جوان حسين (كردي)
.
الحديث عن الصحافة الكردية، أصبح كالحديث عن وجع سيزيف والصخرة التي كلما دفع بها الى قمة الجبل سقطت على الارض، فيعيد الكرة من جديد فلا الصخرة تستقر في القمة، و لا رحلة المعاناة تنتهي، كذلك الألم الذي يعصر رحلة الكردي في محراب الصحافة و الاعلام. فما أن يطل شهر نيسان علينا في الثاني والعشرين حتى تبدأ أبواق اﻷحزاب في استثمار الدعاية لاحياء ذكرى صدور أول جريدة كردية أصدرها مقداد مدحت بدرخان في القاهرة باسم صحيفة كردستان عام 1898 لأجل ذلك يقومون الدنيا في هذا اليوم ويحشدون الجماهير بالعشرات اكراما للصحافة الكردية التي تنتظر منذ زمن طويل خطوة حقيقة تخرجها من قمقم التبعية و تحررها من ربقة الأحزاب التي و الى الآن ما تزال تمتطي الصحافة كوسيلة لابراز عضلاتها، و وجوه ابطالها في خدمة أهداف القضية الكردية، و في الحقيقة و بعد أن يطوي الصحافة الكردية يوما حافلا بالخطابات و الكلمات الرنانة تطوى صفحة الذكرى الى عام قادم من الاحتفالات ويغلق الأحزاب أبواب النقاشات دون أن يقف حزب واحد، أو جهة مسؤولة على واقع الصحافة الكردية و آفاقها و متطلباتها و هموم الكاتب الصحفي و القائمين على الصحافة والاعلام، هذه الخطوة من العمل يبقى جهدا مشكورا من الأحزاب و المنظمات، و كل من شارك في احياء هذه الذكرى نحو تكريس يوم للصحافة الكردية، لكنها ليست كافية للإرتقاء بالعمل الاعلامي في خدمة قضية عادلة، و شعب يناضل منذ مئات السنين لنيل حقوقه بكافة الوسائل الممكنة، إذا لم تأخذ هذه الجهات المسؤولة على عاتقها مهمة تطوير العمل الاعلامي، و تأهيل الكوادر المتخصصة في مختلف المجالات الصحفية سواء الاخبارية أو السياسية أو الرياضية أو الفنية
.
أو صحافة الطفل، والمرأة، والمجتمع، والصحة، تلبي جميع رغبات الشعب والمجتمع، و تقوم بوضع خطط واستراتيجيات تنهض بالصحافة وتخرجها من مأزق الخطاب الصحفي المشحون، و التبعي نحو خطاب متزن يضع في مقدمة أولوياته النهوض بالمجتمع الكردي علميا ومعرفيا، و يعرف العالم بعدالة قضيته ولغته وتراثه و فلكلوره، و أن يتم تخصيص الأموال الكافية لتأسيس مؤسسات اعلامية وصحفية تواكب روح العصر بمهنية وحرفية تستقطب جمهور القراء، بعيدا عن التحزب و المحسوبيات و إذا كان لا بد للصحافة الكردية أن تقفز خطوات جادة الى الأمام فعليها أن تتسم بالحياد و النقد الموضوعي البناء، و تساير الحدث وتدخل هموم المجتمع والشارع الكردي بسلبياته وايجابياته، وتستقطب الاقلام المبدعة والجريئة والمتخصصة في مختلف مجالات العلوم والفنون، و تكافئ كل صاحب قلم على انتاجه ومساهماته بمبلغ من المال لتشجيعه نحو مزيد من التقدم والعطاء المعرفي .
.
لكن واقع الحال أن الصحافة الكردية أصبحت في قفص الاتهام تعاني من اﻷورام الحزبية المستعصية، و تنجر الى أتون الخلافات السياسية و تبعاتها، و تسخر للبطولات الحزبية و خطابات قاداتها على حساب هموم الشعب الكردي وقضيته التي باتت قضية مسلوبة في عين ساستها و صحافتها ،ورغم كل العقبات و المخاطر ما يزال البعض من أصحاب القلوب الوطنية و اﻷقلام الجادة يخاطرون بأرواحهم وحياتهم في سبيل اظهار كلمة الحق والحفاظ على اعلام كردي يعكس تطلعات الشعب الكردي، مهما كلف أصحابها من غال ونفيس هؤلاء الجنود أصحاب الكلمة الحرة أولى بتقديم يد العون لهم ومساعدتهم في تطوير صحافة كردية حرة و حيادية إذا ما ارادت الاحزاب أن تقوم بخطوة حقيقية وجادة تخدم الصحافة الكردية بعيدا عن الدعاية لنفسها و الخطابات الرنانة التي لا تسمن ولا تغني من جوع
.
والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا تهمل الاحزاب دور اتحاد الصحفيين الكرد في سوريا، وهي مؤسسه معنية بالصحافة الكردية و جديرة ان تحظى باهتمام و رعاية الجميع ؟ أليس اجحافا بحق الصحفيين الكرد ان يحتفلوا بعيدهم بعيدا عن اتحادهم ؟!
.
أم أن الشعب الكردي المغلوب على أمره سينتظر مئة عام آخر حتى يبلغ الصحافة الكردية السلطة الرابعة و يفعل فعله في الساسة و رؤساء الأحزاب كما فعلت الصحافة السويدية، حين فضحت وزيرة في الحكومة ملأت وقود سيارتها من مال الشعب فاستقالت من منصبها على أثر نشر الخبر ! فهل نحن على موعد مع استقالة صاحب السعادة بعد مئة عام؟!
كاتب ومخرج سينمائي