وأوضحت أن هجوم المعارضة السورية الحالي لم يكن مصادفة، وعزته إلى أن روسيا حولت طائراتها وقواتها من سوريا إلى أوكرانيا، في حين أن إيران قد تدهورت قواتها ومليشياتها بالوكالة في سوريا خلال العام الماضي بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية المتكررة.
كما عزته أيضا إلى غياب أقوى داعمين اثنين لإيران حققا انتصارات الأسد وهما قاسم سليماني، الجنرال الذي أشرف على القوات الإيرانية في سوريا ودبر تكتيكاتها القتالية، والآخر حزب الله اللبناني.
ولفتت الصحيفة البريطانية الانتباه إلى أن بدء هجوم المعارضة السورية على حلب تم يوم الأربعاء المنصرم وهو يوم وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل.
روسيا وإيران لن تتخليا عن سوريا
وقالت تايمز إن هذا الهجوم ورغم أنه فاجأ روسيا وإيران، فإنهما يستعدان للعودة لأن سوريا مهمة للغاية بالنسبة لكليهما، ولن يسمحا بسقوطها دون قتال.
بالنسبة لروسيا، توفر سوريا قواعد عسكرية في الفِناء الخلفي لحلف الناتو على طول البحر الأبيض المتوسط، وأصبحت بمثابة مركز لوجستي لا غنى عنه لمزيد من التوسعات في ليبيا وأفريقيا.
ورغم أن أوكرانيا أضعفتها وشغلتها، فإن روسيا ستظل لديها القدرة على إرسال تعزيزات إلى الأسد، وقد بدأت طائراتها المتبقية في البلاد بالفعل في تنفيذ غارات جوية في حلب وإدلب.
وبالنسبة لإيران، فإنها تعتبر سوريا عمقها الإستراتيجي، وخطها الأمامي ضد خصمها اللدود إسرائيل، وخطا يربطها بحزب الله في لبنان، وقد قُتل الآلاف من رجال مليشياتها وعشرات من ضباطها في سوريا (بحسب الصحيفة)، ولن تتخلى طهران عنها بسهولة.
وقالت تايمز إن ما ينذر به كل هذا هو المزيد من الموت والمعاناة للشعب السوري، الذي أصبح حكاية تحذيرية للحكومات العربية لتحذير شعوبها من التمرد أو المعارضة.
وقالت إن تجدد القتال أدى إلى تغيير الخطوط الأمامية بسرعة، لكن من غير الواضح ما إذا كان قد جعل الحرب أقرب إلى التوصل إلى حل.
وأشارت الصحيفة إلى ما أسمته اضطرار جامعة الدول العربية لإعادة انضمام سوريا إليها، وقالت إن العرب وصفوا ذلك بأنه حبة دواء مرّة يجب تناولها، وذكرت 3 أسباب لذلك، أولا: أصبحت سوريا دولة مخدرات تصدر الأمفيتامينات إلى جميع أنحاء العالم، خاصة دول الخليج العربية، مما أدى إلى انتشار أوبئة المخدرات هناك. ثانيا: يحتاج ملايين السوريين الذين يقبعون في مخيمات اللاجئين في لبنان والأردن وتركيا إلى العودة إلى ديارهم، إذ لم تعد تلك البلدان قادرة على تحمل تكاليف استضافتهم. ثالثا: لم تعد هناك معارضة قابلة للحياة لدعمها.
وقالت تايمز إنه ليس هناك ما يشير في الوقت الحالي إلى أن الحكومات العربية ستعيد النظر في احتضانها للأسد، لكن قبضته على البلاد قد أصبحت أكثر هشاشة بعد استيلاء المعارضة على حلب، ثانية كبرى المدن في سوريا، خلال عطلة نهاية الأسبوع.
أما صحيفة الغارديان فقد شاركت تايمز في القول إن المعارضة السورية المسلحة استغلت انشغال روسيا وإيران، مضيفة أن هذا الصراع الأحدث في الشرق الأوسط سيستمر.
ولفتت الغارديان إلى أن النجاح السريع الذي حققه هجوم المعارضة السورية يشير إلى فعالية عسكرية أولية مفاجئة.
وتساءلت عن سبب المفاجأة التي تعرضت لها قوات النظام السوري وقالت إن الإجابة ليست صعبة، إذ إن موسكو حولت تركيزها العسكري ومواردها إلى غزوها لأوكرانيا.
ونقلت عن معهد دراسة الحرب يوم السبت قوله إن أنظمة صواريخ إس-300 قد سُحبت من سوريا للحرب في أوكرانيا في عام 2022 وكان وجود روسيا منخفضا بشكل عام، مضيفة أن قدرة موسكو على تقديم الدعم المستمر للأسد ستكون حتما مفيدة على المدى الطويل.
وأوردت أن روسيا شنت سلسلة من الغارات الجوية في حلب وإدلب والمناطق المحيطة بها من قاعدة حميميم الجوية، مما أسفر عن مقتل 200 شخص على الأقل، لكن يبدو أنها لم يكن لها تأثير يذكر على تقدم المعارضة حتى الآن، مضيفة أنه من الواضح أن القصف الروسي الواضح للمستشفى الجامعي في حلب يوم الأحد، والذي أسفر عن مقتل 12 شخصا، ليس له أي قيمة عسكرية أيضا.
كما نقلت الغارديان عن بوركو أوزجيليك، خبيرة الشرق الأوسط في مركز الأبحاث التابع للمعهد الملكي للخدمات المتحدة قولها إن تدهور وكلاء إيران بشكل كبير، له تأثير لا جدال فيه على القوات البرية لنظام الأسد، وعكس أن إيران نفسها، التي خرجت أسوأ من تبادلاتها العسكرية المباشرة مع إسرائيل، قد تكون أيضا أكثر حذرا للتدخل أو السماح لوكلائها بالتدخل أيضا.
وأضافت أوزجيليك أن التحدي الحقيقي لقوات النظام السوري هو عدم استعداد إيران حتى الآن بصفتها راعية لحزب الله وروسيا لنشر أصول عسكرية وقوة جوية لإنقاذ النظام كما فعلت من قبل، وقد يؤدي التدخل العلني من إيران لدعم الأسد أيضا إلى مزيد من القصف من قبل إسرائيل.
وختمت الغارديان تحليلها بأنه من غير المرجح أن ينتهي الصراع المسلح في سوريا قريبا.