أيام استثنائية في التاريخ الحسكاوي، تضيق الشوارع بالناس الذين خرجوا من بيوتهم تاركين كل شئ خلفهم هرباً من المسرحيات التي تقام بين الفينة و الأخرى بين قوى لا تعرف إلا مصالحها الآنية و قوى النظام التي تربي الإرهاب و تدعمه و في نفس الوقت تدعي أنها تحاربه و من أجل ذلك خرج الطوفان البشري ليس في مسيرة ضد الظلم أو رفضاً لحكم الفرد و عبادته و إنما لكي ينفذوا بجلودهم و أولادهم من نيران الذين يدعون التحرير و يصفون أنفسهم بالديمقراطيين، نعم أنها منتهى التناقض و الإزدواجية لا بل قمة الإنفصام العقلي و النفسي أن نكون خارج الواقع فكرياً و نعيشه على أرض الواقع عملياً و لكن بدون أن نتعظ مما حصل و يحصل، نستطيع أن نصدق كل شئ إلا محاربة الإرهاب، لأن الإرهاب لا يحارب نفسه أو صانعيه.
.
يبدو أن الشعب السوري بمجمله أصبح مثل قطيع من الحمل يسير إلى جانب قطيع من الذئاب المتوحشة و التي تهاجمه بين الحين و الآخر عندما يقتنص الفرصة المجانية له أينما كان، نعم إنها الفرصة المجانية التي توفرها أصحاب الضمائر الميتة التي تريد القضاء على الشعب و الحفاظ على أتباع الأنظمة و ملحقاتهم فقط و لذلك فإن خطط التهجير تسير جنباً إلى جنب خطط توطين الآخرين بالإضافة إلى الضغوطات المعيشية و الحركة و الإعتقالات العشوائية على الحواجز المنتشرة و المناوشات المفتعلة هنا و هناك.
.
فكما خرج الإرهاب علينا بلباس ديني و تحت راية الإسلام و الأحاديث و تفسيرها حسب أهواء المجموعات الإرهابية و التي تعمل ضد الإنسانية جمعاء و التناقض ما بين خطابهم وأعمالهم، كذلك قد يخرج علينا نفس الإرهاب و أن كانت بوطأة أخف و لكن بلباس قومي و طائفي و مذهبي و تحت مسميات حقوق الشعب و الحرية و المساواة و العدالة و التحرير يكون الهدف منها استقطاب أكبر قدر ممكن من الناس الذين يمكن خداعهم ليكونوا وقوداً في حروبهم مع الآخرين خدمة لمصالح الأنظمة و الحكومات و إرضائها في سبيل كسب بعض المكاسب الشخصية و الذاتية و إن كان على حساب دماء الأطفال و الثكالى و الأيتام.
.
يجب علينا أن لا ندع الإرهاب لكي يأخذنا إلى مواقع غير مواقعنا أو معارك ليست معاركنا و بعيدة كل البعد عن المصالح القومية لكي تخدم أجندة أنظمة ديكتاتورية أو شوفينية أو عنصرية أو حتى جماعات إرهابية هدفها طمس معالم الشعوب و جرهم نحو الطريق الخاطئ تلبية لمصالح الآخرين الذين يقتاتون من موائد الأنظمة و بلاطهم، و نحن الكرد ليس لنا فيها ناقة أو جمل، فهل كتب علينا أن نضحي بأنفسنا و أولادنا لكي نحمي أعدائنا؟، أم أن السياسات الغير الواقعية التي تمارسها بعض الأطراف قد فرضت على الشعب الكردي بدون أن يكون مشاركاً في القرار؟.
.
إذاً منطق الحرب هو السائد و من المفروض أن نحافظ على نواة منطقتنا من الدمار و الخراب لا أن نجلبه لأنفسنا و نختار الولاء لأنفسنا كشعب بدلاً من التبعية للآخرين و نحتفظ بسمات الوحدة و التجمع بالإستناد على سياسة أمننا القومي و هذا يعني بأن الجزء بحاجة إلى الكل أي أن كل الجهات و الأحزاب بحاجة إلى الشعب الذي هو المرجع الأساسي في عملية التغييرو لذلك يجب عدم مصادرة الرأي و الفكر الحر و أهمية الحوار مع بعضنا للحفاظ على شعبنا و أرضنا لكي نكسب ثقة العالم في الدخول في لعبة التحالفات الدولية سواء السياسية أو العسكرية منها، كما يتطلب الوضع أن تكون استراتيجيتنا واضحة المعالم نحدد فيها الحقوق الثابتة و العادلة للشعب الكردي أولاً بهدف بناء وطن يتسع للجميع و إحترام للقانون ثانياً.
.
مروان سليمان
24.01.2015