كوردستريت|| #متابعات
– من المستفيد من عرقلة حل القضية الكردية في سوريا وتركيا وتحويلها إلى لعبة الصراعات الإقليمية والمؤامرات الدولية ؟
القضية الكردية في سوريا وتركيا تمثل واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا في المنطقة، حيث تتداخل فيها العوامل الداخلية والخارجية لتصنع مشهدًا سياسيًا وأمنيًا معقدًا.
عرفت هذه القضية محاولات عديدة للحل منذ الثمانينيات، لكن هذه الجهود قوبلت بعرقلة منظمة من أطراف داخلية وإقليمية ودولية.
أولًا: محاولات الحل وعرقلتها
ما هي المبادرات التي طرحتها النخب السياسية التركية لحل القضية الكردية؟
1.تورغوت أوزال:
كان الرئيس التركي تورغوت أوزال، ذو الأصول الكردية، أحد أبرز الداعين إلى حل القضية الكردية عبر الحوار والتسوية السلمية.
أطلق مبادرات تاريخية في عام 1993 مع تنظيم حزب العمال الكردستاني (PKK) بالتعاون مع جنرالات مثل أشرف بيتليس ومستشارين مثل عدنان قهوجي.
في 1993، تمكن الجنرال أشرف بيتليس من إقناع الحزب بإعلان وقف إطلاق النار، وكانت هناك مفاوضات مباشرة مع القيادة الكردية في العراق لحل كافة القضايا والخلافات السياسية القائمة .
لكن وفاة أوزال في ظروف مشبوهة عام 1993 (حيث أظهرت تقارير لاحقة أنه قد تسمم) أوقفت تلك الجهود.
2.أشرف بيتليس:
لعب الجنرال بيتليس دورًا محوريًا في مفاوضات السلام. قُتل في حادث تحطم مروحية في نفس العام بعد تقديمه تقارير عن الدعم الأمريكي لحزب العمال الكردستاني من قاعدة إنجرليك الجوية وذلك في عام 1993.
3.عدنان قهوجي:
كان مستشارًا مقربًا من أوزال، وعمل على مبادرات لإحلال السلام مع حزب العمال الكوردستاني ، لكنه توفي في حادث سير غامض على طريق أنقرة-إسطنبول السريع.
4.رجب طيب أردوغان:
أعاد أردوغان إحياء المفاوضات عبر “عملية السلام” التي بدأت عام 2013، لكنها انهارت في 2015 بعد تنفيذ حزب العمال وبتوجيه أمريكي – إسرائيلي تفجيرات وهجمات متتالية داخل تركيا.
محاولات الحل الإقليمي :
وقع بروتوكول أمني بين تركيا وسوريا عام 1992 لحظر نشاط حزب العمال الكردستاني مقابل تقاسم مياه نهر الفرات، لكن سوريا ( النظام الاسد ) لم تلتزم و.تصاعدت التوترات بين أنقرة ودمشق من جديد ، خاصة بعد استخدام حافظ الأسد حزب العمال كورقة ضغط ضد تركيا حتى فرار بشار الاسد إلى خارج سوريا بعام 2024 .
أبرز العوامل المعرقلة للحل
1.الدول الإقليمية:
– إيران: تقدم دعمًا لوجستيًا لحزب العمال، بما في ذلك علاج المصابين في أراضيها، وفق تصريحات وزير الدفاع التركي يشار غولر.
– سوريا: استخدمت الحزب كورقة ضغط ضد تركيا، واستضافت معسكرات تدريب له في وادي البقاع اللبناني.
2.الدول الكبرى:
– الولايات المتحدة: رغم تصنيفها حزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية، إلا أنها تقدم دعمًا مفتوحاً لقوات سوريا الديمقراطية (المرتبطة بالحزب) بشكل مباشر في سوريا.
– إسرائيل: تورطت في تقديم دعم غير مباشر للحزب واستخدمت المعلومات الاستخباراتية بشكل مزدوج.
ثانيًا: متى بدأت علاقة إسرائيل بحزب العمال الكردستاني ؟
البداية والتدخلات
بدأت علاقة إسرائيل بحزب العمال الكردستاني في أوائل الثمانينيات، حيث استُخدم الحزب كأداة لتحقيق أهداف إسرائيل الإقليمية.
– في التسعينيات من القرن الماضى ، باعت إسرائيل طائرات مسيرة لتركيا لكنها تلاعبت بالمعلومات التي تنقلها هذه الطائرات من جبال قنديل إلى غرفة العمليات في انقرة. كانت الصور تُرسل أولًا إلى مركز في إسرائيل حيث يتم تعديلها والتلاعب بها قبل إرسالها إلى هيئة الأركان التركية، مما أدى إلى قصف المتكرر لمواقع خالية بدلًا من مواقع الحزب.
وبحسب الوثائق المنشورة ، فإن العلاقة وصلت بين البلدين إلى ذروتها عندما كشفت إسرائيل معلومات عن مواقع حساسة لضباط أتراك، مثل العقيد مليح غولوفا، الذي اغتيل لاحقًا في تفجير دبّر له تنظيم حزب العمال بناءً على هذه المعلومات التي سربتها إسرائيل للحزب.
– أهداف إسرائيل من دعم الحزب
– زعزعة استقرار سوريا و تركيا والعراق ومنعهم من تطوير صناعات عسكرية مستقلة مثل الطائرات المسيرة وخاصة داخل تركيا. .
– استخدام الحزب كورقة ضغط لتحقيق مصالحها في سوريا والعراق.
ثالثًا: دعم الدول الكبرى والإقليمية لحزب العمال الكردستاني
1.الولايات المتحدة:
– استخدمت حزب العمال في شمال سوريا لتحقيق أهدافها البعيدة المدى في سوريا وتركيا.
– قدمت مساعدات لوجستية وعسكرية لقوات سوريا الديمقراطية (المرتبطة بالحزب) بهدف إثارة الفوضى ولمنع حل القضية الكردية دستورياً ضمن العهود والمواثيق الدولية.
2.إيران:
– دعمت الحزب بشكل سري كجزء من استراتيجيتها لمواجهة تركيا.
– كشفت تركيا عن وجود عناصر الحزب في الأراضي الإيرانية وتقديم طهران الدعم الطبي لهم.
3.سوريا ( عائلة الاسد) :
– وفرت دمشق ملاذًا آمنًا لعبدالله أوجلان على مدار ثلاثة عقود وسمحت بتدريب مقاتلي الحزب في وادي البقاع اللبناني وفيما بعد في اللاذقية .
– استخدمت الحزب كأداة للضغط على تركيا في ملف المياه ولواء إسكندرون.
رابعًا: الوضع الحالي
لا تزال القضية الكردية عالقة بسبب استمرار النزاعات المسلحة واعتماد الدول الإقليمية والدولية على الورقة الكردية كأداة ضغط وابتزاز ولعرفة أي جهود تدفع الأمور نحو هذه القضية من الجذور .
المرحلة الراهنة تتسم بتدخل أعمق من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل في شمال سوريا واليوم لدى اسرائيل قواعد أمنية داخل منطقة شرق الفرات ، مما يزيد من تعقيد الموقف والمشهد السياسي برمته.
وتختتم الوثائق المنشورة، ان الحوادث المتتالية داخل سوريا والتصادم مع العشائر العربية وتنفيذ هجمات ارهابية داخل تركيا يعرقل حل القضية الكردية واصبحت جزء من لعبة إقليمية ودولية تُستخدم فيها هذه القضية كوسيلة لتحقيق أهداف سياسية وجيوسياسية.
تحتاج تركيا وسوريا الجديدة إلى إرادة سياسية قوية وتنسيق مشترك لإنهاء هذا النزاع الذي أرهق المنطقة لعقود.
المصدر : الصحافة التركية