهداً مؤخراً، لتوقيع عقود للمقايضة مع مختلف الدول، منها الصين، وتركيا، والهند، وروسيا، وباكستان.

كما تبذل مؤسسات داخل إيران، جهوداً كبيرة لاستخدام التقنيات الحديثة في مجال التبادل المالي، من أجل التحايل على العقوبات، ويمكن الإشارة هنا إلى محاولات إيرانية على محورين: المحور الأول، هو تقنية “سلسلة الكتل” (Block chain)؛ والتي تسمح للأشخاص والمؤسسات بالقيام بعمليات تبادل نقدي غير معروفة المصدر، ومجهولة المسير، واستخدامها في نقل الأموال من، وإلى جهات مرتبطة بإيران، أما المحور الثاني، فهو العملات المشفرة، والعملات الرقمية، مثل “بيتكوين” و”إيثريوم”، وغيرها من العملات المشفرة التي توفر ملاذاً بعيداً عن مراقبة المؤسسات الدولية إلى حد كبير، ويمكن استخدامها من أجل نقل الأموال بعيدا عن مظلة العقوبات.

وخلص التقرير الى انه وعلى الرغم من كل كل هذه الخبرات والمهارات في مراوغة العقوبات فان هذه الطرق تنطوي على تخريب للاقتصاد الإيراني. وهي تسهم في انهيار السمعة الإيرانية على الصعيد الاقتصادي الدولي، واشتهارها كزبون في الأسواق السوداء، وتفشّي الفساد وتشكُّل مافيات اقتصادية وانتشار المحسوبية نتيجة الضبابية وكثرة الوسطاء مما سيُضاعف بدوره من مستوى السخط الاجتماعي، ويعمق حالة التردي الاقتصادي.

آخر التحديثات