صحافيّ وكاتب وخبير اقتصادي لبنانيّ/ الشرق الاوسط
لأن «حدث» اليوم هو «تاريخ» الغد، يجوز التساؤل (اليوم) كيف سيحكم التاريخ (غدا) على استراتيجية التحالف الدولي في حربه على «داعش»؟
إذا كان أفضل ما استطاع أن يخرج به ممثلو 60 دولة من دول التحالف في اجتماع بروكسل الأربعاء الماضي هو «تطمين» العالم بأن هزيمة «داعش» تتطلب جهودا جماعية إقليمية ودولية «تستغرق سنوات عدة».. فلماذا التحالف «الدولي»؟ ولماذا الجيوش الجرارة؟ ولماذا التباهي بالتفوق التكنولوجي الغربي إذا كانت كل هذه العوامل لا تكفي لتحقيق نصر سريع على جماعة تصفها عواصم التحالف نفسه بأنها مجرد «تنظيم إرهابي» لا يرقى سلاحه ولا عديده إلى مستوى عتاد وعديد أصغر جيوش دول التحالف؟
من يقرأ ما بين سطور البيان الختامي للدول الستين لا يسعه أن يكبت شعورا دفينا بأن حديث التحالف الدولي عن حرب سنوات طويلة الأمد على «داعش» يعتبر بمثابة «بشرى» تحبط عزيمة مقاتلي «داعش» أكثر مما تطمئنهم إلى نصر مبين. أما المحاور الخمسة التي أعلن مؤتمر بروكسل الالتزام بها في بيانه الختامي فهي أقرب إلى «خطة خماسية» لتعامله مع أزمة طويلة الأمد منها إلى إعلان حرب محددة الأهداف على تنظيم إرهابي – الأمر الذي توحيه مطالبة البيان «بنزع الشرعية» عن «داعش» وعقد مؤتمرات في الكويت والبحرين والمغرب والولايات المتحدة «لتعزيز التعاون والجهود» لمحاربتها.
هل يستوجب قتال «داعش» حشد كل هذه الإمكانات الجبارة لستين دولة والتخطيط لحرب سوف تستغرق عدة سنوات؟ أم أن دول التحالف، وتحديدا القيادة الأميركية، لا تخوضها كحرب ضرورة بقدر ما تتعامل معها كحرب خيار إقليمي «سياسي» لا تبشر معطياتها الأولية بحرص يذكر على التيار الإسلامي المعتدل في المنطقة؟
يوما بعد يوم، يؤكد بطء العمليات الحربية، أن تحقيق نصر سريع على تنظيم داعش يتطلب اتخاذ إجراءين أعاد التذكير بهما وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، في اجتماع بروكسل: نشر قوات قتالية على الأرض لمواجهة «داعش» ميدانيا، ودعم قوى الاعتدال السورية، وعلى رأسها الجيش السوري الحر.
ولكن، رغم ما توحيه طبيعة المواجهة العسكرية مع «داعش» من احتمال تحولها إلى حرب استنزاف طويلة الأمد، ما زالت الإدارة الأميركية تفضل خيار الغارات الجوية على الحرب البرية حتى وإن كانت بقوات غير أميركية.
إضافة إلى أن هذا الخيار العسكري الأميركي – المفترض أن يكون مدروسا – يغضب تركيا، حليفها الإسلامي الوحيد في «الناتو»، ولا يحظى برضاء أصدقائها العرب الذين تصفهم بـ«المعتدلين»، ويثير تساؤلات حول جدوى الاستراتيجية الأميركية في المنطقة – إن لم يكن جديتها أيضا – يأتي اعتراف البنتاغون بمشاركة الطيران الحربي الإيراني في قصف مواقع «داعشية» في العراق، وغض واشنطن الطرف عن تكثيف الطيران السوري غاراته اليومية على مناطق المعارضة ليضيفا إلى التساؤلات العسكرية تساؤلات سياسية أيضا.
هل أصبح الأميركيون والإيرانيون «رفاق سلاح» في حربهما على «داعش» رغم نفي واشنطن التنسيق العسكري مع طهران؟
واستطرادا، هل يعقل أن يبقى «المتحالفون جوا» متخاصمين سياسيا، في موقفيهما من النظام السوري الذي يدين ببقائه في قصر المهاجرين للدعم الإيراني المالي والدبلوماسي والعسكري (المباشر أم المقدم بالواسطة)، وهل هي مجرد صدفة ألا تتواجه طائرات «الشيطان الأعظم» مع الطائرات الإيرانية والسورية في أجواء منطقة العمليات الواحدة، وألا يطلق سلاح الجو الأميركي رصاصة واحدة على أي موقع عسكري للنظام السوري الداعي لإسقاطه منذ ثلاث سنوات؟
استمرار الحال على هذا المنوال قد لا يحول دون تحول الحرب على «داعش» إلى حرب على خصوم إيران وسوريا، وبالتالي إلى عملية قلب لموازين القوى في المنطقة لغير صالح الأنظمة التي تصفها واشنطن بالمعتدلة.
وسط أجواء الحرب المفتوحة على كل الاحتمالات، ظاهرة واحدة تقلل من مخاطر تعديل موازين القوى في المنطقة، في حال اقتصار الحرب على الغارات الجوية فحسب، هي ذلك الشبه المتزايد بين تهديد التحالف بدحر «داعش» وزعم الشاعر الأموي، الفرزدق، في زمانه، أن سيقتل مربعا.
يومها كان تعليق الشاعر النجدي، جرير، على تهديد الفرزدق: «أبشر بطول سلامة يا مربع».
إذا كان أفضل ما استطاع أن يخرج به ممثلو 60 دولة من دول التحالف في اجتماع بروكسل الأربعاء الماضي هو «تطمين» العالم بأن هزيمة «داعش» تتطلب جهودا جماعية إقليمية ودولية «تستغرق سنوات عدة».. فلماذا التحالف «الدولي»؟ ولماذا الجيوش الجرارة؟ ولماذا التباهي بالتفوق التكنولوجي الغربي إذا كانت كل هذه العوامل لا تكفي لتحقيق نصر سريع على جماعة تصفها عواصم التحالف نفسه بأنها مجرد «تنظيم إرهابي» لا يرقى سلاحه ولا عديده إلى مستوى عتاد وعديد أصغر جيوش دول التحالف؟
من يقرأ ما بين سطور البيان الختامي للدول الستين لا يسعه أن يكبت شعورا دفينا بأن حديث التحالف الدولي عن حرب سنوات طويلة الأمد على «داعش» يعتبر بمثابة «بشرى» تحبط عزيمة مقاتلي «داعش» أكثر مما تطمئنهم إلى نصر مبين. أما المحاور الخمسة التي أعلن مؤتمر بروكسل الالتزام بها في بيانه الختامي فهي أقرب إلى «خطة خماسية» لتعامله مع أزمة طويلة الأمد منها إلى إعلان حرب محددة الأهداف على تنظيم إرهابي – الأمر الذي توحيه مطالبة البيان «بنزع الشرعية» عن «داعش» وعقد مؤتمرات في الكويت والبحرين والمغرب والولايات المتحدة «لتعزيز التعاون والجهود» لمحاربتها.
هل يستوجب قتال «داعش» حشد كل هذه الإمكانات الجبارة لستين دولة والتخطيط لحرب سوف تستغرق عدة سنوات؟ أم أن دول التحالف، وتحديدا القيادة الأميركية، لا تخوضها كحرب ضرورة بقدر ما تتعامل معها كحرب خيار إقليمي «سياسي» لا تبشر معطياتها الأولية بحرص يذكر على التيار الإسلامي المعتدل في المنطقة؟
يوما بعد يوم، يؤكد بطء العمليات الحربية، أن تحقيق نصر سريع على تنظيم داعش يتطلب اتخاذ إجراءين أعاد التذكير بهما وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، في اجتماع بروكسل: نشر قوات قتالية على الأرض لمواجهة «داعش» ميدانيا، ودعم قوى الاعتدال السورية، وعلى رأسها الجيش السوري الحر.
ولكن، رغم ما توحيه طبيعة المواجهة العسكرية مع «داعش» من احتمال تحولها إلى حرب استنزاف طويلة الأمد، ما زالت الإدارة الأميركية تفضل خيار الغارات الجوية على الحرب البرية حتى وإن كانت بقوات غير أميركية.
إضافة إلى أن هذا الخيار العسكري الأميركي – المفترض أن يكون مدروسا – يغضب تركيا، حليفها الإسلامي الوحيد في «الناتو»، ولا يحظى برضاء أصدقائها العرب الذين تصفهم بـ«المعتدلين»، ويثير تساؤلات حول جدوى الاستراتيجية الأميركية في المنطقة – إن لم يكن جديتها أيضا – يأتي اعتراف البنتاغون بمشاركة الطيران الحربي الإيراني في قصف مواقع «داعشية» في العراق، وغض واشنطن الطرف عن تكثيف الطيران السوري غاراته اليومية على مناطق المعارضة ليضيفا إلى التساؤلات العسكرية تساؤلات سياسية أيضا.
هل أصبح الأميركيون والإيرانيون «رفاق سلاح» في حربهما على «داعش» رغم نفي واشنطن التنسيق العسكري مع طهران؟
واستطرادا، هل يعقل أن يبقى «المتحالفون جوا» متخاصمين سياسيا، في موقفيهما من النظام السوري الذي يدين ببقائه في قصر المهاجرين للدعم الإيراني المالي والدبلوماسي والعسكري (المباشر أم المقدم بالواسطة)، وهل هي مجرد صدفة ألا تتواجه طائرات «الشيطان الأعظم» مع الطائرات الإيرانية والسورية في أجواء منطقة العمليات الواحدة، وألا يطلق سلاح الجو الأميركي رصاصة واحدة على أي موقع عسكري للنظام السوري الداعي لإسقاطه منذ ثلاث سنوات؟
استمرار الحال على هذا المنوال قد لا يحول دون تحول الحرب على «داعش» إلى حرب على خصوم إيران وسوريا، وبالتالي إلى عملية قلب لموازين القوى في المنطقة لغير صالح الأنظمة التي تصفها واشنطن بالمعتدلة.
وسط أجواء الحرب المفتوحة على كل الاحتمالات، ظاهرة واحدة تقلل من مخاطر تعديل موازين القوى في المنطقة، في حال اقتصار الحرب على الغارات الجوية فحسب، هي ذلك الشبه المتزايد بين تهديد التحالف بدحر «داعش» وزعم الشاعر الأموي، الفرزدق، في زمانه، أن سيقتل مربعا.
يومها كان تعليق الشاعر النجدي، جرير، على تهديد الفرزدق: «أبشر بطول سلامة يا مربع».