كوردستريت || الصحافة
نشرت صحيفة “صاندي تايمز” تقريراً لمراسليها في الشرق لويز كالاغان وأنشيل بيفر، تناولا فيه عملية اغتيال عالم الذرة أو العقل المدبر للبرنامج النووي الإيراني محسن فخري زادة في الساعة الثانية من يوم الجمعة خارج بلدة أبسارد التي تبعد 50 ميلاً عن طهران، في عملية اتهمت فيها إيران الموساد الإسرائيلي.
وفيما يلي نص المقال المترجم:
أشار الكاتبان في الصحيفة إلى أن اتهام إيران للإسرائيليين لم يشك به أحد، “فطريقة القتل التي استهدفت موكباً من ثلاث سيارات في طريق عام حي خرج المنفذون فجأة وقتلوا هدفهم واختفوا هي طريقة الموساد التي اعتمدها منذ عقود في التخلص من أعدائه”.
ولفت التقرير إلى أن وفاة فخري زادة تحمل كل علامات تخطيط الموساد، عملية قتل خطط لها بدقة وتمت في وضح النهار وعلى التراب الإيراني، واستهدفت رجلاً قُتل بطريقة وحشية، وستترك أثرها خارج إيران أو حدود “إسرائيل”.
وتساءل التقرير، “لماذا تخاطر “إسرائيل” بعملية اغتيال وصفها مدير مخابرات باراك أوباما، جون بولتون بـ”جريمة متهورة”، لن تقود إلا إلى زيادة درجة التوتر في المنطقة؟ ولو كانت “إسرائيل” هي المسؤولة عن الاغتيال، فسيكون فريق “كيدون” هو المنفذ بالتأكيد لها”.
وبحسب التقرير، “يدار هذا الفريق من فرع عمليات “قيساريا”، وهو فرع في الموساد منفصل عن عملية جمع المعلومات. ومعظم أفراده الذي يطلق عليهم “لوخاميم” أو المحاربون تمّ اختيارهم من وحدات العمليات الخاصة، ويتم تدريبهم خلف خطوط العدو. وأي عملية تقوم بها المجموعة يجب الموافقة عليها من رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه”.
ويعود تاريخ الوحدة إلى عملية ميونيخ، وقتل اللاعبين الإسرائيليين عام 1972، وفق الصحيفة، حيث أمرت رئيسة الوزراء في حينه غولدا مائير، مسؤول العمليات مايك هاراراي بتشكيل المجموعة “كيدون” التي تعني “الحربة” لتلاحق المنفذين الفلسطينيين للعملية.
وفي البداية كانت هناك سلسلة من الأخطاء والفشل، بما فيها عملية قتل نادل مغربي في مدينة ليليهامر بالنرويج عام 1973 على أنه أحد أعضاء منظمة أيلول الأسود. لكن الفريق لاحق كل المسؤولين عن العملية وقتلهم في قواعدهم إما في الشرق الأوسط أو أوروبا.
تقرير صحيفة “صانداي تايمز” أشار إلى أنه ومع زيادة حرفية الوحدة، زادت عمليات قتل القادة الفلسطينيين والشخصيات البارزة في سوريا وإيران من دون أن يترك المنفذون وراءهم أي أثر. وتمّ استخدام سلسلة من الأساليب في السنوات الأخيرة مثل القتل عبر سيارة سريعة أو دراجة نارية، كما في حالة زعيم الجهاد الإسلامي فتحي الشقاقي في مالطة عام 1992.
وكذلك أربعة علماء ذرة إيرانيين قتلوا في الفترة ما بين 2010 – 2012. كما استخدمت كميات صغيرة من المتفجرات زرعت في هاتف الزعيم العسكري في حركة حماس، يحيى عياش عام 1996. أو عملية قنص عن بعد كما حدث في اغتيال مسؤول برنامج الذرة السوري عام 2008. ولكن الوحدة فشلت عندما حاولت استخدام مادة سامة ضد زعيم حركة حماس خالد مشعل في عمان عام 1997، حيث أُجبر رئيس الوزراء في حينه بنيامين نتنياهو على تقديم الدواء المضاد للسم والإفراج عن الزعيم الروحي لحركة حماس الشيخ أحمد ياسين. ولكن عمليات الوحدة استمرت بدون ترك أثر، مثل عملية الجمعة التي استهدفت مسؤولاً مهما في البرنامج النووي الإيراني.
ومع أن “إسرائيل” -بحسب التقرير- لم تعترف أبداً بترسانتها النووية، “إلا أنها تتعامل مع المشروع النووي الإيراني كتهديد لها، ويصرّ المتطرفون فيها على تدميره”.
وتابع التقرير أن “فخري زادة ومنذ مقتل خمسة من زملائه الباحثين كان أكثر العلماء حراسة في إيران”. فيما خصّه نتنياهو بالذكر كمسؤول عن البرنامج النووي عندما كشف عن الوثائق التي سرقتها “إسرائيل” من طهران في 2018.
وقال نتنياهو: “محسن فخري زادة.. تذكروا هذا الاسم”. وظل العالم بعيداً عن الاغتيال حتى يوم الجمعة الماضي، عندما اعترضت سيارة محملة بالمتفجرات موكبه، وانفجرت أمامه بشكل عطل الضوء الأمامي للسيارة وقطع الكهرباء عنها، مما منح المهاجمين الفرصة للهجوم وإطلاق النار عليه من زجاج السيارة والفرار.
وبحسب “وكالة أنباء فارس” الإيرانية، فقد مات حارسه عندما رمى نفسه عليه لحمايته لكن زادة توفي متأثراً بجراحه بالمستشفى.
تقرير “صانداي تايمز” أشار إلى أن اغتيال فخري زادة جاء بعد سلسلة من الأعمال الأمنية هذا الصيف، وعمليات تخريب في المشروع النووي، وحرائق في أماكن حيوية في طهران وموانئ على الخليج.
وبحسب مسؤولون إسرائيليون سابقون، فإن “إسرائيل تعرضت في الأسابيع الأخيرة لضغوط من أميركا لزيادة تصعيد الحرب السرية ضد إيران”.
“صانداي تايمز” قالت إن سقف المواجهة بات مرتفعاً، خاصة أن دونالد ترامب سيظل في السلطة حتى 20 كانون الثاني/يناير المقبل. والموقف من داخل “إسرائيل” يرى أن هناك “احتمالاً ضعيفاً” لتوجيه أميركا ضربة ضد إيران، رغم التهديدات والتلويح بالحرب، وإرسال المقاتلات إلى الخليج. ولكن العمليات السرية هي أمر آخر.
الصحيفة رأت أن وجود مدير الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين في لقاء نتنياهو غير المسبوق مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان المعروف بتشدده تجاه إيران، إلى جانب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو “الذي يجب عدم تجاهله. فنتنياهو ليس قلقاً مع حلفائه في إدارة ترامب من خطط جو بايدن بالعودة إلى الاتفاقية النووية مع إيران، لكنه يخوض معركة سياسية للبقاء، وقتل عدو أجنبي عادة ما يكون مفيداً للجمهور المحلي”، وفق الصحيفة.
ولفتت إلى أنه وفي الوقت الذي لم يعلن أي مسؤول إسرائيلي علانية أو تسريباً عن المسؤولية، إلا أن الصحافيين الإسرائيليين تلقوا إحاطات حول أثر مقتل فخري زادة على المشروع النووي الإيراني. واعتبرت أن هذا كلام مبالغ فيه، فرغم أهمية العالم النووي الإيراني، إلا أن البرنامج النووي لديه عدد كبير من الباحثين الذين يعرفون أنهم عرضة للخطر.
(الميادين)