التضحية هي النبل الأسمى وصفة لها محلها وموقعها الإنساني العظيم على اختلاف درجاتها واشكالاتها ولا فرق بين أن يضحي المرء دفاعاً عن الوطن والمجتمع بذاته حفاظاً عليه من الضياع والتفكك وما بقي من الكرامة والإخلاق والمعالم الحضارية والثقافية المهددة بالإنكماش والإندثار ,وبين أن يضحي في سبيل غاية أو هدف منشود لذاته وعائلته والدفع نحو الأفضل والأكثر تطوراً وتحدثاً من الماضي القريب والبعيد على السواء ,أو التذكر لأمجاد القدامى من التاريخ والإحتفاء به والسير على خطى الأبطال والعظماء ,والإهتداء بأفكارهم وحكمتهم وفلسفتهم النيرة وما حققوه من الأمجاد والبطولات والحرية لشعبهم وأمتهم .
.
ها هي الحسكة المدينة التي تجمعت اهلها في عيد رأس السنة الكردية ” نوروز ” لهذا العام في أحيائها المتفرقة بمكوناتها وأقلياتها وطوائفها المختلفة على مر الزمان , في محاولة منهم لإبراز بغضهم ورفضهم للحكم الإستبدادي والنظام الشمولي لحزب البعث العربي الاشتراكي القابع على صدر الشعب السوري العظيم منذ أكثر من نصف قرن ,فلم يتردد وعن سابق تخطيط في استهداف تلك المجاميع ومراكز تجمهر المكتظ بالمحتفلين بالسيارات المفخخة كهدية لهم لزعزعة الأمن والإستقرار في المدينة وتهديد السلم الأهلي بالهجمات الإرهابية ,التي اعتاد عليه واصبحت بالنسبة له وسيلة للوصول الى الهدف الذي حارب ويحارب من أجل البقاء دون أي إعارة للناس واحتفالاتهم السنوية في هذا اليوم التاريخي والعيد القومي للشعب الكوردي والكوردستاني في الأجزاء الأربعة .
.
فكلنا يعلم بسجل هذا النظام الدموي الحافل بالجرائم ضد الإنسانية والشعب السوري عموماً والكوردي على وجه الخصوص منذ إستلامه لمقاليد الحكم وبلغ ذروتها بعد الثورة ,بتحويل البلد الى حرب أهلية طائفية وميليشياوية عبر تأسيسها للحركات الإرهابية أمثال { داعش ـ وجبهة النصرة } وغيرهما لدفع الشعب الى الإقتتال الداخلي المستميت ,حيث يقف النظام وراء هذا العمل الإرهابي الجبان وجميع الأعمال والتصرفات اللإخلاقية التي إرتكبه منذ عقود ويرتكب بشكل مباشر أو من خلال استطلالاته لإستهداف الوجود القومي للكورد بوسائل الترعيب والترهيب والخوف لحضهم على التهجير وترك الديار لإفراغها من سكانها الأصليين بهدف تغيير ديمغرافية غرب كوردستان .
.
ومن جهة اخرى رسالة للرئيس البارزاني يحسه فيها بالكف عن التدخل في شؤون المناطق الكوردية في بلاده وبأنه لا زال يملك من المقومات والأوراق يمكنه من التحكم والتحرك في اغلب المناطق ,لا يكفي ما يقوم به ومن ينوب عنه في اماكن متفرقة لمناطق تواجد الكورد حتى طال يده بكل ما يحمل من القذارة والوساخة الأبرياء العزل من المدنيين في حي المفتي بالحسكة لخطف بشائر الفرح والسعادة من على وجوههم ,ليظهر للجميع بأنه لا يزال موجوداً بقوة خاصة الولايات المتحدة والمانيا وغيرهما تجامله مفصحين بأنهما لا يستبعدان التعامل معه على اعتبار انه أفضل الخيارات حسب زعمهما حتى الآن .
.
لذا فإنه من الضروري على القوى الكوردية توحيد الموقف والخطاب السياسي واستئناف عمل المرجعية السياسية بعودة المجلس الوطني وتفعيلها تمهيداً لتوحيد الإدارات الذاتية على اساس الجغرافية المتواصلة لغرب كوردستان ,وتشكيل قوة كوردية تمثل كاهل الشعب الكوردي من خلال المشاركة الفعلية بين طرفي الصراع الاساسيين ,حيث لا بديل عن الوحدة في الموقف والرؤية السياسية والعمل بروح اخوية ونية صادقة بعيداً عن الاجندات والأنانيات الحزبية وثقافة الإقصاء والإلغاء ,لأن ما نواجهه يستهدف وجودنا القومي بترجيح المصالح العليا للشعب الكوردي فوق جميع الإعتبارات والعمل معاً على تجاوز الخلافات التي تقف في طريقهم ,ونبذ كل ما يعيق العمل الجاد لتحقيق المآرب التي وجدوا من أجله وإنقاذ ما بقي إنقاذه من إتفاقية دهوك لمواجهة الاخطار والتحديات الحارقة والمدمرة الناتجة عن تداعيات افشالها ,وترك النظام يخطط ويتآمر في مربعه الأمني في القامشلي والحسكة لأنه مع بقائه ستقتاد الحسكة وغيرها من المدن الكوردية شعلة نوروز والأعياد والمناسبات القومية بالدم .
.
صبري حاجي…المانيا
23.3.2015