كوردستريت || الصحافة
كتب جيم جيراغتي، كبير المراسلين السياسيين لمجلة “ناشونال ريفيو” مقالة رأي في صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية تناول فيها أزمة العلاقات الأميركية السعودية.
وتساءل الكاتب: ما هي السياسة الحالية لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تجاه المملكة العربية السعودية؟ وأجاب قائلاً إنه من الصعب الجواب على ذلك.
وأضاف أن البيت الأبيض والرياض قد تبادلا الانتقادات الخميس الماضي، بعد تعهد الرئيس بايدن الأخير بفرض “عواقب” على السعوديين لإعلانهم، بالاتحاد مع روسيا، عن خفض إنتاج نفط تحالف “أوبك بلاس”.
وتابع: ولكن حتى عندما يقول بايدن إنه يريد معاقبة السعوديين، فإن البنتاغون يمضي قدماً بأقصى سرعة في خططه لبناء منشأة اختبار رئيسية جديدة في السعودية.
ورأى الكاتب أن إحدى “التبعات الجيدة لقرار السعوديين هي أن تعلق الولايات المتحدة مشروع البنتاغون حتى إشعار آخر.
ففي أوائل أيلول / سبتمبر الماضي، أكدت القيادة الوسطى الأميركية، التي تدير القوات الأميركية في الشرق الأوسط، خططها لفتح منشأة اختبار عسكرية جديدة في المملكة العربية السعودية من شأنها “اختبار تقنيات جديدة لمكافحة التهديد المتزايد من الطائرات بدون طيار، وسوف تطور وتختبر القدرات الدفاعية الجوية والصاروخية المتكاملة”. ةسيُطلق على المنشأة اسم مركز “الرمال الحمر” Red Sands المتكامل للتجريب، مما يشير إلى منشأة “الرمال البيض” للصواريخ White Sands Missile Range، وهي منشأة اختبار عسكرية أميركية للصواريخ بعيدة المدى في نيو مكسيكو.
وبحسب ما تم نقله، فقد اقترح الجنرال مايكل إريك كوريلا، قائد القيادة الوسطى الأميركية، فكرة المنشأة الجديدة عندما زار القوات المسلحة الملكية السعودية في تموز / يوليو الماضي. قال كوريلا أنذاك: “المملكة مستعدة للمستقبل، وأنا أتطلع إلى استمرار الشراكة العسكرية” معها.
وقال الكاتب: ولكن كان ذلك في شهر تموز / يوليو – في الشهر نفسه الذي ذهب فيه بايدن إلى السعودية، حيث طلب من النظام السعودي فتح الصنابير لتخفيف تأثير العقوبات الروسية. تضمنت الزيارة مصافحة بالقبضة للرئيس بايدن مع سيئ السمعة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي وعد بايدن نظامه، كمرشح رئاسي، بجعله “منبوذاً” بسبب تصفية الكاتب الصحافي جمال خاشقجي في عام 2018.
وأضاف: الآن الرئيس غاضب بشكل متزايد من السعوديين – ومع ذلك، فإن مشروع “الرمال الحمر”، ناهيك عن مليارات الدولارات من مبيعات الأسلحة الأميركية السنوية لنظام محمد بن سلمان، لم يمسها أحد. قال المتحدث باسم البنتاغون اللفتنانت كولونيل ديف إيستبورن للكاتب يوم الأربعاء الماضي: “لا يزال المشروع في مرحلة التخطيط إلى حد كبير”.
وأشار الكاتب إلى أنه إذا كانت الحكومة الأميركية متأكدة كلياً من رغبتها في الحفاظ على علاقات عسكرية قوية مع السعودية، بغض النظر عن الخلافات حول الأمور الأخرى، فهذا أمر جيد. لدى السعوديين سبب وجيه للقلق بشكل خاص بشأن منظومة الدفاع الجوي وحرب الطائرات بدون طيار. استهدفت هجمات الطائرات بدون طيار التي أعلن المتمردون الحوثيون في اليمن مسؤوليتهم عن قصف منشأتين نفطيتين رئيسيتين داخل المملكة في أيلول / سبتمبر 2019. (في آذار / مارس الماضي، استهدف هجوم بطائرة بدون طيار أقل فعالية مصفاة نفط في الرياض).
وأوضح الكاتب أنه مع توهج الحرب في أوكرانيا بشكل كبير، فإن حرب الطائرات بدون طيار ليست موجة المستقبل؛ إنها موجة اليوم. من المؤكد أن للجيش الأميركي مصلحة في تطوير قدراته في هذا المجال. ولكن هناك الكثير من المواقع الصحراوية الأخرى في الولايات المتحدة – أو البلدان الأخرى – التي يمكن أن تخدم كذلك، كمكان للاختبار.
وقال الكاتب إنه مع تحدي محمد بن سلمان بشكل صارخ بايدن مع خفض “أوبك بلاس” لإنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يومياً، من العدل أن نتساءل عما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة أن تشعر بضرورة الاستثمار المالي والجيوسياسي في المساعدة في جعل المملكة السعودية أكثر أمناً.
وأضاف أن إلغاء مشروع “الرمال الحمر” – أو على الأقل تجميده حالياً – أمر لا يحتاج إلى تفكير. إذا كانت منشأة “الرمال الحمر” لا تزال في مرحلة التصوّر، كما يقول البنتاغون، فهذا يعني أنه لا توجد تكاليف باهظة للخوف على خسارتها، ولا توجد مواقع بناء للتخلي عنها، ولا توجد عقود يمكن إلغاؤها. يكلف بناء أي منشأة عسكرية عشرات الملايين من الدولارات: في مشروع “الرمال البيض”، سيكلف مجرد إنشاء مركز اتصالات جديد، من المقرر الانتهاء منه العام المقبل، 70 مليون دولار.
ورأى الكاتب أنه يبدو أن محمد بن سلمان واثق جداً من العلاقة العسكرية بين السعودية والولايات المتحدة، إذ يشعر بأنه أكثر جرأة، ليس فقط لتجاهل طلب بايدن لتوسيع إنتاج النفط، ولكن لمساعدة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنشاط من خلال تخفيضات للإنتاج تهدف إلى زيادة أسعار النفط، مما يساعد في تمويل حربه ضد أوكرانيا.
وختم الكاتب مقالته بالقول: إذا نظر محمد بن سلمان إلى القتال بين روسيا والغرب، وأدرك أنه دعم الحصان الخطأ، وغيّر مساره، عندها يمكن إعادة التخطيط لمشروع “الرمال الحمر” بسرعة. لكن حالياً، إذا كان بايدن يريد بالفعل إرسال رسالة إلى ولي العهد، فمن الصعب تخيّل خيار أبسط وأفضل من وقف مشروع “الرمال الحمر”. ماذا تنتظر إدارة بايدن؟