كوردستريت || الصحافة
(د ب ا) – يرى المحلل البريطاني كون كوفلن أن الانخراط الإيراني الذي يزداد تعمقا في دعم المجهود الحربي الروسي ضد أوكرانيا ،يجب أن يكون بمثابة دعوة لليقظة للقادة الغربيين بأن التهديد العسكري الإيراني لم يعد قاصرا فقط على الشرق الأوسط,..
وقال كوفلن ، الباحث ومحلل شؤون الدفاع في صحيفة ديلي تليجراف في تقرير نشره معهد جيتستون الأمريكي، إنه منذ أن بسط رجال الدين في إيران السيطرة على البلاد قبل أكثر من 40عاما ، قصر الحرس الثوري ، حامل لواء النظام أنشطته العسكرية في الغالب على منطقة الشرق الأوسط ،سواء كان يشن حربا ضد الدول المجاروة مثل العراق أو يهدد إسرائيل من خلال وكلائه في لبنان وسوريا.
وكانت المناسبات الوحيدة ،التي غامر فيها الحرس الثوري بالانطلاق إلى خارج منطقة الشرق الأوسط، تهدف لتنفيذ عمليات إرهابية ، مثل تفجير مركز لجالية يهودية في عام 1994في الأرجنتين أدى لقتل 85شخصا وإصابة أكثر من 300آخرين ،أو الموجة الأخيرة من الهجمات الإرهابية التي تم تنفيذها في أوروبا.
وأضاف كوفلن أنه بناء على ذلك فإن قرار النظام الإيراني تقديم مساندته للهجوم العسكري الروسي ضد أوكرانيا يمثل توسعا ينذر بخطر في الطموحات العسكرية الإيرانية خارج منطقة الشرق الأوسط.
ووفقا لمصادر أمنية غربية ، هناك تصعيد ملحوظ في تورط طهران في النزاع منذ قمة حضرها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في طهران الشهر الجاري ،حيث التقى شخصيات رئيسية في القيادة الإيرانية ،بما في ذلك قائد الثورة الإسلامية على خامنئي ورئيس البلاد المتشدد إبراهيم رئيسي.
واختتمت القمة بإشادة خامنئي بالرئيس بوتين لقيامه بغزو أوكرانيا، وزعم أن روسيا كانت ستصبح ضحية لعدوان حلف شمال الأطلسي (ناتو) لو لم تكن قد أقدمت على اتخاذ الخطوة الأولى.
ويمكن القول إن التعليق الأكثر دلالة من جانب خامنئي خلال الزيارة كانت دعوته بأن تزيد إيران وروسيا ما وصفه بــ”تعاون متبادل” بين الدولتين للتصدي لتهديد العقوبات الغربية.
وأحد المؤشرات الملموسة الأولى للتعاون الأخذ في التوسع بين موسكو وطهران تمثل في التوقيع على مذكرة تفاهم في قطاع الطاقة بين عملاق النفط الروسي جازبروم و الشركة الوطنية الإيرانية للنفط بقيمة 40مليار دولار.
وتتعاون روسيا وإيران بالفعل بشأن قضايا الطاقة ، حيث تعرض طهران مساعدة روسيا في تجنب العقوبات الغربية، التي تم فرضها عقب غزو أوكرانيا من خلال جعل شبكتها العالمية لتهريب النفط متاحة لها.
ويقول مسؤولون أمنيون غربيون إن القلق الآن يتمثل في أن العلاقات التجارية بين الدولتين سوف تؤدي إلى تعاون عسكري أوثق.
وهناك تقارير غير مؤكدة لجماعات المعارضة الإيرانية مفادها أن الحرس الثوري يعتزم إرسال قوات للقتال إلى جانب القوات الروسية ، و ستكون هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها نشر قوات إيرانية على الأراضي الأوروبية منذ ثورة .1979
وأشار كوفلن إلى أنه من المؤكد أن يقوض إظهار إيران العلني للدعم لروسيا الأفتراض القائم منذ فترة طويلة من جانب صناع السياسة الأمريكيين والأوروبيين بأن التهديد الإيراني ، من خلال السماح لإيران باسلحة نووية غير محدودة، يتعلق فقط بالشرق الأوسط ،وبصفة خاصة بإسرائيل.
وأضاف كوفلن أن الدعم النشط من جانب إيران لروسيا في حربها ضد أوكرانيا ، التي تتلقى دعما عسكريا من حلف الناتو ، يدحض تلك الحجة ، ويجب أن يدفع المفاوضين الأمريكيين والأوروبيين إلى أن يراجعوا بجدية نهجهم بشأن المفاوضات ، بوصف ذلك مسألة تخص أمنهم القومي.
ومن المؤكد أن الشراكة العسكرية الأخذة في الاتساع بين روسيا وإيران أخبار سيئة لإدارة بايدن التي استثمرت قدرا كبيرا من رأس المال السياسي في إحياء المحادثات النووية ،ولكنها تجد نفسها الآن تحاول أن تتفاوض مع بلد يساند بنشاط خصمها في النزاع الأوكراني.
وزاد انكشاف الموقف المرتبك للرئيس بايدن من جانب رئيس وكالة الاستخبارات البريطانية إم آي 6،الذي أبلغ هذا الشهر منتدى أسبن للأمن بولاية كولورادو الأمريكية ، أنه من وجهة نظره، أظهرت إيران اهتماما ضئيلا بالتفاوض بشأن اتفاق نووي جديد.
وقال رئيس جهاز الـ”إم آي 6) ” لاأعتقد أن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية خامنئي يرغب في إبرام اتفاق ” مضيفا” لاأعتقد أن الإيرانيين يرغبون في التوصل إلى اتفاق”.
ومن المؤكد أن يكون مثل هذا التقييم الصريح من جانب رئيس أحد أجهزة الاستخبارات الرئيسية في أوروبا ، والذي لديه علاقات وثيقة مع المؤسسة الأمنية الأمريكية ، بمثابة قراءة محرجة لإدارة بايدن التي لاتزال تعتقد أن النظام الإيراني مستعد لإبرام أتفاق ،رغم كل الأدلة التي تشير إلى عكس ذلك.
واختتم كافلين تقريره بالقول إن حقيقة الأمر هى أنه أصبح من الصعب تماما الدفاع عن سياسة بايدن بشأن إيران ، وكلما أدرك هو ومسؤولوه عاجلا أن سياسة التودد لطهران محكوم عليها بأن تنتهي بالفشل الذريع ، كلما كان ذلك أفضل لكل من يهمهم الأمر.