جان كورد/
بدايةً علينا التذكير بأن سير الأحزاب باتجاه تحقيق آمال وطموحات الشعب ليس منةً منها وليس تكرماً وإنما هو واجب قومي ووطني وإنساني، وإن أهم طموحات شعبنا المضطهد أبداً هو تضامن وتوحد وتقوية ساعد من تقع على عاتقهم المسؤولية التاريخية في القيادة السياسية الموجهة لشؤون الحياة الأخرى، إذ بدون وجود قيادة سياسية حكيمة ومتفهمة لروح العصر والتغيرات الكبرى التي يفرزها الواقع العملي ستنهار الأسس التي يقوم عليها بناء المجتمع كله، فالسياسات الفاشلة تنتج حكومات فاشلة، والحكومات المريضة الضعيفة تؤسس للوقوع في أزمات مختلفة تقود المجتمع إلى ما نسميه ب”الدولة الفاشلة”.
وعليه فإن القيام بما تمليه الضرورة المرحلية من عمل سياسي صحيح من قبل الأفراد والكتل هو من أهم واجبات الحركة السياسية، ولا يحق لأحدٍ مهما كان عظيم الشأن اعتبار القيام بما هو واجب عليه إنجازاً شخصياً أو عائلياً أو حزبياً تكرم به على شعبه، وبخاصة فإن المرحلة التي نمر بها الآن في غرب كوردستان خطيرة بكل معنى الكلمة، حيث الأعداء متربصون بشعبنا وعاملون على تدمير كيانه وانهاء وجوده وهدر طاقاته ونهب ثرواته وتجنيد فتيانه وفتياته كمرتزقة بلا أجور في خدمة مآربه التي تتعارض ومصالح شعبنا وطموحاته العادلة. بعد هذا يجدر بنا شكر كل الإخوة والأخوات الذين سعوا ويسعون إلى تحقيق مشروع “الاتحاد السياسي الديموقراطي” لتنظيمات حزبية كوردية من غرب كوردستان، ووصولهم إلى مرحلة اللارجعة من تنفيذ هذا المشروع بشكلٍ فعلي وجاد. وأقل ما يمكننا القول لهم في هذا المجال هو التأييد والتشجيع والشكر والتقدير، والدعاء لهم، لأن جمع الصفوف والقوى السياسية وترتيب البيت السياسي والتنظيمي لقوانا الوطنية والديموقراطية يصب مباشرة في طاحونة الشعب الكوردي التي تحتاج باستمرار إلى المزيد من طاقات أبنائه وبناته المبعثرة حتى الآن لأسباب ذاتية وموضوعية لا تخفى علينا جميعاً. ونحذر قادة شعبنا ورجال حراكنا الوطني الديموقراطي من أن أي تراجع عن تحقيق هذا المشروع الضروري يخدم أعداء شعبنا، وأن مستقبلهم السياسي مرهون بمدى جديتهم وتصميمهم على الاستمرار في بناء وتوسيع وتعميق هذا المشروع. وهنا يجدر بنا تقديم الشكر للإخوة الكوردستانيين الذين وقفوا مع هذه الفكرة وساندوا المشروع برمته وفي مقدمتهم السيد الرئيس مسعود البارزاني، الذي يعلم جيداً بأن وحدة قوى شعبنا في غرب كوردستان تصب في مصلحة كل الأمة الكوردية وفي مصلحة جنوب كوردستان على وجه الخصوص، وهو أدرى بموازين القوى على ساحة غرب كوردستان، ويدرك لماذا يجب دعم هكذا مشروع وفي هذا الوقت بالذات. أما بالنسبة إلى الاسم المختار لهذا المشروع بعد عقد مؤتمره التوحيدي الأول قريباً، وهو “بارتي ديموقراطي كوردستاني– سوريا” فما علينا سوى الترحيب به، لأنه ذات المشروع العريق الذي آمن الجيل الأول من حركتنا القومية في غرب كوردستان بضرورة بنائه وعمل له بإخلاص وعانى من أجله في المعتقلات وتعرض بسببه للملاحقات والتعذيب على أيادي أعداء الحرية والديموقراطية، وهو ذات المشروع الذي قمنا منذ عام 1999 بمحاولة احيائه وبعثه من جديد وصرفنا له وقتاً طويلاً من عمرنا، سنواتٍ متتالية، رغم كل العداء الذي جوبهنا به والاقصاء الذي تعرضنا إليه، ووضعنا له الأسس التي تتلاءم وثوابت الحركة التحررية الكوردستانيةوأقمنا في إطارها العلاقات الإيجابية على المستويات المختلفة، وأسسنا باسمه أول تحالف سوري وطني، ضم أبناء الكورد والعرب والأقليات السورية، وساهمنا كممثلين لهذا الحزب في العلاقات ضمن الاتحاد الأوروبي وفي الولايات المتحدة الأمريكية مع المؤسسات والشخصيات المعنية بالقضيتين الكوردية والسورية، كما كان بارتي ديموقراطي كوردستاني– سوريا عضواً مؤسساً في المجلس الوطني الكوردستاني– سوريا الذي تأسس في عام 2006. لذا، من وجهة نظري، كأول من دعا ببيان خطي آنذاك إلى إعادة تأسيس الحزب العريق، وكعضو في قيادته المؤسسة ومسؤولاً إعلامياً فيه لعقدٍ من الزمن، وكرئيس تحرير نشرته الدورية “صوت كوردستان” التي صدر منها أكثر من ثلاثين عددٍ بالتأكيد، إضافة إلى مسؤولٍ عن أحد مواقعه الالكترونية لسنوات عديدة، إلى أن أعلنت عدم تمكني من متابعة نشاطي الحزبي لأسباب ذكرتها في بيانٍ شخصي بعد كل تلك الجهود المضنية، أرى أن من الضروري تأييد ودعم مشروع هذا الاتحاد السياسي الديموقراطي وتبريك سعيه لاتخاذ اسم “بارتي ديموقراطي كوردستاني– سوريا” له لأنه اسم عريق تاريخياً ويعكس واقعاً قومياً وسياسياً لوجود ومطالب وحق شعبنا في غرب كوردستان، ولم يسجله أحد باسمه شخصياً في دائرة “الطابو”، وبالنسبة لي شخصياً لا أجد حرجاً في مباركة هذا المشروع واعتبر ما ساهمنا فيه آنذاك…خطوة في الاتجاه الصحيح الذي يسير عليه الاتحاد السياسي الآن… وهذا جيد. مبروك…. وإلى متابعة الكفاح من أجل الثوابت التي تأسس عليها أول بارتي سياسي كوردستاني، وفي مقدمتها النضال في سبيل الحق القومي العادل لشعبنا ضمن سوريا حرة وجديدة، تتسع لكل السوريين دون اقصاء أو استثناء.