كوردستريت || بيانات
يبدو أن الحل السياسي للأزمة السورية بموجب القرار الأممي رقم 2254 ومرجعية جنيف1 بات أمراً في غاية التعقيد، فاللجنة الدستورية في دورتها السادسة الأخيرة هي الأخرى لم تحرز تقدُّماً يذكر، رغم ما أُعدّ لها من ترتيبات عبر جهود ومساعي المبعوث الدولي إلى سوريا السيد غير بدرسون، لدرجة أنها لم تستطع تحديد موعد للدورة السابعة، ما يعني أنها هي الأخرى قد فشلت، ويتعذّر الانتقال إلى مناقشة “السلال الأخرى” لأن انجاز مسودة الصيغة الدستورية هو المدخل الى السلال الأخرى، ما يعني أنّ الحلَّ السياسيَّ المنشود للأزمة السورية وفق القرارات الدولية المذكورة أصبح قيد التأجيل أو أنه مرهون بتوافق الدول والأطراف المعنية في الوقت المناسب.
تركيا، لم تتوقف عن تهديداتها بهجوم عسكري آخر على المناطق السورية المتاخمة لحدودها، بذريعة أمنها وبهدف الضغط على قسد ومسد و ب ي د باتجاه النظام السوري، وهذا ما يحصل الآن ما أسموه الحوار بين الجانبين وبوساطة روسية ولو أنها لم تؤت نتائجها، إلا أن ترتيبات الاستلام والتسليم جارية وإن كان هناك من مداولات في هذا الاتجاه ليس للتفاوض من أجل الحلول أو الحقوق بهذا الشكل أو ذاك، ما يعني أن الغرض هو لدرء مخاطر الهجوم التركي المزمع تنفيذه، لأن توافُق أمريكا مع ” قسد ” هو لمحاربة داعش – بحسب أمريكا – وليس للدفاع عنها في الجانب السياسي أو لتشكل غطاء لحمايتها، أما روسيا فهي متوافقة مع تركيا في هذا الاتجاه، حيث تحقيق غرض الجانبين، الغرض التركي هو التخلُّص من هذه القوة القائمة على حدودها “قسد”، والغرض الروسي هو تعزيز العلاقة مع تركيا وتمكين النظام السوري من السيطرة على مناطق “الادارة الذاتية” بدعوى العمل على وحدة الأراضي السورية وحماية سيادتها، وهل ستتوقف تركيا عند هذا الحد؟ فذاك أمر مرهون بالتطورات المستقبلية.
أما النظام السوري، فهو غير مهيأ للحوار أو التفاوض من أجل الحقوق سواء لهذا المكون أو ذاك، وحتى مع المعارضة، لأنه ” صرّح غير مرة أن ليس هناك قضية كردية في سوريا “بل هناك مسائل مطلبية تتعلق بالجانب الثقافي يمكن مناقشتها لأي مكون سوري، ويميل حالياً إلى نظام حكم “لا مركزي إداري” عبر تطبيق قانون الإدارة المحلية، لأن النظام عازم على إعادة إنتاج ذاته ولو بشكل آني أو مرحلي، طالما تسنده روسيا، ويسعى لتوفير عوامل التطبيع مع بعض الدول العربية ومن ثم العودة إلى جامعة الدول العربية، أي أن النظام بصدد ترتيب وضعه على الصعيد الداخلي والسياسي الدولي والإقليمي.
وأمريكا، عازمة على البقاء في سوريا حتى الآن، وتحديداً في شرق نهر الفرات لما لها من أجندة ومصالح سياسية واقتصادية، فضلًا عن تنسيقها مع الأطراف المعنية بما هي تركيا، روسيا، إسرائيل ..الخ، ومع هذه الأخيرة بخصوص التواجد الإيراني على الأراضي السورية وما يشكله هذا التواجد من القلق وعدم الاستقرار في العديد من المناطق السورية، كما لم تكف “أمريكا” عن دعمها لـ قسد في مواجهة خطر داعش، إلى جانب عزمها القائم على مواصلة رعاية التوافق الكردي دون يأس مما حصل مؤخراً من خرق مستمر للاتفاقات في هذا الصدد وذلك عبر المزيد من الانتهاكات التي اقترفتها المجموعات المسلحة التابعة لـ ب ي د..
إيران، رغم القضايا التي تثقل كاهلها داخليًا وخارجيًا، الأزمات الاقتصادية والاحتجاجات الشعبية على الضائقة المعيشية وغياب الحريات الديمقراطية، إلى جانب القمع والتنكيل الذي تمارسه بحق كل مخالف للنظام أو محتج على المعاناة القاسية للطبقات الاجتماعية التي تعاني الفقر المدقع، وخارجياً فضلاً عن ضائقة العقوبات الاقتصادية والملف النووي وتدخُّلاتها الإقليمية في شأن العديد من دول المنطقة “سوريا، اليمن، العراق، ولبنان بتشديد وتيرة التدخل مؤخراً عبر حزب الله لدرجة مصادرة القرار اللبناني، ومع كل هذا تثير الخلاف مع دول الجوار الأخرى مثل اذربيجان لتصل إلى تركيا وربما مع أفغانستان في وقت آخر، هذا فضلاً عن صراعاتها القائمة مع التحالف الدولي، أي أن إيران على عداء واسع مع دول العالم إقليمياً ودولياً، الأمر الذي لا يخدم تطوُّر ومستقبل إيران قبل الإساءة إلى الغير، ما يعني أن الآفاق السياسية ليست لمصلحة إيران وشعبها إذا ما استمرت على هذا المنوال.
العراق، لا تزال تداعيات نتائج الانتخابات البرلمانية تتفاعل في الشارع العراقي بين احتجاج الأطراف الموالية لإيران على دونيتها في حصد أصوات الناخبين، وتشبث الفائزين المتقدمين بالنتائج التي لا تشوبها شائبة، ويشهد لها المراقبون الدوليون ونزاهة الهيئة العليا للانتخابات وتوافُق الأطراف عليها، كما لاتزال المشاورات قائمة بين مختلف الكتل من أجل تشكيل حكومة عراقية جديدة تستجيب لرغبات الجماهير وتطلعاتها نحو استتباب الأمن وحل الإشكاليات الأساسية عبر تناول ملفات الفساد المالي والإداري وتوفير أسباب العيش المناسب للمواطن العراقي، وحل الميليشيات أو دمجها بالقوات النظامية من جيش وشرطة وأمن، وحل قضايا الخلاف مع إقليم كوردستان، وتعزيز استقلالية العراق وسيادته بمنع التدخُّلات الخارجية في الشأن العراقي وقراراته وخصوصاً الحد من دور إيران والجهات التابعة لها .
إقليم كوردستان، تسعى قيادة الإقليم “رئيساً وحكومة وبرلماناً” إلى تحقيق تفاهمات بين مختلف الأحزاب والقوى والمكونات الكوردستانية من أجل بناء كتلة كوردستانية متكاملة مبنية على المبادئ الأساسية التي تخدم العراق عامة وإقليم كوردستان خاصة ولاسيما في هذه الظروف الهامة، وقد كان للحزب الديمقراطي الكوردستاني الدور الريادي في المبادرة بهذا الاتجاه، ونال هذا التحرُّك الاهتمام والاستحسان من لدن عموم الأطراف المعنية، لأن ديدن البارتي هو خدمة كوردستان وشعبها، وما نصره المؤزر في حصد المقاعد بالمرتبة الأولى إلا دليل على مصداقية هذا الحزب وقائده في خدمة كوردستان وشعبها، وبذلك كان موضع ثقة هذه الجماهير واختيارها له، كما أنه دليل واضح وبرهان ساطع على تقدم نهج الكوردايتي “نهج البارزاني الخالد” وعلى أن المستقبل لا محال للمشروع القومي الكوردستاني الذي يقوده جناب الرئيس المناضل مسعود بارزاني.
كوردستان الغربية، تشهد عموم مناطقها حالة قلق وترقُّب حذر مما سيحصل جراء التهديدات التركية القيام بحملة عسكرية جديدة قد تستهدف مناطق أخرى كما ذكرنا، ناهيك عن الحالة المزرية التي تعيشها الجماهير من سوء الحالة المعيشية نتيجة الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الاستهلاكية الضرورية للحياة وخصوصاً بعد ارتفاع سعر المحروقات ولاسيما المازوت، وندرة فرص العمل وتدنّي الأجور، وبالتالي تدنِّي القدرة الشرائية لدى معظم الشرائح الاجتماعية التي تعاني الفقر المدقع، لهذه الأسباب ولسوء الأوضاع الأمنية وبسبب فرض التجنيد الإجباري تشهد مناطقنا بشكل يكاد يكون يومياً عملية نزف العقول والطاقات الشبابية عبر النزوح أو الهروب إلى خارج البلاد، بحثاً عن لقمة العيش والأمان، الأمر الذي يقتضي تأمين وسائل وأساليب للحدّ من هذا النزيف البشري وخصوصاً الطاقات الفاعلة، ذلك بالسعي من أجل توفير فرص العمل وضمان حياة آمنة قد تكون سبباً في عودة حتى بعض المهجرين.
وفيما يتعلق بالتوافق الكردي، فإن جانب أحزاب الوحدة الوطنية ممثلا بـ ” ب ي د ” فإنه منهمك في العلاقة مع النظام السوري وكيفية إيجاد مخرج للتوافق معه، كما أنه مستمر في حملاته الإعلامية وانتهاكاته ضد المجلس الوطني الكردي ورموز الحركة السياسية الكردية، ما يعني أنه لا يبالي بمسألة التوافق بل كل ممارساته هو لنسف ما تم إنجازه حتى الآن في هذا الشأن، في حين أن حزبنا الديمقراطي الكوردستاني – سوريا والمجلس الوطني الكردي ينشدان باستمرار ذاك التوافق المبني على اتفاقية دهوك ووثيقة التعهد الموقعة من قائد قسد والراعي الأمريكي، الذي يشكّل الخيار الأنسب لشعبنا في هذه المرحلة الهامة والدقيقة.
المكتب السياسي
للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا
قامشلو في 8 / 11 / 2021