سروج (تركيا) /بيروت (رويترز) – حذر المقاتلون الأكراد الذين يدافعون عن مدينة كوباني الكردية السورية يوم الجمعة من مجازر قد يرتكبها مقاتلو تنظيم الدولة الاسلامية اذا ما دخلوا المدينة التي يحاصرونها حاليا بالدبابات ويدكون مشارفها بقذائف المدفعية.
وجاءت مكاسب الدولة الاسلامية في ميدان المعركة في وقت تركز فيه قوات الرئيس بشار الاسد على جماعات معارضة أخرى وأشارت تقارير يوم الجمعة الى ان قوات الجيش تقدمت صوب مدينة حلب إلى الغرب فيما يهدد خطوط امداد المعارضة.
وتقصف القوات التي تقودها الولايات المتحدة من الجو أهدافا للدولة الاسلامية في سوريا والعراق لكن هذه العمليات لم تفعل شيئا يذكر لوقف تقدم مقاتلي التنظيم في شمال سوريا نحو الحدود التركية وهو ما يزيد الضغط على أنقرة للتدخل.
وبينما تقصف طائرات حربية أمريكية الدولة الاسلامية في سوريا كثف جيش الاسد حملته على جماعات للمعارضة في غرب وشمال البلاد تعتبرها واشنطن حليفة لها.
وقال عصمت الشيخ قائد القوات الكردية التي تتولى الدفاع عن كوباني (التي تعرف بالعربية باسم عين العرب) إن المسافة التي تفصل مقاتليه عن مقاتلي الدولة الاسلامية باتت أقل من كيلومتر واحد.
وقال لرويترز عبر الهاتف “نحن في منطقة صغيرة محاصرة.. ولم تصلنا أي تعزيزات والحدود مغلقة.”
وأضاف “أتوقع أن يحدث قتل ومجازر ودمار… هناك قصف بالدبابات والمدافع والصواريخ وقذائف المورتر.”
وقالت مراسلة لرويترز على الجانب التركي من الحدود إن سحابتين كبيرتين من الدخان ارتفعتا فوق الجانب الشرقي من كوباني ودوى في الأرجاء عدد من الانفجارات من مكان أبعد داخل المدينة مع استمرار القصف واطلاق النار.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ومقره لندن ان 60 قذيفة على الاقل سقطت على المدينة التي تعرف باسم عين العرب بالعربية. ووقعت اشتباكات عنيفة على الجبهة الشرقية وفي الجنوب الشرقي.
وحاول مقاتلون من وحدات الدفاع عن الشعب الكردية صد هجمات المقاتلين الاسلاميين اذ كانوا يطلقون الصواريخ التي اقترنت بشعلات مضيئة ساطعة من البلدة ويضربون أهدافا للدولة الاسلامية في قرية تبعد عدة كيلومترات إلى الشرق.
وفر أكراد من شمال سوريا الى تركيا.
وقال المفوض السامي للامم المتحدة لشؤون اللاجئين انطونيو جوتيراس “انها ماساة انسانية مثيرة كما شاهدنا جميعا… انه أكبر تدفق للسوريين خارج البلاد في بضعة أيام بلغ 160 ألف شخص.”
حصار حلب
وعلى الاطراف الشمالية من حلب يهدد تقدم الجيش السوري بالسيطرة على آخر طريق امداد رئيسي للمعارضة الى المدينة وإيقاف عامين من المكاسب لاعداء الاسد حسبما أشارت تقارير من سكان ووسائل اعلام رسمية.
وقال التلفزيون الحكومي ان الجيش سيطر على ثلاث قرى في حملة تشنها قوات الاسد قد تطوق المسلحين في المدينة.
ورغم انه توجد مسارات اصغر وغير مباشرة تؤدي الى حلب فان السيطرة على هذا الطريق ستمكن الجيش أيضا من محاصرة مناطق بالمدينة سقطت في ايدي المسلحين في عام 2011 وهو اسلوب استخدمه في استعادة مدينة حمص في مايو ايار.
وتقاتل قوات الاسد مزيجا من جماعات المعارضة في سوريا من بينها الدولة الاسلامية وتقاتل أيضا مزيجا من القوات المدعومة من الغرب في صراع قتل فيه نحو 200 ألف شخص.
وقال الساكن عبد الله قطماوي (30 عاما) انه لم يتمكن من قيادة سيارته مباشرة الى حلب لأن الطريق مغلق. وقال “عندما وصلنا الى الريف الشمالي (لحلب) شعرنا ان هناك مشكلة في الطريق وعندما وصلنا الى حندارات كان هناك قتال.”
وفي يوليو تموز بدأ الجيش السوري تقدما جديدا نحو حلب بعد ما يقرب من عامين من التوقف بفضل مزيد من المقاتلين من جماعة حزب الله الشيعية وهي حليف للاسد.
وهذا العام حولت واشنطن وحلفاؤها التركيز في سوريا من القتال ضد الاسد الى محاربة الدولة الاسلامية.
واستعادت القوات الكردية في شمال العراق حوالي نصف الاراضي التي كانت تخلت عنها في اغسطس اب عندما اجتاح مقاتلو الدولة الاسلامية دفاعاتهم في الشمال الغربي وهو ما دفع الولايات المتحدة الى تنفيذ ضربات جوية في سبتمبر ايلول وهي الاولى منذ عام 2011 .
غير ان تركيا تصر على ان الضربات الجوية وحدها لن تحتوي خطر الدولة الاسلامية وتريد عملا متزامنا يتخذ ضد حكومة الاسد بما في ذلك اقامة منطقة حظر طيران فوق الجانب السوري من الحدود.
وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو “أنتم تعلمون ما سيحدث اذا لم توجد منطقة حظر طيران؟ قواعد الدولة الاسلامية ستتعرض للقصف ثم يتحين النظام السوري الأسد .. الذي ارتكب كل هذه المذابح الفرصة ويقصف حلب.”
وقال داود أوغلو ان تركيا ستفعل ما في وسعها لمنع سقوط كوباني في أيدي المتشددين لكنه لم يقدم أي تعهد بالتدخل الذي طالب به الاكراد.
وقال داود أوغلو خلال حوار مع صحفيين بثته قناة الخبر التلفزيونية التركية “لا نريد سقوط كوباني. سنفعل كل ما في وسعنا للحيلولة دون ذلك.”
وفوض البرلمان التركي يوم الخميس الحكومة أن تأمر بالقيام بعمل عسكري ضد الدولة الإسلامية عبر الحدود وسمح لقوات التحالف الأجنبي باستخدام الأراضي التركية في شن عمليات مماثلة.
لكنه بعد ذلك تراجع خلال الحوار الذي استمر ساعتين فيما يبدو عن اي تفسير قد يعني أن تركيا تخطط لتوغل عسكري قائلا إن مثل هذه الخطوة قد تجر أنقرة إلى صراع أوسع على طول حدودها الممتدة لمسافة 900 كيلومتر.
ونقل عن وزير الدفاع التركي عصمت يلمظ قوله للصحفيين إنه سيكون من الخطأ توقع القيام بعمل عسكري وشيك بعد التفويض البرلماني.
لكن أنقرة مترددة خشية أن يعمق التدخل العسكري حالة عدم الاستقرار على حدودها من خلال تعزيز موقف الرئيس السوري بشار الأسد وتقوية شوكة المقاتلين الأكراد المرتبطين بحزب العمال الكردستاني الذي خاض تمردا ضد الدولة التركية استمر 30 عاما.