لازال مفهوم الدولة الديمقراطية غائبا عن الوعي الاجتماعي في منطقة الشرق الاوسط، فقد التبس هذا المفهوم بفعل مصالح الدول الكبرى الخارجية، ومصالح الانظمة في الدول المحكومة بالدكتاتوريات، وهو متناقض ومختلف بين الغرب والشرق، في الغرب يتجسد مفهوم الديمقراطية في كيان الدولة الداخلي وفي العلاقة مابين القيادة والشعب وايجابياته تنعكس على المجتمع، وذات الدولة في سياستها الخارجية لاتتقيد بمفاهيم الديمقراطية لانها تسعى الى تحقيق اكبر قدر ممكن من المصالح لبلدها ولا يهمها ابدا مايحدث في مكان اخر جراء سياساتها الخارجية التي تقترب كثيرا من افعال المافيا والسطو السلمي او المسلح على ثروات البلدان الاخرى، ولا يهم راي الاخرين بل المهم جلب الثروات واستثمارها في الداخل والحفاظ على التقدم والحضارة في بلدانها وصيانة حرية وحياة افرادها بكل السبل المتاحة، اما في الدول المحكومة بالاستبداد فالامور معكوسة تماما، فهذه الانظمة تتعامل مع شعوبها كرجل مافيا وتسرق خيراته لتقدمها للاخرين، وتقمع الحريات وتمنع اي شكل من اشكال الديمقراطية، اما في سياستها الخارجية تصرف كل ثروات بلدانها من اجل تلميع صورتها امام الاخرين. الاشكالية تكمن في الرعيل السياسي الذي يدعي معارضته لمثل هذه الانظمة، ويدعي تبنيه لافكار الثورات ومفاهيم الحرية والعدالة والديمقراطية، ويمارس ذات الافعال التي تمارسها الانظمة فكل همه مجاراة السياسة الخارجية لتلك الدول، وتهميش الحاضنة الاجتماعية التي تسقط الانظمة الاستبدادية، ويبني تصوراته على اساس السياسات الخارجية للدول الغربية ويسير خلفها بطواعية اكثر من سير الطغاة انفسهم، فهو اما جاهل في السياسة ويعتقد ان تلك الدول ديمقراطية في سياساتها الخارجية، واما يعرف هذه الحقيقة ولكنه يتمسك بهذا الطريق ليصل الى سدة الحكم ويمارس استبداد جديد يحقق طموحاته. الوطني السليم المعافى المدرك لهذه الحقائق سيبحث عن السبل التي تحقق مصالح شعبه بالتوازي مع مصالح تلك الدول، ولابد من ايجاد بدائل تحقق الحد الادنى من القواسم المشتركة بين مختلف المصالح المتصارعة يكون الحظ الاوفر منها للشعب، ولتحقيق هذه المعادلة الصعبة يجب تحجيم تجار الدم والنفاق والتسلق. رسطام التمو 2/3/2014