كوردستريت|| الصحافة
(د ب ا) – أعلنت روسيا أن مطالبها لوقف الحرب في أوكرانيا تتضمن ضمان حياد الأخيرة من خلال عدم الإنضمام لحلف شمل الأطلسي (ناتو)، واعترافها بضم شبه جزيرة القرم لموسكو وبجمهوريتي لوهانسك ودونيتسك المعلنتين ذاتيا ، غير أن كييف ردت بأنها لن تتنازل عن سيادتها على أراضيها.
من جهة أخرى ،اتهم سيرجي ناريشكين ،رئيس جهاز المخابرات الخارجية الروسية (إس في أر)،واشنطن ووارسو بالتأمر لكسب منطقة نفوذ شرقي أوكرانيا.
وقال الباحث الأمريكي مارك إبيسكوبوس في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية، إن الخطة البولندية الأمريكية التي تردد الحديث عنها تشمل نشر قوات حفظ سلام بولندية ، بدون تفويض من حلف شمال الأطلسي )ناتو) ،في أجزاء من غربي أوكرانيا.
ونفت بولندا هذا الزعم ، واصفة إياه بأنه جزء من عملية تضليل روسية.
وربما يقصد من هذا الزعم أن يكون إشارة إلى أن روسيا تسعى لتمهيد الطريق لتقسيم قسري لأوكرانيا.
وأضاف ابيسكوبوس أنه حتى إذا كان هذا الأمر مختلقا ، فإن مخطط التقسيم يلقي الضوء على أولويات روسيا بعد مرور ثلاثة أشهر على الحرب ؛ حيث يمكن تفسير الزعم على أنه بمثابة بالون اختبار لرؤية الكيفية التي سوف يرد بها العالم على نتيجة لا تحقق هدف روسيا الرئيسي المتمثل في تغيير النظام في أوكرانيا ، ولكنه مازال يتيح للكرملين في نهاية الاستحواذ على مساحة كبيرة من الأراضي الأوكرانية لكي تكون دليلا على نجاح مغامرته العسكرية باهظة التكاليف. وبموجب هذا السيناريو، من المفترض أن تحتل القوة البولندية أجزاء من أوكرانيا كانت تابعة من الناحية التاريخية لوارسو ، بما في ذلك لفيف وإيانو فرانكيفسك وتيربوبيل ولوتسك، تحت ذريعة فرض منطقة إنسانية خالية من الحروب.
وفي نفس الوقت ، سيكون الجيش الروسي الغازي قد بسط السيطرة على كل شئ شرق نهر دنيبر ، تاركا فقط وسط أوكرانيا على حاله.
وسوف يتم في نهاية المطاف ضم الأجزاء التي تحت السيطرة البولندية إلى بولندا ذاتها وهى عضو في الناتو ، باستثناء ترانسكارباثيا -التي تعتقد مصادر روسية أن المجر سوف تضمها إليها – و تصبح بالتالي أراض تابعة للناتو .
ومن جهة أخرى ، سوف يتم إدارة النصف الشرقي للبلاد من جانب روسيا من خلال مزيج يجمع ما بين توافر حكومات تعمل لحسابها والضم المباشر. وقد تأخذ عندئذ الأجزاء الباقية من أوكرانيا شكل دولة مهملة مشلولة أقتصاديا ومنزوعة السلاح تكون بمثابة منطقة عازلة بين روسيا والغرب.
وأوضح ابيسكوبوس أنه لا يوجد دليل يشير إلى أن البيت الأبيض ووارسو يخططان لأي شئ من هذا القبيل.
ولم تعرض إدارة بايدن ولا أي من الحلفاء الغربيين الذين يشاركون في حملة الضغط القصوى ضد موسكو، أي إشارة إلى الاستعداد للمشاركة في تسوية أو حل عسكري لايحترم بالكامل سيادة أوكرانيا على أراضيها داخل حدودها المعترف بها دوليا.
ويبدو أن الاستراتيجية الحالية للبيت الأبيض ، وبصفة خاصة على ضوء اقتراح الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الخميس الثامن والعشرين من شهر نيسان/أبريل الماضي بانفاق 33 مليار دولار على أوكرانيا ، تركز على إبقاء الحرب قائمة إلى أجل غير مسمى بهدف إضعاف روسيا على المدى الطويل.
ويتعارض مع هذه الأهداف تعارضا تاما أي مخطط للتقسيم ، وبصفة خاصة مخطط بدأ في وقت يسعى فيه الجيش الروسي جاهدا،على ما يبدو، لتحقيق مكاسب كبيرة في أوكرانيا .
ومع ذلك ، واعتمادا على الكيفية التي سوف يتطور بها الوضع على الأرض في الشهور المقبلة، قد يجد الكرملين نفسه في وضع يتطلب فرض نتيجة على غرار التقسيم.
وإذا انتصرت روسيا في المعركة الجارية بشأن منطقة دونباس شرقي أوكرانيا ، ستكون قد نجحت في أن تقلص بشكل ملموس قدرة كييف على التنافس من أجل النصف الشرقي للبلاد.
وسوف يؤدي إحكام السيطرة الروسية على مناطق كبيرة شرقي أوكرانيا إلى إحياء الحملة العسكرية الروسية المتعثرة ؛ حيث سوف يكون هناك من المحتمل القليل من العقبات لمنع القوات الروسية الغازية من شن هجمات بأتجاه ميناء اوديسا الاستراتيجي جنوب غربي أوكرانيا أو العودة لمنطقة كييف للقيام بجولة ثانية تستهدف العاصمة الأوكرانية.
وذكر ابيسكوبوس أنه حتى إذا وصلت تلك الحملات إلى طريق مسدود ، فإن روسيا ربما تكون قادرة على الاحتفاظ بالأراضي التي استولت عليها في شرق أوكرانيا.
وسوف يتطلب ضم غربي أوكرانيا إلى بولندا درجة من موافقة غربية صريحة؛حيث أن تفتيت أوكرانيا على طول نهر دنيبر مرفوض.
ولكن مثل هذه النتيجة لاتزال احتمالا بعيدا ، وتتوقف بشكل كبير على قدرة الكرملين على إنقاذ حربه في الشرق ،حيث يتمتع بمزايا فريدة في شكل خطوط إمداد أقصر وأرض أكثر ملائمة له.
ويسعى الغرب للتعويض عن هذه المزايا من خلال شحنات مستمرة من نظم الأسلحة الثقيلة، ومشاركة فورية للمعلومات الاستخباراتية.
وليس واضحا ما إذا كانت أجهزة الاستخبارات الأمريكية ووزارة الدفاع (البنتاجون) تزود أوكرانيا بمعلومات لضرب أهداف روسية داخل روسيا.
ويحذر الكرملين من أن مثل هذه الهجمات سوف تؤدي إلى هجمات انتقامية تستهدف مراكز صنع القرار في كييف، بما في ذلك تلك التي يقول إنه يتواجد بها مستشارون عسكريون غربيون.
واختتم ابيسكوبوس تقريره بالقول إن موسكو تتعرض لضغط متزايد لتحقيق انتصارات مهمة في ميدان القتال مع حلول التاسع من شهر أيار/مايو ، وهو العطلة السنوية الكبرى عندما تحتفل روسيا بانتصار الجيش الأحمر على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية .