بعد تعرض الغوطتين للاسلحة الكيمياوية المحرمة دولياً ترقب الشعب السوري الضربة العسكرية الامريكية على النظام ليلحق هو الآخر بغيره من الانظمة الدموية في العالم العربي الذين لم يعرفوا غير لغة الحرب والدمار واستنزاف دماء البشر لضمان حكمهم وجمع المزيد من الثروة والنفوذ . فسلبوا حرية شعوبهم وكرامتهم . بأبشع الطرق والاساليب . استناداُ الى التصريح الصادر عن الرئيس الامريكي باراك اوباما الى ان الضربة ستكون خلال يوم او أسبوع أو شهر . يبدوا انه هو الآخر قد أخطأ في حساباته .
فسرعان ما رمى بالكرة الى ملعب الكونغرس للتخلص من مساوئ قرار مصيري. يضر بأمن الويلايات المتحدة . ومصالحها الحيوية في الشرق الاوسط . فعدّل عن موقفه . مدركاً بأن قراراً من هذا القبيل سابق لاوانه . كون الطبخة لم تستوي بعد . فسبقه في ذالك رئيس الوزراء البريطاني بحنكة ودبلوماسية غير مسبوقة .للتخلص من مصيبة آلت به فأستنجد بالبرلمان وهو يعلم مسبقاً بأن طلبه سيلقى بالرفض .الى ان بدأت المشاورات بين المانيا وروسيا فوجد الاخير مخرجاً للأزمة تتعلق بالاسلحة الكيمياوية السورية ووضعها تحت الرقابةالدولية بعد انضمام سوريا رسمياً لمعاهدة حظر الاسلحة الكيمياوية ؛ لأن الوضع في سوريا تختلف كلياً عن وضع اسلافها من الانظمة البائدة والساقطة سواء بضربات عسكرية غريبة او بثورات شعوبها المناهضة .
حيث لا يستتب الأمن والاستقرار في الشرق الاوسط بمعزل عن سوريا . إذاً فإن هناك اهداف سياسية هامة وحيوية لابدّ من تحقيقها قبل سقوط نظام البعث
اولاٌ: إضعاف ايران واستنزاف قدراتها المالية وتركها بمساعدة النظام السوري بكل ما تملك ومواصلةالحصار الاقتصادي عليها . كي لا تصبح مستقبلاُ دولة نووية تهدد أمن اسرائيل والمنطقة . وعجزها عن الرد ضد اي تدخل طارئ . وحل ملفها النووي بالطرق الدبلوماسية .
ثانياُ: الدفع بالمفواضات الفلسطينية الاسرائيلية الى الامام . كونها فرصة تاريخية لامريكا والعمل على توحيد شطري فلسطين . بعد انقطاع علاقة حماس بالنظام السوري بسبب هجماته المتكررة للمخيمات الفلسطينية في دمشق .
ثالثاً: تحذير بوتين للويلايات المتحدة بالتدخل العسكري في سوريا وتأثيرها على قضيتين اساسيين : استئناف المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية وملف إيران السوري
رابعاً: استدراج حزب الله وتطويق قواته في سوريا . وجمع ما يمكن جمعه من الجهاديين والتكفيريين وعناصر القاعدة من افغانستان والعراق لتخفيف العبأ عليهم وتقليل الهجمات بالسيارات المفخخة في بغداد وكابول وغيرهما من المدن . لتحقيق نوع من الاستقرار الأمني في هاتين الدولتين .
خامساً: الإتيان بنظام ديمقراطي تعددي بعد سقوط نظام حزب البعث الدكتاتوري الفاشى .وهذا لا يمكن تحقيقه إلا ّ بضمان حقوق الاقليات الاثنية والمذهبية والدينية والعرقية و حل القضية الكردية . من خلال افساح المجال لهم لتشكيل ادارة مرحلية مؤقتة في مناطقهم التاريخية حتى يتمكنوا من بناء مؤسساتهم السياسية والاقتصادية والادارية . الأمر الذي يصعب تمكينهم بعد سقوط النظام. كي يصبح أمر واقع بالنسبة للسوريين أنفسهم وكذالك تركيا التى تبدي تخوفها الشديد من انشاء كيان كردي على حدودها لجهة سوريا .
سادساً: تمهيد الاجواء لإعلان دولة كردية مستقلة في شمال العراق وشمال شرق سورية بعد ضم كركوك لأقليم كردستان العراق . واستثمار ثرواتها الطبيعية . خاصة النفط .
سابعاً:عدم تكرار تجربة مصر في سوريا بتسليم الحكم الى الاخوان المسلميين والتعرف على المعارضين اكثر خاصة الذين هم ليسوا بأفضل من بشار . هم في الحقيقة يتاجرون بأسم الدين والله معاً. انهم منافقون وفاسقون ودجلة . فلو سنحت لهم الفرصة لمسحوا شعباً كالشعب الكردي المسامح والمسالم بأكمله . امثال الكمال اللبواني .العفلقي المعارض.
وهكذا فإن الازمة السورية باقية وصرخة الشعب باق حتى تستكمل اللعبة الساسية اهدافها . لأن السياسة مصالح , ولا معنى للعاطفة والمشاهد المروّعة في قلب الثري , والمتعطش لدماء البشر .
15.09.2013
المحامي صبري حاجي