كوردستريت/ يتسأل الكثيرون لماذا أخذت معركة كوباني هذا الحجم بينما لم تأخذ أمكنة أخرى او مدن أخرى هذا الحجم ؟ رغم تعرض الكثير منها للتدمير والهجوم من قبل التنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ( داعش ) على سبيل المثال وليس الحصر مدينة الرقة ؟!! مع إنها الأكبر حجماً بالمقارنة مع كوباني ، إذاً يحق لنا التساؤل في هذا الإطار لماذا أخذت كوباني هذا الحيز الكبير من الاهتمام الدولي ؟ بينما لم تأخذ أمكنة أخرى مثل هذا الاهتمام ..؟!
فمن يعرف كوباني …يعرف بأنها تقع في ريف محافظة حلب الشمالي الشرقي وعلى الحدود المباشرة مع تركيا ،والتي تعادي الكورد بشكل عام وحزب العمال الكوردستاني بشكل خاص مع حليفه حزب الاتحاد الديمقراطي المسيطر على أرض الواقع في مدينة كوباني …إذاً من النقاط المهمة في معركة (كوباني ) هي وجود أعداء –وجوار ( وأقرباء أعداء ) علة جهتي الحدود ؟ فمن يعرف كوباني يعرف بأن الدين الاسلامي هو دين التسامح وليس التشدد ، لاتفرض كوباني الحجاب على الناس بحجة تطبيق الإسلام ، فكوباني لازالت من المناطق الكوردية التي تحافظ على الحشمة في ملبسها وتتقيد بالتقاليد الإسلامية دون أن تزاود بها ،وربما الوضع الكوردي نفسه هو من جعل من كوباني لتكون محط أنظار العالم ، فقد شبهها الكثيرون بشنكال في العراق بسبب ( المأساة الفجائية وانسحاب القوات الحامية إلى بقعة جغرافية صغيرة وتحول سكان القرى إلى مهاجرين ) ،و لأن كوباني تقع في وسط سني متعصب ” قومياً ودينياً ” فمثلاً في الجهة الجنوبية تحدها بلدة صرين ومن الشرق تل ابيض ومن الغرب جرابلس والتي الجهة التي تسيطرعلى تلك الجهات الثلاثة هي داعش بعد أن طردت الجيش الحر ، فكل تلك المناطق تختلف عن كوباني بسبب التحاق أبنائها بداعش لأسباب مختلفة ومنها القوة المالية والعسكرية التي تمتلكها إضافة النظرة العنصرية التي زرعها النظام فيهم ضد الكورد ( الادعاء بأنهم انفصاليون ) كل ذلك يجعل من كوباني مختلفه عن باقي المدن القريبة منها والتابعة لمحافظة حلب .
ففي الثورة السورية تختلف كوباني عن باقي المدن الأخرى فكوباني بقيت مهملة من قبل النظام أشد إهمال في جميع المجالات الخدمية والسياسية والاقتصادية ، ولم يكن يتم توظيف أبنائها إلا بنسبة قليلة جداً رغم امتلاك أبنائها لشهادات عليا ، بينما الكثيرون من ابناء المدن الأخرى كان يتمتعون بعطايا البعث ومكرماته ،وانقلبوا على النظام لصالح الجيش الحر ومن لصالح داعش ضدهما .
كما اختلفت كوباني عن باقي المدن أثناء الثورة بينما كانت حلب والرقة تغط في نوم عميق كانت كوباني تتظاهر ضد النظام لمدة أكثر من عام وتتضامن مع ” درعا وحمص وحماه وتبليسه وباب عمرو” ، وكانت يتم يعتقل أبنائها على حواجز الأمن ليلتحق هذا الأمن فيما بعد بداعش ويعتقل أبناء كوباني من جديد على حواجزها ايضاً .
هذه كوباني التي تسامح والمختلفين معها وتساند أخوة الحدود المفروضة عليها من ( سايكس وبيكو) رغم أنوف شعوب المنطقة ،ولكن الأمر يتعلق بعقلية التي نتعامل بها ، فهل نحتاج إلى خرائط أخرى من عالم أخر لنصدق بعضنا البعض بشأن بأن أهل كوباني كانوا ينادون بـ( واحد واحد واحد الشعب السوري واحد) وهم من أوائل أبناء المحافظة التي نادوا بالديمقراطية والحرية والكرامة والمساواة ، ولكن هل نحن بحاجة( لسايكس بيكو) أخر لنصدق من عاش معنا وكان يزرع لنا القمح لنأكل والقطن لنلبس… إن كان يزعجنا ما نلبس ونأكل فلننزعج من كوباني ، فكوباني لاتختلف عن حمص إن كان نفكر كسوريين ،ولكنها تختلف إن كنت نفكر كــ( سنة وعلويين ودرزيين وإيزديين وكأكراد ومسيحيين وعرب وسريان) .
إذاً هل علينا أن نقبل بداعش المختلفين عن ثقافتنا ، والمزروعين من مخابرات كل العالم في جغرافياتنا ؟ على حساب أخوة متسامحين لنا في حدود السياسية المفروضة علينا جميعاً ” كورداً وعرباً” هل نرتاح إذا أخذت مدينة سورية بقوميتها الكوردية أو سورية بطائفتها الدرزية اهتمام العالم ، أم ننزعج من ذلك .
علينا ان نتكاتف ونسعى للعمل لتكون سورية لكل القوميات والأثينيات وان لايزعجنا من يتضامن مع إخوة لنا في الحدود ونعتبر بأن انتصار الجزء من سوريا هو انتصار للكل السوري بمختلف ( الاثنيات والقوميات ) وإن اختلفت لغاتنا وثقافتنا ، ولكن تجمعنا الآمال بإيجاد سورية تعددية ديمقراطية مدنية بعيدة عن الإقصاء والتشدد .
فكل سوري إذا ارتاح لهجرة أو لقتل شخص كوردي من كوباني سيفرح لهجرة أو قتل شخص من درعا وحمص وحلب .. فلن يكون سوري ولن يكون إنسان ولن يكون مسلم أو من الديانات الأخرى إذا ” سعد أو سعى لذلك ” .
ولكن هناك أسئلة علينا طرحها كسوريين ……….لماذا نقف مع الافريقي بشان التميز بسبب اللون ؟ ولماذا نقف مع كل شعوب العالم ….ولكن نرفض حصول إخوة لنا نعرفهم ويعرفوننا على مدى عقود نمنع عنهم ” اللغة والثقافة وحق تقرير المصير ”
فكوباني حدود مع مدينة اخرى اسمها سروج في الجانب التركي لهم اخوة على جانبي الحدود ( تركيا وسوريا ) فكوباني البعض من أبنائها لايعرفون التكلم ” بالعربية والتركية ” رغم تقسيمها بخارطة الأحلاف والمؤمرات الدولية ، فهي تتفق باللغة الكوردية على جانبي الحدود بعيدة عن تلك الأحلاف والمؤمرات ” هي اللغة ” التي حاول الطرفين محوها من خارطة اللغات والاختلاف ……….لذلك كوباني لها الثقل في هذا الزمن ولها الحق أن تكون محط أنظار العالم . … فهي مختلفة في الحدود والقومية والتسامح والثقافة وإن أوصلها ذلك لدهاليز السياسة الدولية فان ذلك يعود لسياسة النعامة التي يمارسها أخوة التراب مع أبناء الحدود .