وسط انتقادات وغضب شديدين استقبل تشكيل المرجعية السياسية الكوردية في سورية من خلال صفحات التواصل الاجتماعي والحديث بين الناشطين والصحفيين والكتاب والاعلاميين الكورد باقصاء مدينتي كوباني وعفرين والرقة وجبل الاكراد ناهيك عن المرأة والشباب والايزيديين فان عدمية التمثيل هذه لا تخدم المرجعية وسياساته وتوجهاته الأنية والمستقبلية كونها لا تشمل جميع شرائح المجتمع وفئاته والبيئة المناطقية في اللجان والهيئات والمؤسسات التي ستنبثق عنها مستقبلا .
وان اي عمل مشترك بين حركة المجتمع الديمقراطي وبين المجلس الوطني الكوردي باحزابه المتعددة وافكاره المتشعبة والمتشتتة ومبادئه المتصارعة والمتناوئة والتي تصب كلها في خانة واحدة وهي القضية العادلة والمشروعة لشعب غرب كوردستان وايجاد حلول مناسبة لها وفقا لمصير مشترك والقيم والمعايير الانسانية والديمقراطية النبيلة التي كنا وما زلنا ننادي به للقضاء نهائيا على الظلم والاستعباد والحرمان الذي ساورنا منذ الاستقلال وحتى اجرام نظام الاسد وحاشيته المقيتة وقمعه واستبداده بحق الشعب السوري عموما والشعب الكوردي على وجه الخصوص من جهة وارهاب ما يسمى ب تنظيم الدولة الاسلامية من جهة ثانية .
فكل هذا يفرض التكاتف والتلاحم وتوحيد الصف الكوردي والاستعداد للاستحقاقات القادمة واستغلال الظروف المواتية بعقلية منفتحة قائمة على الشراكة الحقيقية بين جميع الاطراف والفئات المجتمعية والمناطقية ليعبر بشكل لا يدع مجالا للتدخلات المحلية والاقليمية والدولية وعن تطلعات وأمال شعبنا وطموحاته القومية والوطنية الديمقراطية المشروعة وضرورة تنفيذ اتفاقية دهوك بحزافيرها خاصة ما يتعلق منها بالادارة الذاتية وواجب الحماية والدفاع عن المناطق الكوردية .
بما ان قضية شعبنا ووجوده القومي وحقوقه المشروعة تعرضت وتتعرض باستمرار لمخاطر وتحديات جمة اذا يستلزم توحيد الرؤى والتوجهات السياسية لمواجهتها قولا وعملا خدمة لمصالحه العليا بعيدا عن المصالح الشخصية والحزبية والأنية الضيقة .
حيث ان المرأة تشكل نصف المجتمع الكوردي ولعبت دورا هاما في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والتربوية قبل الثورة واثناءها بالاضافة الى انخراطها في العمل العسكري بقيامها بتشكيل وحدات حماية المرأة وتعمل جاهدا في محاربة تنظيم الشر والارهاب ولم تتوانى قط عن واجب الحماية والدفاع عن تراب الوطن بتضحياتها الجسام وبذلك تكون قد اثبتت وجودها في كافة المجالات ومناحي الحياة وتوصفن بمشاركتهن وقتالهن الضروس في كوباني وعفرين وحتى الجزيرة ضد الدواعش وجبهة النصرة وتأتي على ذكرهن جميع وسائل الاعلام المحلية والاقليمية والعالمية وحتى العربية كان من المفترض ان تعزز دورها ومشاركتها في القرار السياسي الأني والمستقبلي ولكن مع الأسف ما حدث هو العكس ولا ينسجم والواقع الذي نجابهه .لأن المرأة هي المجتمع بذاته .
أما الايزيديون باعتبارهم مكون اصيل من مكونات الشعب الكردي عرقا وديانة يحق لهم التمثيل في المرجعية كما يحق لغيرهم من المكونات والاحزاب حتى يتمكنوا من الدفاع عن غرب كوردستان وحمايتها .
أما الشباب فهم دائما شعلة تنير الدروب وتضيء المستقبل ويعطي الحياة طعمها ورونقتها ووقود الثورة في جميع المراحل والازمات وعلى مر الازمنة والعصور والركيزة الاساسية لمستقبل اي شعب ويسعون بأفكارهم الدراماتيكية وهاجسهم وحسهم العالي الى التقدم والتطور والارادة الحرة .فتجاهل دورهم لا يستقيم مع تلك الارادة والتصميم والازدهار والرقي والتطور الثقافي والعقائدي والفلسفي الاقرب الى المنطق والواقع الذي يطمح اليه شعبنا الكوردي في غرب كوردستان .
أما كوباني وعفرين فاقصائهما تعتبر حقا استفزازا واضحا وصريحا لما لهاتين المدينتين من حجم وثقل في المعادلة الكوردية في سوريا .يبدوا ان التوزيع جاء بسبب خلافات بين الاحزاب والاطراف الكوردية ولم تتعلم بعد كيفية تعاملها مع غيرها بمبدأ قبول الأخر والترحيب به على اساس كلنا شركاء الكعكة والطبخة .استنادا الى بيئة حزبية ضيقة مليئة بالمشاكل والمهاترات والحساسية والخوف أو الفوبيا من هذه المكونات ببنيان وأفق ضيقة ممنهجة .
فهذه المرجعية التي انتظره الشعب الكوردي بفارغ الصبر خشيتي ان لا تلقى ترحيبا شعبيا بين مكونات مهمة ومناطق ذات تأثير كبير على الساحتين الكوردية والكوردستانية خاصة كوباني التي ضمت وصمدت وحشدت جمهورا لها حول العالم وفي صلب مراكز القرارات السياسية العالمية من واشنطن وباريس ولندن وبرلين واستغاثت بالبيشمركة من هولير واردوغان بكل ما يملك من القوة والنفوذ ودعمه اللامحدود للارهاب الداعشي في كوباني لا يستطيع السيطرة عليها واسقاطها للقضاء على حلم الكورد في غرب كوردستان .والمدينة ستكون منطلقا لتحقيق هذا الحلم .
كيف تتم تهميشها وتغييبها عن الساحة السياسية الكوردية والعالم بكل قواته وجبروته تحالفت وتلاحمت واجتمعت فيها لوقف هجمات المنظمة الاكثر فتكا ودمارا وارهابا في العصر الحديث .
المدينة التي نزحت منها مئات الألاف من الكهل والنسوة والاطفال والشباب والتي تضيء سماءها في الليالي المظلمة براجمات الصواريخ والدوشكا وقنابل على اختلاف انواعها واشكالها فدمرت معظم مبانيها وأحياء بالكامل من جراء القصف الجوي المتصاعد والمستمر لطائرات التحالف بالتساوي مع الضربات الموجعة للقوات الكوردية على الارض ضد الجرادين الدواعش .
المدينة التي ضحت بالغالي والنفيس واستقطبت الرأي العام العالمي فألمعت اسمها واشتهرت صيتها حتى طغت على جميع شبكات الاخبار في العالم المسموعة منها والمقروءة والمرئية .فكيف اذا تتجاهل هذه المدينة وتنسى وتحرم من التمثيل في المرجعية السياسية الفتية وحديثة الولادة .
ولكن و بالرغم من النواقص والاخطاء مهما تكن حجمها وجسامتها بالأقصاء والتهميش والتمثيل تبقى خطوة في الاتجاه الصحيح واللبنة الأولى نحو تطبيق بقية بنود اتفاقية دهوك التاريخية بكل ما تحمل من تعقيدات وأزمات داخلية وتحديات وتداعيات خارجية حاضرا ومستقبلا .
أملي ورجائي ان تتخطى المرجعية مستقبلا هذه الفراغات والمخاطر الناجمة عنها في الأيام القادمة التي قد تعيق العمل المشترك أو ربما تكون حافزا للاستقطابات والتدخلات وشعبنا الكوردي في غنى عنها .
صبري حاجي .ماجديبورج .المانيا .20.12.2014