كوردستريت || الصحافة
قالت مجلة فورين بوليسي إن على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إنهاء سياسة الكيل بمكيالين بشأن الأسلحة النووية الإسرائيلية، بعد أن حرص طوال عقود الرؤساء الأميركيون السابقون على عدم إثارة هذا الملف، رغم سياسة واشنطن لحظر الانتشار النووي في المنطقة.
وذكرت المجلة -في مقال لفيكتور جيلينسكي وهنري سوكولسكي المسؤولَين السابقين في هيئات أميركية مختصة في منع الانتشار النووي- أن “البرود” إزاء إسرائيل الذي أبان عنه الرئيس بايدن من خلال تأخر مكالمته الاحتفالية المعتادة بعد التنصيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، قد يكون مؤشرا على أنه لم يوقع بعد “الرسالة” الروتينية التي تطالب من خلالها إسرائيل الرؤساء الأميركيين بعدم إثارة ملف أسلحتها النووية، أو الضغط عليها لتقليل ترسانتها الذرية الهائلة.
وكشفت مجلة نيويوركر في تقرير لها في يونيو/حزيران 2018 أن كل الرؤساء الأميركيين منذ عهد الرئيس بيل كلينتون وقّعوا بإلحاح من إسرائيل خطابًا سريا عند توليهم منصب الرئاسة، يتعهدون فيه فعليًا بأن الولايات المتحدة لن “تضغط على الدولة اليهودية للتخلي عن أسلحتها النووية ما دامت في مواجهة التهديدات الوجودية في المنطقة”.
وأكدت فورين بوليسي أنه مهما كانت السياسة التي تتبناها أميركا تجاه الأسلحة النووية الإسرائيلية، فإن الوقت قد حان لوضع حد لهذه “الطقوس المهينة”، التي جعلت واشنطن غير قادرة على الضغط على تل أبيب للتخلي عن ترسانتها النووية، وذلك في اتساق مع سياستها الداعمة لحظر الانتشار النووي.
وفي ظل هذه الظروف -وبالعكس تماما- تساعد واشنطن إسرائيل بنشاط، سواء دبلوماسيا من خلال منع مناقشة برنامجها النووي في المحافل الدولية، أو ماديا من خلال تجاهل الانتهاكات الإسرائيلية للقانون ذات الصلة بأنشطتها النووية، بما في ذلك انتهاكات داخل الولايات المتحدة نفسها.
وربما تكون أسوأ نتيجة لهذه السياسة -كما تضيف المجلة- أن الحكومة الأميركية أعمت نفسها عمدا من خلال التظاهر بعدم معرفة أي شيء عن الأسلحة النووية الإسرائيلية، وبالتالي أفسدت جهودها في صنع سياسة متسقة وبناءة في هذا الإطار.
ومن خلال الحفاظ على هذا “الجهل الوهمي”، وفي وقت يعرف فيه كل من لديه ولو دراية بسيطة بالمسألة الحقيقية، أصدرت الحكومة الأميركية تشريعا -فُصّل في إحدى نشرات وزارة الطاقة الأميركية عن القدرات النووية الأجنبية- يهدد موظفي الحكومة الفدرالية بعقوبات شديدة إذا اعترفوا بأن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية.
وعبر إقرار هذا التشريع -المحجوب بطبيعة الحال عن الاطلاع العام- تختبئ الحكومة الأميركية وراء تأويل فضفاض لأحد النصوص الموجودة في قانون حرية الوصول إلى المعلومات ينص على استثناء الوثائق “التي من شأنها أن تكشف تقنيات وإجراءات تخص الملاحقات والتحقيقات التي تقوم بها سلطات إنفاذ القانون”، وهو ما لا ينطبق على التشريع المحجوب.
وتختم فورين بوليسي بأنه آن الأوان فعلا لكي تقوم واشنطن بتحديث طريقة تفكيرها، فإسرائيل دولة نووية قوية، وهي أقوى من جميع جيرانها مجتمعين، لكن مكانة ومصداقية الولايات المتحدة في سعيها لمنع المزيد من الانتشار النووي إقليميا أكثر أهمية من إسعاد إسرائيل من خلال تمثيلية تقوّض مصالح واشنطن.