إذا أمة لا تقرأ التاريخ والسياسة مصيرها ككرة في ملعب

آراء وقضايا 10 نوفمبر 2017 0
إذا أمة لا تقرأ التاريخ والسياسة مصيرها ككرة في ملعب
+ = -

مع الأسف أمةٌ لا تقرأ، أو تقرأ ولا تستفيد مما تقرأ، كيف لا تثار هذه العناوين في هذه الأمة، وتتعالى هذه الصيحات، والمخطط مدروس والهدف مرسوم، يا كورد وخاصة كوادر الأحزاب في غرب كوردستان(إن استراتيجيتنا يجب أن تتجاوز التعامل مع القادة إلى الشعب والشعوب المجاورة، وذلك أن القادة قابلة للتغير، وأما الشعوبُ فثابتة، ومن أهم وسائل تحقيق هذا التوجيه: التلفزيون(وليس لهم في غرب كوردستان محطة سمعية أو مرئية من يوم تأسيس أول تنظيم)، فهو الوسيلةُ القادرةُ بطبيعتها على السيطرة على أدمغة الشعب والشعوب المجاورة).

إن من الخطأ أن نتصور أن عالم اليوم عالم غزو للفضاء فحسب، وننسى أنه عالمُ غزو للأفكار رهيبة جهنمية، وعالمُ حرب للعقائد والقيم مُسَيَّسٌ مدروس، وإن من البساطة والتغفيل أن نتصور أن هذا المشهد المخرج يهدف إلى المتعة والتسلية لا أكثر، وأن هذا البرنامج المعد يرمي إلى الثقافة المجردة ليس إلا، كلا فطمسُ الهوية الكوردية الكوردستانية وتذويبُ شخصيتنا والسيطرةُ على أدمغتنا هدفٌ يراهن عليه كل الأعداء ومغتصبي كوردستان من جالديران إلى سايكس بيكو وما بعدها إلى اليوم من تجريد وحزام وإحصاء واعتقالات وقتل ونفي وفساد وتغير ديمغرافي، ولو كانوا على خلاف توحدوا وخططوا ونفذوا، ومن آخر وأخطر وسائلهم لذلك: (التلفزيون) الذي نفتقر إليه والبث المباشر حتى اليوم يا مجلس الوطني الكوردي، هذا الغزوُ الذي تحفزنا لمواجهته في البداية – كعادتنا – ثم بدأ البعضُ منا يستسلم له.

وحتى يستيقظ الغافلون منا، وعسى أن يستدرك الكورد، أنقل لكم صيحتي ومفكر أنذر بخطر البث المباشر فأعذر، يقول:(إن هذا الاستعمار خرج من شوارع المدن، لكن سيعود عن طريق البث المباشر، وعودته هذه المرة ليست إلى الأسواق فقط ولكن عاد ليشاركنا السكن في بيوتنا، والخلوةَ في غرفنا، والمبيت في أسرة نومِنا، رجع ليقضي على الكورد في دينهم ولغتهم وأخلاقهم، ومازال يُقيم بيننا بألوان مختلفة- ولكن نستقبلهم بالحب والترحاب والهدايا، كنا ننظرُ إليهم فنمقتهم، أما الآن فنتلذذ بمشاهدتهم والجلوسِ معهم، إننا لا نفرق بأنهم مصاصي دماء أبنائنا وخيرات أرضنا، إنه خطر يهدد الجيل الجديد كله كما هدد القديم).

إن أمة لا تقرأ تاريخها ولا السياسة بعينها ولا يمكن أن تعرف حاضرها ولا أن تخطط لمستقبلها، قال تعالى:{ لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثاً يفترى} هذه الدنيا كلها بما فيها من الأحداث دروس وعبر يا كردو، منها تظهر من خلالها الصورة الحقيقة لأسباب النصر، والصورة الحقيقية لأسباب الهزيمة.

فمثلاً أنت سمعتَ أن القضية الفلانية حدثت كذا وكذا، واجبك كفرد تنتمي لهذه الأمة أن تحترم عقلك وتقدر موقفك وتدرك أن خطواتك المبنية على التصديق أو التكذيب واجبك أن تتحرى وأن تحقق، لكن واحد من الآلاف هو الذي يصبر على التحقق ويتابع الأمور لكي يصل إلى الحقيقة، إلا أن السواد الأعظم من أبنائنا الكورد لا يصبرون على هذا، لذا هم يصدقون كل شيء بلا سؤال أو تحقق، ومن هذا باب ما يشاع في الإعلام المعاصر من أننا نحن الكورد وأغلبنا مسلمون لا نقرأ، إن ما يقال بيننا وما يكتَب بيننا من أكاذيب لا نكلف أنفسنا مؤونة فحص مبلغها من الصحة، لكن

هذا قليل ما يقوله عنا الأجانب وما يبيّت لنا الأجانب وعملائهم من الدول من خطط ومن مؤامرات تستهدفنا، وهم مطمئنون بأننا أمة لا تقرأ السياسة ولا تاريخ أجدادهم، وإذا قرأ لا يفهم غيظاً منهم بأنهم لم يقيموا لهم دولة، فتفضل أنت أيها البطل الصنديد، بل أنت بطل التقليد، لأنك لا تكلف نفسك مشقة البحث والتحليل والتحقق من صحة الأمور أو عدم صحتها.
حسن أوسو- 9-11-2017م

آخر التحديثات