كوردستريت|| مقالات
.
بقلـم : دلـدار بـدرخـان
– بدايةً علينا التطرق إلى تعريف الدين والقومية والفسلفة الماركسية كفكر ونظرته للدين والقومية ، ومن ثم التطرق إلى عقيدة هذا التنظيم وأسباب معاداته للدين والقومية .
– بدايةً : الدين هو عبارة عن عقيدة و شريعة يعتنقها الإنسان ويؤمن به إيماناً مطلقاً ، و ينظم العلاقة بين المخلوق و خالقه ، ويمكن أن تتغير بتغير الزمان طبقاً لتغيّر القناعات .
– أما القومية فهو أنتماء عرقي يشترك به مجموعة من البشر لديهم خصائص و تاريخ مشترك و لديهم لغة وثقافة موحدة ، وتجمعهم جغرافية محددة .
.
– وأما الماركسية فهو فكر فلسفي أجتهد فيه فرد من الدهماء وطرح أفكاره التي تنظم الحياة الأجتماعية والأقتصادية والسياسية ، وهذه الأفكار قد يكون تطبيقها على أرض الواقع ضربٌ من الخيال ، وقد تكون عائقاً أمام تطور البشرية وتقدمها ولا تتناسب مع الزمن وتركيبة المجتمعات وفيزيولوجيتها ، وليس بالضرورة أن يطبق جميع النظريات الفلسفية على أرض الواقع ، كالمدينة الفاضلة التي بناها أفلاطون في مخيلته وطرحها كاجتهاد فلسفي .
– فالعقيدة التي أعتنقها الكُرد إيماناً مطلقاً منهم لم تكن يوماً عائقاً أمام تحرر الشعب الكُردي الهالك تحت نير العبودية والظلم ، فهي عبارة عن عقيدة تنظم العلاقة بين المخلوق وخالقه ولا علاقة لها بمأساة الكُرد واضطهادهم ، وكذلك الحال فإن التمسك بالقومية والمطالبة بالحقوق المشروعة للشعب الكُردي وفق مواثيق ومعاهدات دولية أقرت بحقوق الشعوب المضطهدة ضمن أوطانهم لم تكن سبباً بمأساة الشعب الكُردي ، فجميع البشر في القرن الواحد والعشرين أصبحوا عبارة عن تكتلات قومية ضمن أوطانهم ، وشكلوا خرائط جغرافية على أسس قومية ، والشعب الكُردي ليس قاعدة شاذة أو بمعزلٍ عن محيطهم الأقليمية والدولية ، ومن حقهم التمسك بقموميتم وحقوقهم القومية كما غيرهم .
.
– و حتى الماركسية عندما عارضت الفكر القومي ووقفت بالضد من العقيدة والدين بشكل عام لم يكن في نيتها نسف الدين والقومية السمحة التي تقر بالعدل و المساواة و حقوق الشعوب وحرية الآخرين بقدر ما كان مشكلتها مع التزمت والتعصب والغلوّ القومي و الديني لدى بعض الفئات المجتمعية من الإقطاعيين ورجال الكنائس في زمن القوميات من الذين جعلوا من الدين والقومية ستاراً لاستعباد الشعوب واضطهادهم ، ولكن لو نظرنا إلى طبيعة الذهنية الكُردية لرأينا فيه الأعتدال والمحبة والسلام ، فلم يكن الشعب الكُردي يوم من الأيام متزمتاً و عنصرياً أو شوفينياً حيال القوميات في المنطقة ، ولم يكن مشكلته مع القومية والعرق ، ولم يجعل من الدين ستاراً وبرنساً لاستباد الشعوب وقتلهم وتدميرهم ، وإنما كانوا وما يزالون دعاة سلام ومحبة ، ومشكلتهم الأساسية كانت مع الأنظمة والحكومات التي هضمت حقوق الكُرد واستبدت بهم وهذا الشعب هو شعب مضطهد ومظلوم وليس ظالم ، وهذا يعطيه الحق في المطالبة بحقوقه القومية كما غيره .
.
– وبالعودة إلى فكر و عقيدة تنظيم العمال الكردستاني وذراعه السوري حزب الأتحاد الديمقراطي فإنه يحمل عقيدة مشوهة لا تمت للفكر الماركسي بشيئ ، ولا علاقة لعقيدتهم ومشاريعهم بالماركسية ، وإنما هي أفكار فارغة و بليدة تم تبنيها من قبل هذا التنظيم لمحاربة الشعب الكُردي فقط ، فالأفكار والمشاريع الطوباوية التي يحملها هذا التنظيم لا تصلح للشعب الكُردي ولا حتى لشعوب المنطقة التي تعيش عصر القوميات والخرائط القومية ، وهذا التنظيم يعي حقيقة ذلك ، ويعلم أن مشروعه هذا غير مرحب به بين الأوساط الشوفينية المتزمتة قومياً ، ولكن لم يكن في نيّة هذا التنظيم ومنذ نشأته إلا محاربة الدين لدى الكُرد ، وتشويه العقل والذهنية الكُردية و إضعافهم قومياً .
– لقد جعل هذا التنظيم مشكلته الأساسية هو دين غالبية الكُرد ، ومن ثم محاربة القومية من خلال مشاريعه الخرقاء ، و لقد جعل من مفهوم القومية ومن الدين هدفان لتشويههما و محاربتهما طيلة عقود ، فالدين والقومية هو أساس الفرد وبزوالها يزول الشعب الكُردي ويذوب في بوتقة القوميات السائدة ، وهذا ما يريده هذا التنظيم ومن خلفه أسياده ، لذلك مشكلة هذا الحزب ليس الدين والقومية لدى الشعوب الغير الكُردية ، وإنما مشكلته الدين والقومية لدى الشعب الكُردي فقط لا غير .