كوردستريت || الصحافة
ناقشت صحف عربية تأثير تطبيق قانون “حماية المدنيين في سوريا” أو ما يعرف بـ”قانون قيصر” على سوريا وحليفتيها روسيا وإيران.
وينص القانون الذي اعتمدته الإدارة الأمريكية ودخل حيز التنفيذ الأربعاء 17 يونيو/حزيران على فرض عقوبات على الحكومة السورية والدول التي تدعمها مثل إيران وروسيا لمدة 10 سنوات في مجالات الطاقة والهندسة والأعمال والنقل الجوي.
ويمكن للرئيس الأمريكي بموجب القانون فرض عقوبات جديدة على أي شخص أو جهة تتعامل مع الحكومة السورية أو توفر لها التمويل، بما في ذلك أجهزة الاستخبارات والأمن السورية، أو المصرف المركزي السوري.
ذهب معلقون إلى أن القانون سيؤدي إلى أزمة اقتصادية كبيرة في سوريا كما أشار البعض إلى أنه يستهدف الضغط على روسيا وإيران وتجريدهما من نفوذهما في المنطقة.
“عقوبات عابرة للحدود”
قالت افتتاحية صحيفة الوطن السورية إن الهدف الرئيسي لقانون قيصر “هو دفع الحكومة السورية إلى القبول بالأجندة الأمريكية الغربية كاملةً، ودفع حلفاء سوريا لخسارة الانعكاس الاستراتيجي الدولي والإقليمي لإنجازاتهم في الميدان السوري”.
وحذرت الوطن من أن “إلزام الدول الكبرى وخاصةً الدول الحليفة لسوريا للرضوخ للعقوبات التي تستهدفها قبل سوريا لا يبدو أنه خيارٌ واقعي… وعلى الرغم من أن مطالبة الولايات المتّحدة للدولة السورية بورقة تنازلات لرفع العقوبات ومنها ‘التعايش السلمي’ والمقصود هنا الكيان الصهيوني إلا أن مواقف حلفاء سورية وفي مقدمتهم روسيا وإيران – التي استطاعت حماية سفن مساعداتها إلى فنزويلا – لا تبدو في وارد التراجع بمواجهة الضغط الأقصى الاقتصادي الأمريكي”.
وبالمثل، رأى عبد الرحمن الكناني في الشروق المصرية أن قانون قيصر “عقوبات تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية على النظام السوري في نص ديباجتها، لكنها في جوهرها عقوبات عابرة للحدود لا تستثني أحداً”.
وأضاف الكاتب: “عقوبات قيصر التي تدخل حيز التنفيذ تجرد نظام بشار الأسد من قوة تحالفاته الدولية والإقليمية التي ضمنت بقاءه، وتجرد الحلفاء من مناطق نفوذهم، وتضع دولهم تحت طائلة العقاب الاقتصادي والسياسي الذي يضر بسيادتها واستقرارها في المجالات كافة، ويعزلها عن العالم”.
ووصفت صحيفة العرب اللندنية القانون بأنه “عصاً تقود بها أمريكا النظام وحلفاءه إلى فعل ما تريده في سوريا من الآن فصاعداً”.
وأضافت الصحيفة: “سواء كان هدف قانون قيصر إسقاط نظام بشار الأسد أم تقويم سلوكه، كما يقول المسؤولون الأميركيون، فإن الولايات المتحدة لا تستعجل إحداث التغيرات الجذرية في سوريا، لأن عقوبات القانون مزاجية في الوقت والتنفيذ وفقا لما يستجد من أحداث. وبالتالي تترك الإدارة الأميركية باب المصالحة مفتوحاً ليس فقط أمام نظام دمشق وإنما أمام الروس والإيرانيين ألد خصومها في سوريا”.
“جولة جديدة من الصراع”
وفي سياقٍ متصل، أشار ناصر قنديل في صحيفة البناء اللبنانية إلى أن “قيمة القانون بالتأكيد لم تكن بتهديده للمتاجرين مع سوريا، لأن الأوروبيين ممتنعون أصلاً، ومثلهم كثير من الدول والشركات العالمية، وبالتوازي ليست قيمة القانون بتهديد إيران وهي المعاقبة بما هو أشدّ من قانون قيصر. والقيمة الفعلية للقانون كانت يوم بدأت مناقشته قبل ثلاث سنوات، وهي اليوم كذلك، بكونه يستهدف الضغط على روسيا عبر التلويح بمعاقبة شركاتها التي تتعامل مع سوريا، ومن ضمنها شركات تمثل عصب الاقتصاد الروسي سواء في مجال صناعات الأسلحة أو في قطاع النفط والغاز”.
من ناحية أخرى، قالت صحيفة العربي الجديد إن القانون “يعني كثيراً بالنسبة إلى إيران، وربما هي المعنية به بالدرجة الأولى أكثر من روسيا، الحليف الآخر للنظام، وحتى أكثر من الأخير نفسه، وذلك لأنّ مفاعيل القانون وتداعياته، تتعدى إلى ما هو أبعد من الحليف المباشر، إلى أذرع إيران في المنطقة، وأبرزها ‘حزب الله’ اللبناني”.
وأضافت الصحيفة: “الشعور بخطورة قانون ‘قيصر’ دفع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، إلى كسر الحظر الذي فرضه فيروس كورونا منذ أربعة أشهر على زياراته الدبلوماسية، ليطير سريعاً إلى تركيا، ومن ثمّ إلى روسيا أخيراً، وذلك بحثاً عن روادع في مواجهة القانون… تحرك إيران السريع جاء مدفوعاً من إدراك أنّ المستهدف الأساسي من قانون ‘قيصر’ هو نفوذها في المنطقة، وتحديداً في سوريا، التي تحظى بثقل استراتيجي في الحسابات الإيرانية الإقليمية”.
وحذر على الغلاف في الأخبار اللبنانية من أن الأمريكيين يريدون بالقانون “قواعد تحكم جولة جديدة من الصراع في الإقليم… وحلفاء سوريا، الإقليميون والدوليون، يجمعون على أن خسارة هذه الجولة، بسلاح الاقتصاد والحصار والتجويع هذه المرّة، خيار غير وارد”.
وقال فهيم الحامد، في صحيفة عكاظ السعودية تحت عنوان “قيصر.. حبل مشنقة ‘الأسد ـ نصر الله'”، إن القانون “سيعمل على ذبح نظام الأسد اقتصادياً وقصقصة أجنحته الطائفية، ولن يتمكن النظام الإيراني الذي صنع النظام السوري، وأطعمه من جوع ودعمه بالمليشيات الطائفية، وهو الذي يعاني أيضا من أزمة إقتصادية شديدة خانقة، من فعل شيء”.
وأضاف الكاتب: “بحسب الخبراء، فإن الأنظمة الداعمة للأسد ستضطر مجبرة لتركه سواء روسيا أو النظام الإيراني أو حزب الله أو المليشيات الطائفية التي جندها نظام خامنئي دفاعا عن الأسد، ولن يكونوا قادرين على مساعدة الأسد في أزمته الخانقة الجديدة”.
بي بي سي