تكريت.. ذلك المفتاح الصغير

آراء وقضايا 09 أبريل 2025 0
تكريت.. ذلك المفتاح الصغير
+ = -

كوردستريت|| #آراء وقضايا 

بقلم محمد جواد الميالي/ العراق

 

يُعد التواصل مع أبناء الوطن بمختلف طوائفهم وأعراقهم، أساساًمتيناً لبناء مجتمع متماسك يسوده السلام والعدل، القائد السياسييجعل التواصل جسرًا يربط بين قلوب الناس، فيدرك أن الاستماعلمشاكلهم وآمالهم، يمكنه من بناء رؤية شاملة ترتكز على الوحدةالوطنية فوق الخلافات العرقية والطائفية.

إن رسالة هذا القائد لا تقتصر على التبشير بالتغيير فحسب، بل تمتدلتكون بمثابة إثبات منطق القوة، الذي يرتكز على نسيان أخطاءالماضي ونبذ الطائفية القديمة، فهو يؤمن بأن قوة الدولة الحقيقية تأتيمن قدرة المجتمع على تجاوز الانقسامات واحتضان التنوع، لأن هذاالتنوع يمثل قاعدة الثقل التي تُثبّت حق الأغلبية في الحكم، وتُعزز منقوة الإرادة الجماعية.

لكن السؤال، من وأين يتحقق التطبيق العملي لهذا التنظير الاكاديمي؟

مدينة تكريت، الأرض التي تحمل في ثناياها ذكريات مختلطة فيعيون واذهان العراقيين.. تضمن بين حناياها مدنا كبلد وآمرلي التيجسدت نموذجا للبلدة الصامدة، التي وقفت شامخة في وجه رياحالإرهاب، المدينة التي ثأرت من اجل دماء سبايكر، متحديةً هجماتتنظيم داعش بكل شجاعة وإقدام، فكانت وما زالت آمرلي تمثل روحالمقاومة، مثالاً حيًا على أن الإرادة الإنسانية لا تقهر، وأن التاريخيُكتب بسواعد الارض السمراء.

لا يمكن ان نختزل تكريت بالسياسة التي مارسها طاغية العصرصدام، لأنها تروي قصصا أخرى، عن بناء صفحات جديد من قبولالاخر، والتعايش السلمي وقبول حكم الاغلبية، وصورا من التنوعالديني والثقافي، حيث تتلاقى الأديان وتتشابك الحضارات، ثم تلتقيجميعها في تلول الباج.. الموقع الاثري الذي يعود إلى العصرالآشوري، الذي يمثل بوابة تطل على مجد حضارة سادت، قبل أنيُكتب التاريخ على أوراق الزمن.

يبقى السؤال، من هذا القائد الذي ينبذ طائفية الماضي ويرسم لوحةالمستقبل؟

تأتي زيارة السيد عمار الحكيم إلى محافظة تكريت، في يوم ذكرىسقوط نظام البعث، لتكون بمثابة تجسيد عملي لهذه المعالم العريقة،لتحمل معها رسالة بأحقية المكون الاكبر، وان التعايش السلمي هوقاربنا الوحيد للنجاة، لأن الحكيم القائد، ينظر لها بأنها قصيدة كُتبتفي بيت أم قصي، تلك السيدة الجبورية التي اعادة لحمة خيوطالانتماء بين الشيعة والسنة، ولترسم معالم الهوية في أفق هذه الأرض،ولا ينظر لها بنظرة تكريت (المتلطخة بدم المجاتيل).

ان وجود سماحة السيد الحكيم بين عشائر تكريت، يمثل تجسيد لعمقالانتماء، وأهمية لإستحضار الماضي وبناء المستقبل، وترسيخ فكرة أنالوطنية تتمثل بالقائد الذي ينظر للجميع بعين العراق، وإن اختيار يوم9/4 ليس إلا دعوة مفتوحة لإحياء الذاكرة الوطنية، وتأكيد على انالمكون الأكبر بمثابة البيت الذي يجمع الشتيتين، والقلب الذي يسامحالجميع، حيث يحاول الحكيم أن يرسل رسالة مفادها، أن التعايشالسلمي سينطلق من آمرلي ليشمل صلاح الدين بأكملها.

الزيارة خطوة نوعية من السيد الحكيم لنبذ خلافات الماضي،واستشراف غدٍ تشرق فيه شمس الحرية، لتكون المدينة.. بكل ما تحويهمن تراث وإرث، منارة للوطن وروحا للتنوع الديني، ومفتاحا صغيرا،يخترق ابوابا لطالما أريد لها ان تبقى موصدة..

آخر التحديثات