ماجد عبد الهادي
هم أكراد غاضبون، بفعل المعركة التي يخوضها بنو جلدتهم مع تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، ويتصرفون بردة فعل متطرفة، نحو العرب، والمسلمين عموماً، ويظنون أن “التشبيح” و”البلطجة” يصلحان أسلوباً لتوجيه وسائل الإعلام.
في حمأة الغضب، ينسى “الشبيحة” الكرد، أو يتناسون، أن “داعش” ليس حزباً قومياً عربياً، كي يعتدوا على العرب انتقاماً منه، ويتجاهلون، أنه يقتل كل من يختلف معه، بلا اعتبار للانتماء القومي، أو الديني، وأن في صفوفه، مقاتلين كرداً، أحدهم، يقود معركة عين العرب، ويقف خلفه مئات المسلحين القادمين من شتى أصقاع الأرض.
الردة الشوفينية الكردية هذه، تنعكس، أيضاً، على مواقع التواصل الاجتماعي، في شبكة الإنترنت، بصراخ هستيري، يتنصل من الإسلام، ويستحضر أساطير الكرد الأولين؛ “نحن أبناء الشمس والنار”.
تُرى؛ بماذا كان سيختلف، هؤلاء، عن “الدواعش”، لو أتيحت لهم قوة كقوتها؟ إنهم، يمارسون الإرهاب الأعمى ضد أناس يؤيدون قضيتهم. محامون فاشلون لقضية عادلة، كنت أقول، كلما رأيتهم يتهجمون على الصحافيين، أو قرأت ما يكتبون، وفي ظني، أن ما يحدث مجرد سلوكيات فردية، تسيء لكفاح الكرد القومي التاريخي، من أجل حقهم في تقرير المصير، على أرض وطنهم.
لكن، الأمر أبعد وأخطر، على ما اتضح لي من قرائن أخرى، بينها تجربة تهديد شخصي تعرضت له، واضطرني إلى مغادرة عين العرب؛ فهؤلاء، وباختصار، ينتمون إلى أحزاب كرديةٍ بات قادتها يتصرفون، وفق منطق ميكافيلي، يتناقض مع مبرر وجودها، كقوى ثورية تحررية، وما عادوا يتحرّجون من التنسيق والتعاون الأمني مع نظام بشار الأسد، وبيعه خدمات تضر بالثورة السورية، بينما يتعاون بعض رفاقهم مع إسرائيل نفسها.
2- فتش في عين الغرب:
ما زال تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” يخطف أضواء العالم، أو لعلها هي التي تخطفه، حتى ليبدو كأنه العنوان الوحيد للإرهاب، في هذه المنطقة من العالم، وكأن القوى الأخرى المتصارعة، كلها، حمائم، لا تفعل سوى الغناء للسلام.
نظام بشار الأسد، وحزب الله، وجماعة الحوثي، وكتائب أبو الفضل العباس، وسواهم، يفعلون يومياً مثل الذي يفعل “داعش”، وأكثر. يجتاحون المدن، ويقتلون، ويعذبون الناس. لكن، من دون أن يفاخروا بقطع الرؤوس، أمام الكاميرات، فلا يكترث المجتمع الدولي بجرائمهم الوحشية، ولا يُجيش الجيوش، للحرب عليهم، بل إن الولايات المتحدة الأميركية، ودول أوروبا الغربية، تؤازر، أحياناً، بعض هؤلاء، وأمثالهم، ضد آخرين، وفق ما يتسق مع مصالحها، وطبعاً تحت شعارات الدفاع عن حقوق الإنسان.
خذ مثلاً، ومرة أخرى، هذا الذي يحدث، الآن، في عين العرب “كوباني”، وكيف أن التحالف الدولي يكرس قوته، لنصرة قوى كردية، كان الغرب يصنّفها، ولا يزال، في قوائم الإرهاب. طائراته تقصف مواقع “داعش”، وتدحر مقاتليه، عن وسط المدينة، ثم تغيب، فيتقدمون من جديد. وبينج الكر والفر، تعود لتلقي بالأسلحة، والذخائر، إلى المقاتلين الكرد، من الجو، فيحدث أن تسقط صناديق المساعدات، بالخطأ، بين أيدي مقاتلي “داعش”!
هل قالوا بالخطأ؟ ومن يدري، إن كانت الحقيقة كذلك فعلاً، أو أن المراد إطالة أمد المعركة المستمرة منذ ثمانية وثلاثين يوماً، إلى أن تنجر تركيا إليها، وتتورط في ما يهدد استقرارها. فتش في عين الغرب، قلت على شاشة “الجزيرة”، وأقول، الآن، إن شئت أن ترى، من تكون قرتها التي يجب أن تظل وحدها، آمنة مستقرة، بينما يتفتت كل جوارها، ويقتتل.