(رويترز) –
كثفت القوات الحكومية السورية بدعم روسي يوم السبت هجومها على مناطق تحت سيطرة المعارضة في محيط حلب في تصعيد دفع عشرات الآلاف للفرار قاصدين الحدود التركية طلبا للجوء.
وتسبب الهجوم حول حلب -التي يقول عمال إغاثة إنها قد تسقط سريعا في أيدي قوات الحكومة- في تعليق محادثات السلام السورية في جنيف الأسبوع الماضي. وتسبب تدخل روسيا بضرباتها الجوية لمساعدة حليفها الرئيس بشار الأسد في ترجيح كفة دمشق في الحرب وانتزاع مكاسب حققها مقاتلو المعارضة العام الماضي.
وبدد وزير الخارجية السوري وليد المعلم أي آمال في التوصل لوقف إطلاق نار بقوله إنه سيستحيل عمليا وقف القتال مع استمرار السماح بعبور المقاتلين للحدود من تركيا والأردن.
ويهدد تقدم الجيش السوري والفصائل المتحالفة معه وتضم مقاتلين إيرانيين بمحاصرة المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في المدينة المنقسمة. ويعيش أكثر من مليون شخص في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة في حلب بينما يعيش 350 ألفا في مناطق المعارضة.
وتعقد الموقف أكثر بين الأطراف المتحاربة في سوريا بعدما وجهت المعارضة اتهامات لوحدات حماية الشعب الكردية بتنسيق الهجمات على فصائلها مع القوات الحكومية وحلفائها في الهجوم الجديد.
ومن شأن السيطرة الكاملة على حلب -التي كانت أكبر مدن سوريا قبل اندلاع الحرب الأهلية قبل خمس سنوات- منح حكومة الأسد مكسبا استراتيجيا كبيرا في الصراع الذي قتل خلاله 250 ألف شخص على الأقل وتشرد نحو 11 مليونا.
وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو إن ما يصل إلى 55 ألف شخص يفرون الآن من حلب قاصدين حدود بلاده التي تؤوي بالفعل مليونين ونصف المليون سوري.
معسكرات على الجانب السوري
ورغم قول تشاووش أوغلو إن الحدود التركية السورية لا تزال مفتوحة فإن اللاجئين عند معبر أونجو بينار قرب مدينة كلس التركية وضعوا في معسكرات داخل الجانب السوري. وهذا المعبر مغلق بدرجة كبيرة منذ نحو عام.
وقال المسؤول المحلي التركي سليمان تبسيز إن نحو 35 ألف سوري وصلوا إلى معبر أونجو بينار خلال 48 ساعة.
وأضاف “حدودنا ليست مغلقة.. لكن لا توجد حاجة في الوقت الراهن لاستضافة هؤلاء الأشخاص داحل حدودنا.”
وقال مسئول إغاثة تركي إن اللاجئين على الجانب السوري آمنين ويتلقون الغذاء.
وبعض الخيام في المخيم ممزقة وبالية بينما يبدو البعض الآخر والذي وفرته منظمات الإغاثة التركية جديدا.
وقال أحد اللاجئين ويدعى محمد إدريس إنه فر من مدينة أعزاز القريبة معتمدا على سياسة الباب المفتوح التي يتبناها الرئيس التركي طيب إردوغان. وبعد أربعة أيام لا يزال محمد في انتظار الدخول.
واضاف لرويترز “من قبل كان طيب إردوغان يقول على شاشات التلفزيون إن سوريا وتركيا شقيقتان لكنه الآن لا يفتح الأبواب… منازلنا دمرت وأتينا لبيته. فإلى أين يمكن أن نذهب؟”.
وسمع مراسل لرويترز في أونجو بينار قصفا متقطعا وشاهد العديد من سيارات الإسعاف التركية عبر الحدود.
في الوقت نفسه اصطف عشرات اللاجئين السوريين بالفعل على الجانب التركي من أونجو بينار لمناشدة السلطات السماح بدخول أقاربهم الهاربين من القصف.
* “آلاف ينتظرون”
كان أحمد سعدول (43 عاما) يجلس في سيارته مع أطفاله الأربعة في الجانب التركي من الحدود على أمل أن يعود إلى سوريا حتى يتسنى له البحث عن أقربائه. وكان يعيش في منطقة أعزاز لكنه يقيم الآن في كلس.
وقال “الآن هناك آلاف من أعزاز ينتظرون على الجانب الآخر. لقد هربوا من الروس. أريد أن أعود لأجلب أقاربي. يقصفون السوريين طوال الوقت.
وتابع قائلا “غادر كثيرون حلب لكن لا يزال هناك كثير من المدنيين. إذا نجحت روسيا سنموت كلنا.”
وتنفي روسيا أنها تستهدف المدنيين وتقول إن أفعالها تهدف لدعم الحكومة الشرعية في سوريا ومحاربة الإرهاب. ويتهم الغرب وتركيا اللذان يريدان رحيل الأسد موسكو باستخدام القوة بلا تمييز في الصراع.
وقدمت الولايات المتحدة دعما هائلا لوحدات حماية الشعب الكردية في قتالها ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا. لكن المعارضة الآن تقول إن الوحدات تستهدفها.
وقال قيادي من المعارضة إن ما يحدث على أرض حلب هو تقدم للقوات الحكومية بغطاء جوي روسي وبدعم من الوحدات الكردية مضيفا أنهم يحاولون فرض واقع جديد.
ونفى الأكراد السوريون مرارا مزاعم المعارضة عن تعاونهم مع دمشق.
والأمر المؤكد أن الحكومة السورية حصلت على دفعة هائلة بالتدخل الروسي. وقال المعلم في مؤتمر صحفي يوم السبت إن دمشق ستقاوم أي طرف يعتدي على أراضيها.
وأضاف “أي معتد سيعود بصناديق خشبية إلى بلاده.”
وبدا أنه يقصد بتعليقاته السعودية والبحرين اللتين قالتا الأسبوع الماضي إنهما مستعدتان للمشاركة في أي عمليات برية في سوريا إذا قرر التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق بدء مثل هذا النوع من العمليات.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القتال مستمر في مناطق شمال حلب وإن القوات الحكومية وحلفاءها يهاجمون أيضا قرى إلى الشرق من المدينة وإلى جنوبها الغربي في محيط الطريق السريع الرئيسي المؤدي