الاديب المناضل عثمان صبري 1905-1993
كريم شاره زا
ولد الكاتب والشاعر والمناضل الكوردي الاستاذ عثمان صبري في قرية (نارنجي) التابعة لماردين في كوردستان الشمالية سنة 1905، تلقى تحصيله الدراسي لمرحلتي الابتدائية والمتوسطة في مدينة دياربكر ومدن كوردستان الاخرى، اشترك سنة 1925 في ثورة الشيخ سعيد بيران مع أعمامه وبعد قمع تلك الانتفاضة الكوردية بالحديد والنار، اعدم اثنان من اعمامه المناضلين الثائرين ضمن نخبة من الثوار الميامين.
تركت هذه الفاجعة الاليمة أثراً عميقاً في نفسه، فقتل مع اخوته الخائن بدر عثمان باشا الذي كان سبباً في اعدام عميه، فهرب عندئذ مع ستة من اخواته خوفاً من العقاب من كوردستان الشمالية سنة 1929 متوجهاً الى بلاد الشام فاستقر في دمشق واتصل به هنالك الفرنسيون طالبين منه التعاون معهم والعمل وفق مصالحهم وسياستهم في بلاد الشام لقاء اجر كبير، الا انه رفض عرضهم هذا قائلاً: (أنني اعمل من اجل مصالح امتي الكوردية فقط).
اشترك الاستاذ عثمان صبري في تحرير مجلة (هاوار=الصرخة) التي كان يصدرها الامير جلادت بدرخان في دمشق منذ (15/5/1932)، نشر فيها قصائد قومية ومقالات حول اللغة الكوردية وقواعد كتابتها بالحروف اللاتينية وعندما اصدر الامير جلادت مجلة كوردية اخرى في دمشق باسم (روناهي=النور) من 1942 الى 1945 نشر فيها الاستاذ صبري قصائد ومقالات قيمة بالحروف اللاتينية ايضاً.
ونشر كذلك في مجلة (روزا نو=اليوم الجديد) التي اصدرها الدكتور كامران بدرخان بين سنتي 1943 و1945 في بيروت مقالات سياسية ولغوية، فأصبح احد الكتاب الكورد القديرين الذين طوروا الكتابة الكوردية بالحروف اللاتينية حيث وضع اللبنة الاولى في أساس قواعد الاملاء الكوردي بهذه الحروف.
انتمى الاستاذ عثمان صبري في أوائل الثلاثينيات من القرن الماضي الى جمعية (خويبون=الاستقلال) وأبدى نشاطاً سياسياً ملحوظاً في صفوفها وتجول في جميع انحاء كوردستان لاقامة علاقات وطنية وتنظيمية مع العناصر الكوردية القومية، فزار كوردستان العراق حتى وصل بارزان واتصل بالبارزاني مصطفى باسم جمعية خويبون فرأى منه التجاوب التام من اجل النضال المشترك في سبيل عز الكورد وكوردستان، ثم زار كوردستان ايران ايضاً، واتصل هناك بنخبة من مناضليها ومن بينهم القاضي محمد رئيس جمهورية كوردستان الديمقراطية.
لقد أدى الاستاذ عثمان صبري دوراً سياسياً مؤثراً مع المناضل الدكتور نورالدين زازا ووطنيين آخرين، حيث أسسوا سنة 1957 الحزب الديمقراطي الكوردستاني في سوريا.
ولما علمت السلطات الامنية بقيام هذا التنظيم السياسي المحظور، أخذت تلاحق هؤلاء المناضلين وتعتقلهم بين حين وآخر، فتعرض الاستاذ عثمان صبري الى الاعتقال والتعذيب 18 مرة منها مرتان في تركيا ومرتان في العراق ومرة في لبنان و13 مرة في سوريا وتعرض في اواسط الثلاثينيات من القرن الماضي الى النفي والابعاد من سوريا مرة في 1936 الى فلسطين ومرة اخرى الى جزيرة مدغشقر في شرق افريقيا سنة 1937 عندما كانت تلك الجزيرة تحت الاحتلال الفرنسي.
واعتقل في المرة الاخيرة مع الدكتور نورالدين زازا ورشيد حمو في (8/8/1960) باعتبارهم زعماء مؤسسين للحزب الديمقراطي الكوردستاني في سوريا وقدموا الى محاكم الجمهورية العربية المتحدة ايام الوحدة بين مصر وسوريا فحكمت عليهم بالاعدام شنقاً حتى الموت، لكن الادباء والمثقفين الكورد قاموا في اوروبا والعراق ولبنان بحملة واسعة لجمع التواقيع وتقديم الاحتجاجات الى حكومة جمال عبدالناصر من أجل اطلاق سراحهم وكتبت جريدة (خه بات) لسان حال الحزب الديمقراطي الكوردستاني الصادرة في بغداد في أواخر سنة 1960 ولعدة أشهر نداءات بعنوان (الحرية لعثمان صبري ورفاقه).
لم تستجب سلطات حكومة الوحدة العربية في حينها لمطاليب هؤلاء الداعين الى اطلاق سراحهم الا بعد سنة من اصدار هذه الاحكام الجائرة، فأطلقت سراحهم في (8/8/1961) واستقر عندئذ الاستاذ عثمان صبري في حي الاكراد بمدينة دمشق متفرغاً لكتابة دراساته القيمة، ليزوره كثير من الادباء والعناصر الوطنية من كل انحاء كوردستان الى ان توفى رحمه الله في يوم (11/10/1993) عن عمر ناهز الثامنة والثمانين في دمشق.
نتاجاته المطبوعة:
الف الاستاذ عثمان صبري فضلاً عن كتاب (أسس كتابة اللغة الكوردية بالحروف اللاتينية)، الكتب الآتية المطبوعة بالحروف اللاتينية:
1-الالف باء الكوردي –سنة 1955 طبعه في دمشق.
2-باهوز (العاصفة) ديوان شعر طبعه سنة 1956 في دمشق.
3-آبو.
4-ده ردين مه.
5-جار له هه نك (أربعة أبطال) طبعه في 1984 بدمشق.
المصادر:
1-طارق جامباز –لقاء وحوار مع عثمان صبري- ترجمة نوزت الدهوكي- مجلة دهوك-العدد (1) ايلول 1997.
2-الدكتور نورالدين زازا –اعداد وترجمة حسن كوخي.
3-مصطفى نريمان –فه رهه نكى ئه ديب و نووسه رانى كورد- بغداد 1986، ص(91).