إنَّ الحديث عن كوردستان لا ينتهي مادامت هناك أرواحٌ تنبضُ له بالحب والتفاني… وطني بلدُ الشهداء وفيها بزغ نور الحياة….
أتحدثُ عن وطني سيرة عطرة من الكفاح ونحن في مرحلة التأسيس… وطني قصةُ حبٌ لا تنتهي بل تتجدد من عهدٍ إلى عهدٍ ومن جيلٍ إلى جيلٍ؛.فكلنا شركاء في الوطن… كلمات نابعة من صدق الولاء وعمق الإنتماء لإخواني أبناء هذا الشعب العظيم الذي سَطّرَ التاريخُ مجدَه في النضال والكفاح لذا وجِبَ علينا توحيد كل الصفوف لأننا أمام مرحلة مفصلية في تاريخ الكورداتي ونبذ خلافاتنا الحزبية والشخصية جانباً فالمرحلة التي نحن فيها مليئة بالصراعات والكل منهمك بنفسه؛ فلماذا لا نبحث نحن أيضاً عن مصلحتنا العظمة والفرصة التاريخيةمتاحةُ بين أيدينا ولن تتكرر لمئات السنين؛ نعم لقد حانَ الوقت ليدركَ الجميع بأن مصلحة الكورداتي فوق كل إعتبار وليكن هذا مشروع استنهاضاًللنفوس وتحريكاًلمكامن القوة والغيرة عند أفراد الشعب…
كوردستان أولاً، هو نداءٌ لكل غيورٍ من أبناء هذه الأرض لإكمال المسيرة التي خاضها أجدادنا بدماءهم إبتداءاً من درويش عبدي وبرزاني الأب وقاضي محمد وأوجلان وطالباني وليومنا هذا…حتى ينعم وطننا بالخير والأمان معتزين بهكذا وطنوفخورين بهؤلاءالقادة؛ إلاّ أن مفهوم «كوردستان أولاً» لن يتحقق إلا بالمشاركة الحقيقية من شباب وشابات هذا الوطن لتترجم إلى واقع ملموس حي حتى نجني ثماره في الحاضر والمستقبل بتكاتف الأيدي وتلاصق الضمائر وترك خصوماتنا وكراهيتنا لبعض؛فلنقف في صفٍ واحدٍ متسلحين بسلاح الإيمان والعلم والإرادة الصادقة للوصول إلى حقنا المسلوب وبناء مستقبلنا؛ فصلاح الأمة يكون بصلاح أهلهِ الذين يعيشون فوق ترابه ويتنسبون إليه تحت راية كوردستان حق لنا.
والنقطة المهمة التي لا يختلف عليها اثنان بأن مسؤولية تطبيق مفهوم «كوردستان أولاً»تقع على هؤلاء الشبيبةأكثر من غيرهموهم يؤدون دوراً مهماً في التصدي للأعداء والدور الذي يؤدونه بنفسهم ولأقرانهم تعجز عن أدائه كل المؤسساتوالأحزاب لأنهم خط الدفاع الأقوى؛ ففي النهاية هم المعنيون والمقصودونببذل كل الجهود من أجل رقي ورفاهية هذا الوطن، فإذا أخلَّ كل واحد منا بدوره نحو أمن أرضه ونمائها وامتنع عن التعاون مع ابن قضيتهأرتد ذلك سلباً على أمن وسلامة الجميع.
مفهوم «كوردستان أولاً» الذي نريده، هو شعورٌ قوميٌ متعطشٌ للمشاركة في بناء وطنٍ حرٍ في مختلف المجالاتوإكمال مسيرة ما بدأه الأولونحيث يغلب مصلحة الكورداتي فيه فوق كل إعتبار ويجمع كل الطوائف والإتجاهات لتكون دعامةً ومصدرُ قوة لوطنٍ متماسكٍومتطورٍ… فالوطن ليس مصطلحاً سياسياً مجرّداً ولا كلمةً يمكن تغييرها أو تبديلها متى ما شاءت أهواء ذوي المصالح الضيقة كبعضهم؛ بل هو وجدانٌ ومشاعرٌ وأحاسيسٌ وإنتماءٌيتوحد فيها الأرض والإنسان مُكوّناً روح الكورداتي بما تعنيه من ارتباط عميق غير قابل للتفكك تتجسدُ سلوكاً وممارسةً في بذل الغالي والنفيس لتظل كوردستان قويةً متماسكةً ومُكرّمةً يسعى كل أبنائها من أجل حمايتها وتقدمها ورقيها مهما أختلفت وتباينت آراءهم وتصوراتهم التي في النهايةينبغي أن تصب فقط في هذا الاتجاه.
ولهذا بات من الضروري أن يصّطف الجميع في خندقٍ واحدٍ عنوانها «كوردستان أولاً» متجاوزين كل التباينات السياسية والفكرية المختلفة إلى ما يحققُ المصالح العليا ويضعها فوق كل إعتبارٍ أو مصلحةٍ ذاتيةٍ وتكون دعامةً قويةً ضد أي عدوان يحاول اختراق صفها أو تماسكهافي التعايش ضمن وطنٍ واحدٍمتعددالمذاهب والثقافات وذلك يحتاج إلى وقفةٍ صادقةٍ مع النفس فالوطن هو الحضن الدافئ والأرض المباركة التي تحتضننا فوق ترابها.
إنَّ مستقبل الوطن الواحد حقٌ مشروعٌ لشباب وشابات كوردستان الغالية الذين يشكلون الغالبية السكانية ولا بديل عن ترسيخ مفهوم «كوردستان أولاً» في عقولهم وضمائرهم إلّا من خلال غَرسِ قيم الإنتماء والمشاركة؛ لذلك وجِبَ على المعنيين بتعليم وتثقيف النشء الجديد مبادئ الإعتزاز بتاريخ كوردستان والتضحيات التي بُذلتْ من أجل قيامها، فجهل الكوردي بحقوقه ومستقبله يضعنا ويضعه أمام عائقِ التقدمِ بعكسِ إطلاعه الذي يجعله إنساناً منظماً يعرف ما عليه من واجبات وما له من حقوق وبذلك يكون أكثر تعطشاً لحقوقه في فكره وسلوكه. لنصرة قضيته أو تقرير مصيره.
قد ارتوت أرض هذه البلاد من دماء الشهداء الذين وهبوا أرواحهم قرباناً لبقاءنا حتى أُشبعتْ، فأقل ما يتوجب علينا بأن نثمّنَونحترم هذه التضحيات وأن نتكاتف مع بعضنا البعض بصدقٍ وإخلاصٍ لصدِّ أي عدوان يريد النيل من سعينا لاسترداد حقوقنا المسلوبة…..