كوردستريت|| تكنولوجيا
في أكتوبر 2021، أعلن مارك زوكربيرج مؤسس الفيسبوك عن تغيير اسم شركته من فيسبوك إلى ميتافيرس “Metaverse”، ما أثار دهشة العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وتساءل الجميع، لماذا فعل مارك ذلك؟
حسنًا، في الحقيقة إنها خطوة محسوبة ولم يكن “زوكربيرج” هو الرائد فيها، حيث سبقته العديد من الشركات متعددة المنتجات وغيرت اسمها الأول إلى اسم آخر أكثر شمولًا، أقرب الأمثلة شركة جوجل التي غيرت اسمها إلى ألفابيت في عام 2015. وقبلهما فعلت العديد من الشركات الكبرى نفس الأمر. وهنا نجد سؤالًا مهمًا مطروحًا في الساحة، وهو..
ت
ما الذي يدفع الشركات العملاقة لتغيير أسمائها؟
ضغوطات اجتماعية.. عندما يسيطر التوجه العالمي، يخضع الجميع
نحن الآن في عصر السرعة، خاصة في آخر 10 سنوات، نستيقظ كل يوم على ابتكارات واختراعات جديدة، ما يعني أنّ الزمن حرفيًا يتغير ونشعر بذلك. المفاهيم تتغير، الفكر يتغير، الكون نفسه يتغير، تُولد نجوم وتلاقي أخرى حتفها، الحياة ليست مستقرة، إذا لم يسلم الإنسان بهذا، سيخسر كثيرًا، ربما لهذا السبب، نجد أنّ عصرنا هذا أكثر ارهاقًا من أي عصر مضى على بني آدم. هذا على المستوى الإنساني..
عندما نتحدث على مستوى ريادة الأعمال أو البيزنس عمومًا، نجد أنّ الشركات، خاصة العالمية، في حاجة للتطور في كل يوم.. في كل ساعة.. في كل وقت. إنها في حاجة لمواكبة ما يحدث في العالم الخارجي باستمرار. تتعرض الشركات للضغوطات الاجتماعية في كثير من النواحي، خاصة عندما تغير اتجاهاتها التي بدأت بها، فلا تتعجب إذا وجدت شركة تغيرت توجهاتها أو منتجاتها تمامًا عن أول مرة أُطلقت فيها. أو أخرى تتعارض توجهاتها الأصلية مع العالم الخارجي، بتعبير آخر، عندما تتعارض مع أحداث خارجية بالغة التأثير، في مثل هذه الحالات تضطر الشركات لتغيير أسمائها، تماشيًا مع التوجهات الجديدة، حتى لا تتعرض لتعليقات الجمهور. ومثال على ذلك شركة توتال الفرنسية.
“نريد أن نصبح من رواد الطاقة الخضراء”
هذه كلمات “باتريك بوياني”، الرئيس التنفيذي لشركة توتال “Total” الفرنسية، وهي بالمناسبة رابع أكبر شركة في العالم في مجال النفط. مع أزمة التغير المناخي، وسعيًا من شركة توتال للمساهمة في إحداث تغيير، غيرت الشركة توجهاتها – بعض الشيء – وقررت الاستثمار في الطاقة النظيفة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية وغيرهما. أرادت إثبات توجهاتها فلجأت لتغير اسمها إلىTotalEnergies “.
وقد أشاد أكثر 90% من المساهمين في الشركة بهذه الخطوة، بالرغم من استياء بعض المستثمرين إلا أنّ الأغلبية الساحقة حققت هذه الخطوة. وفي مايو 2021، أعلنت الشركة بصورة رسمية عن تغيير اسمها.
الرغبة في الانفراد.. ليصبح الاسم أكثر دقة
عام 2006، باعت جنرال موتورز “General Motors”، وهي شركة سيارات عالمية، أحد منتجاتها “GMAC”، المتخصصة في الخدمات المالية، لكنها احتفظت باسمها لبعض الوقت، لكن بمرور الوقت، توسع نشاطها، ولم تعد مخصصة لإمداد جنرال موتورز فقط بالقروض، ولكن خدماتها شملت العديد من الشركات الكبيرة، وفي 2010، قررت تغيير اسمها ليصبح أكثر دقة، والخروج من تحت تنورة الشركة الأم، وأصبح الاسم الجديد هو “.alyy bank
الهروب من الماضي.. لماذا لا نفتح صفحة جديد؟
نسمع كثيرًا عن شركات انخفضت جودة منتجاتها أو اتصل اسمها بفضيحة ما في وقت من الأوقات. تصبح هذه الأمور وصمة في تاريخ الشركة، خاصة إذا انتشرت السلبيات على نطاق واسع. تضطر الشركة لاتخاذ إجراءات لمحو هذا العار من خلال تحسين جودة المنتج أو المساهمة في الأعمال الخيرية وعلاج المشكلات التي أودت بها إلى هذا الحال، وهناك استراتيجية ذكية مهمة، إنها تغيير اسم العلامة التجارية، ما يساعد الجمهور في نسيان الدلالات السلبية المرتبطة بالاسم القديم.
منتجات كثيرة.. حان وقت التوسع
تتوسع العديد من الشركات الناجحة، وتخرج بمنتجات جديدة أو تستحوذ على شركات أصغر، وبمرور الوقت تصبح أكبر وخدماتها أكثر. والأمثلة على ذلك كثيرة:
آبل: عندما انطلقت كان اسمها Apple Computer، فقد كانت مهمته وقتها فقط بتصنيع الحواسيب، بعد ذلك بدأت تتطور وتخرج بمنتجات أخرى مثل الهاتف الذكي “آيفون” والآيباد وآيبود وغيرها. أي أنها صارت متعددة المنتجات، وحان وقت التغيير إلى اسم شامل، وفي 9 يناير 2007، أعلن المؤسس الراحل لآبل “ستيف جونز ” عن إطلاق شركة جديدة Apple Inc، حيث حُذفت كلمة Computer.
•جوجل: إنه محرك البحث المشهور الذي انطلق لأول مرة عام 1998، توسعت شركة جوجل بمرور الوقت وتتبنت سياسة الاستحواذ، حيث وضعت يدها على عدد من الشركات المرموقة أبرزها يوتيوب. عندما زادت منتجات جوجل، صار من الضروري تغيير اسمها إلى آخر يشمل مجموعة المنتجات، وقد كان في عام 2015، عندما قررت إدارة جوجل تغيير اسم الشركة إلى ألفابيت.
•فيسبوك: في أكتوبر 2021، أعلن “مارك زوكربيرج”، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك عن تغيير اسم الشركة العام إلى ميتافيرس. حيث ظهر فيسبوك لأول مرة عام 2004، وبمرور الوقت، صار واحدًا من أهم- إن لم يكن الأهم- وسائل التواصل الاجتماعي في العالم. كان الشاب الأمريكي مارك طموحًا، حتى أنه استطاع التوسع بشركته واستحوذ على شركات أخرى أبرزها واتساب وانستغرام، فأصبح ملك وسائل التواصل الاجتماعي بلا منازع، حتى أنه سُئل عن هذا التصرف أثناء محاكمة عمالقة التكنولوجيا في 2020، واتهمه البرلمان الأمريكي أنه قد قتل المنافسة بفعلته هذه. لكنه رد بأنه لم يكن يقصد ذلك.
تنحي البدايات وبدء الاحتراف.. ربما كانت مؤشرات النجاح ليست واضحة
عند تأمل أسماء الشركات الأولى:
•كانت جوجل “Google” تسمى Backrub.
•وتويتر “Twitter” أُطلق عليه في البداية “Twittr”.
•انستغرام “Instagram” عُرفت في البداية بـ”Boubn”.
كانت هذه هي الأسماء التي بدأت بها هذه الشركات، ربما لم يعتقد أصحابها بأنها ستتطور بهذا الشكل المذهل عندما أطلقوا عليها الأسماء الأولى، لكن مع مرور الوقت، صارت من أهم وأغنى الشركات في العالم.
لكن أُعطيت أسماؤها الحالية مبكرًا، ربما بسبب ظهور مؤشرات النجاح، أو ليسهل الترويج. لكن الأكيد أنّ أصحاب هذه الشركات قرروا الانطلاق والمغامرة في عالم الاحتراف وأخذ الأمر بجدية أكثر، مثلًا تويتر، كان يُكتب هكذا Twittr” بدون حرف (e)، ما يعني أنّ الاسم مختصر وسريع، لكن بمجرد أن ظهرت بوادر انتشار تويتر، أسرع العاملون عليه وأضافوا هذا الحرف، ليصبح علامة تجارية واضحة للجميع، وتأكيد الهوية لغويًا.
عمومًا، إنّ تغيير الاسم في بداية انطلاق المشروع، يدل على أنه قد بدأ غالبًا كتجربة، ولم يتأكد المؤسسون من نجاحه، فلا يكون تدقيق الاسم على رأس قائمة الأولويات. لكن يبدأ التدقيق عند ظهور بوادر النجاح. (تخيل كم مشروع تقني هائل الآن كانت بدايته تجربة تخمينية)!
الملكية الفكرية للأسماء
في كثير من الأحيان، يُصادف التقاء اثنين من العلامات التجارية في الاسماء ، لكن عندما يُكتشف الأمر، تهم الشركات الأولى لإجبار العلامة التجارية الأخرى لتغيير الاسم. حدث ذلك عدة مرات. كما في الحالات الآتية:
•عندما ظهر تطبيق سناب شات “Snapchat” الشهير لأول مرة، لم يكن يحمل هذا الاسم، بل كان اسمه “Picaboo”، لكن لسوء الحظ، كان هناك تطبيق آخر يحمل هذا الاسم، فتغير اسم العلامة التجارية إلى سناب شات.
•إذا كنت من جيل الثمانينات أو السبعينات، ومتابعًا جيدًا للمصارعة الحرة، لا بد وأنك لاحظت الاسم الأولي للاتحاد العالمي للمصارعة الذي كان يُكتب اختصاره هكذا “WWF”، لكن لسوء الحظ نشأ صراع عام 1994 بين الصندوق العالمي للحياة البرية والاتحاد العالمي للمصارعة، فقد كان هذا الاختصار مملوكًا لصندوق الحياة البرية قبل الاتحاد العالمي للمصارعة. دخل الثنائي في محاكمة قضائية، ورُفضت دعوى الأخير، وعاد الاسم إلى حظيرة الصندوق العالمي للحياة البرية، واضطر الاتحاد العالمي للمصارعة لتغيير اختصاره إلى “UWW”.
وأخيرًا.. ربما أنك بعد قراءة السطور السابقة قد أيقنت أنّ تغيير اسم العلامة التجارية لا يكون شيئًا مزاجيًا، ولكن له أسباب مقنعة. والحل العملي لتجنب الخلط والمشكلات هو تغيير اسم العلامة التجارية الأم لتصبح أعم وأشمل في حالة تعدد المنتجات أو التخلي عن الاسم الأول إذا استدعت الضروريات الأخرى ذلك.