( المعارضة السورية : بين جرعات العروبة و سيوف السلفية ) “بقلم بهجت شيخو”

آراء وقضايا 18 يوليو 2017 0
( المعارضة السورية : بين جرعات العروبة و سيوف السلفية ) “بقلم بهجت شيخو”
+ = -

الوطن العربي و بمساحته الشاسعة و بدوله الاكثر من عشرون دولة كان و مازال وطنا فقط لحفنة من المستفيدين و المقربين من سلطاته الحاكمة و أنظمتها الجمهورية و الملكية و لم يتمكن شعوبها منذ استقلالها كدول ان يشعروا بأنهم مواطنون و يستحقون العيش برفاهية و كرامة و يتمتعوا بابسط حقوقهم الانسانية و الشرعية كحق التعبير عن الرأي و حرية الاحزاب و حق المرأة وانتخاب الرئيس او الملك او السلطان المناسب لطموحهم .
.

بل تم التعامل من قيبل تلك السلطات الانقلابية في هذه الدول بالقوة العسكرية و اصدار الآوامر الجائرة و انشاء دكتاتوريات عبثية بشقيها الترغيبي و الترهيبي و تتلخص ذلك بالمبايعات و الولاءات القسرية و يستمر ذلك للأبد و احيانا قد يصل تلك النزعة المتجذرة حتى اكثر من ذلك فالولاء قد يستمر في تبجيل جنازة القائد او قد يصل حتى تخليد قبره الخالد او قد يترافق مع تماثيله البرونزية و المنتشرة في كل ساحة من ساحات الوطن المستعبدة اصلا .
.

ارتبط سيرة العبودية في الفكر العروبي الاسلامي منذ نهاية حقبة الرسول الكريم حين بدأت الغزوات الاسلامية غزوها خارج بادية العرب و استنشقت هواء التمدن في بلاد الشام و وادي الرافدين بلاد الحضارات و الماء و الخصب .
.

و لم تنتهي الصراعات القبلية و النزعات الفردية في جسم الامة و دوما حسمت المعارك بالدماء و ذلك لديمومة الإمام او الوالي و حديثا القائد او الملك و غيرها من الالقاب المؤبدة الخالدة .
.

ان ذاك الفكر تم تهجينه و تكريسه و بموجبه جردت شعوب المنطقة الاصيلة من حقوقها الطبيعية في الانماء الانساني و اغلقت أمامها كل منافذ آفاق التطور و البحث المنهجي لتكوين الدولة العصرية و مستلزماتها .
.

لذا لا يمكن تصور أي حركة او حزب او فصيل بمعزل عن ذاك الاستبداد الحاصل خلال تلك الحقبة التاريخية الطويلة و ابتهال محصلات افكار التمجيد للفرد المتجسد بالقائد و حتى التصفيق له و التكبير في مآذن الجوامع بما يقدمه هذا ( المقدام ) في سبيل الامة و البلد .
.

و هنا لا بد من اسقاط تلك المقدمات على المعارضات العربية و التي تسمت بمسميات الربيع العربي و منها المعارضة السورية .
.
كان من البديهيات انه يكمن مصلحة المعارضة السورية و ثورتها في النضال السلمي و تأجيج تلك القوى المناهضة للسلطة الاستبدادية القائمة بالنزول إلى الشوارع في انحاء الوطن و بالالاف و التعبير عن مطاليبها المشروعة بالغناء و الأهازيج الوطنية و لكن تعنت النظام في البقاء و اساليبه المتمرسة في حكم سورية المزمن جعله قويا ليغير مسار الثورة من لوحتها السلمية الى مسلحة فوضوية .
.

و يعود ذلك لجملة اسباب حيث وجد النظام مساحات مبررة و شاسعة ليقصم جسم المعارضة و اولها الصراع الطائفي و حلم المعارضة بتبديل كرسي الرئاسة برئيس سني و البقاء في بوتقة حكم الولاء و المبايعة .
.

كما ان المعارضة لم تستطع رسم روؤية واضحة لمستقبل البلد و تؤمن بموجبها لكل مكوناتها الطمأنينة بمستقبلها القادم في سوريا الحديثة .
.

و عدا ذلك عدم تمكنها في بناء قوة عسكرية موحدة حديثة يكون ولاءها لشعبها بل اتسمت بشعارات عروبية و تميزت ببداوتها السلفية و التي تكفر اكثر من نصف الشعب السوري مع الأسف .
.

و برز تخبط المعارضة السورية في مواقف شخصياتها العديدة و مسؤوليها وان كانت تعتبر اكاديمية او اشتراكية و تمثل ذلك بمواقفها الارتجالية اتجاه بوصلة الصراع السوري و عدم تمكنها من تحديد ربط مصلحة الثورة مع دول الكبرى و هم اصحاب القرار بشان الصراع السوري كما لم تحدد موقفا واضحا من قضايا الشعوب و الاقليات المتعايشة و منها الشعب الكردي كشعب يعيش على ارضه التاريخية لان الاعتراف بهذا الشعب و بقية المكونات السورية كان سيولد نتائج ايجابية هامة للثورة .
.
و اسرد بعض قاداتها و زعاماتها اساطير و اغلاط تاريخية بحق تواجد الشعب الكردي في كوردستان سوريا .
.

هنا لا يمكن القول سوى ان تلك المعارضة بشقيها السياسي و العسكري مسؤولة مسؤولية تاريخية عن ما آلت إليها النتائج السلبية التي رافقت مسيرة الثورة السورية المشروعة و التي دفعت من اجلها بالغالي و النفيس لغد اجمل .
.

و لكن هل لدى المعارضة السورية و المتمثلة بالهيئة العليا للمفاوضات الجرأة الحقيقة الآن لأن تعترف باخطاءها الجسيمة و تبدا بتكوين آلية عمل جديدة لتواجه بطش النظام و ترجع لرشدها و تعترف بوجود مكونات الشعب السوري و تقر بحق تقرير مصيرها كونها شعوب تعيش على ارضها التاريخية كالشعب الكردي وبقية الاقليات القومية و الطائفية و تبتعد عن فكرة احتواء الشعوب الاخرى و مصادرة حقوقها و الأبتعاد عن تبديل دكتاتور بدكتاتور آخر في سوريا المستقبل .

آخر التحديثات