كوردستريت|| الصحافة
ورد بمقال في صحيفة واشنطن بوست الأميركية أن التراجع الأولي للاقتصاد الأميركي خلال وباء كورونا الحالي ينبئ بأن الوضع سيكون أكثر حدة وأكثر إيلاما مما كان عليه إبان أزمة 2008.
وأوضح الكاتبان الأميركيان ديفد لينش وهيثر لونغ في المقال، أن إجبار 80 مليون أميركي على البقاء في المنازل حاليا تسبب في توقف غالبية الأعمال في الولايات المتحدة.
وذكرا أن ملايين العمال الذين يتحولون للبطالة بسبب الانهيار الاقتصادي الناتج من كورونا، يفوق جهود الحكومة الفدرالية للاستجابة، مع إسراع مجلس الشيوخ أمس الجمعة لاستكمال العمل على حزمة الإنقاذ المالي التي وسّع البيت الأبيض والمشرعون الرئيسيون نطاقها بشكل كبير لتزيد عن المبلغ الأصلي الذي كان مقترحا قبل أيام قليلة وهو تريليون دولار.
وأشارا إلى أنه بمرور كل يوم، يتفاقم التوقف غير المسبوق للأعمال بقوة حيث تحاول المطاعم ودور السينما والملاعب والمكاتب حماية أنفسها من الوباء.
ويرجّح بنك “أميركا ميريل لينش” أن تعلن وزارة العمل هذا الأسبوع أن ما يقرب من ثلاثة ملايين أميركي قد يطلبون لأول مرة الحصول على مساعدة البطالة، وهو رقم يزيد عن أربعة أضعاف الرقم القياسي الذي سُجل خلال أوج الركود عام 1982.
ويضيف الكاتبان أن التحول المفاجئ في الاقتصاد الأميركي ليس له مثيل في التاريخ. ففي بداية عام 2020، كان هذا الاقتصاد يتوسع من دون انقطاع منذ منتصف عام 2009. وبلغ معدل البطالة أدنى مستوى له منذ نصف قرن، وتوجهت سوق الأسهم نحو ارتفاع قياسي.
والآن، يصرخ الاقتصاد ويتراجع سوق الأسهم في هبوط حر. وقالت شركات صناعة السيارات الثلاث الكبرى يوم الخميس إنها ستغلق مصانعها يوم 30 مارس/آذار الجاري، وتغلق شركة ماريوت -أكبر شركة فندقية في العالم- فنادقها وتسرّح آلاف العمال.
وكتب كبير الاقتصاديين الماليين في بنك “أم يو أف جي” كريس روبكي في مذكرة للعملاء “انقلاب مذهل للاقتصاد، من الأفضل في التاريخ إلى الأسوأ في التاريخ خلال شهرين فقط. أسرع ركود في التاريخ. مع عدم إنفاق أحد أي سنت، سيبقى على هذا النحو لفترة طويلة، طويلة”.
وقال اقتصادي في بنك “جي بي مورغان تشيس” للعملاء في مؤتمر عبر الهاتف أمس الجمعة، إن ما يجري هو مجرد بداية لوضع سيؤدي إلى ارتفاع معدل البطالة إلى نسبة 20% من 3.5% الآن.
ويصف الكاتبان تقديرات التكلفة الإجمالية للوباء بالمذهلة، وينسبان إلى شركة بريدجووتر أسوشيتس للاستثمار قولها إن الاقتصاد سينكمش على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة بمعدل سنوي قدره 30%، في حين يتوقع غولدمان ساكس الانخفاض عند 24%، وجي بي مورغان تشيس يقدره في حدود 14%.
وعبّرت الخبيرة الاقتصادية جانيت لـ. يلين رئيسة مجلس الاحتياطي الفدرالي السابقة عن مخاوفها بقولها “إننا نعايش شيئا خطيرا للغاية. فإذا عانت الشركات من مثل هذه الخسائر وأجبرت على طرد العمال ودخلت في الإفلاس، فقد لا يكون من السهل الخروج من ذلك”.
ويتوقع معظم الاقتصاديين أن يبدأ الاقتصاد في الخروج من حفرته العميقة في النصف الثاني من هذا العام. لكن هذه التوقعات تعتمد على السيطرة على الوباء وعلى الولايات المتحدة والحكومات الأخرى من خلال سن سياسات تمنع الضرر الدائم للمصانع والشرايين المالية.
وتتوقع بريدجووتر وغولدمان وجي بي مورغان أنه حتى إذا حدث كل ذلك، سيكون الاقتصاد الأميركي أقل حجما في نهاية هذا العام مما كان عليه في البداية.
وفي الحقيقة، يقول الكاتبان لينش ولونغ إنه لا أحد يعرف ما سيحدث بعد أشهر من الآن. لا أحد في وول ستريت أو في واشنطن لديه أي خبرة في التعامل مع هذا النوع من التهديدات المعقدة التي قلبت الحياة الأميركية رأسا على عقب.
وكان استعداد المشرعين لمساندة الإنفاق الهائل وإنقاذ الشركات يدل على أن الأميركيين يدركون بشكل متزايد أن المعركة ضد فيروس كورونا تنطوي على خيار صارخ بين الصحة والثروة.