السياسة الخارجية الأمريكية: الفروقات والتوجهات بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
كوردستريت|| #آراء وقضايا
بقلم فرهاد حبش
تُعتبر الولايات المتحدة الأمريكية دولةً مهمةً من حيث قوتها الاقتصادية والعسكرية وهيمنتها على النظام الدولي الحالي. لذا، يترقب العالم الانتخابات الأمريكية لمعرفة من سيكون الرئيس الجديد وشكل السياسة الخارجية في ظل الرئيس الفائز، سواء كان جمهوريًا أو ديمقراطيًا، خاصةً في ظل المرحلة الراهنة التي تشهد تغييرات كبيرة في مناطق الصراع.
منذ الثورة الأمريكية (1765–1783)، تميزت السياسة الخارجية الأمريكية بالتحول من سياسة عدم التدخل قبل الحرب العالمية الأولى وبعدها، إلى هيمنة متزايدة خلال الحرب العالمية الثانية، ومن ثم هيمنة واضحة في القرن العشرين بعد انتهاء الحرب الباردة. وقد تأرجحت السياسة الخارجية الأمريكية بين مدرستين رئيسيتين: المدرسة الواقعية، التي تركز على القوة والمصالح الوطنية، والمدرسة المثالية، التي تهدف إلى نشر الديمقراطية ودعم نظام دولي قائم على القيم المشتركة.
مع تناوب الحزبين الديمقراطي والجمهوري على الحكم، ظهرت هذه الاختلافات في السياسة الخارجية من حيث الوسائل المستخدمة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية المشتركة. الجمهوريون يميلون نحو المدرسة الواقعية، ساعين إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية عبر وسائل متنوعة، بما فيها القوة الصارمة إذا لزم الأمر، بينما الديمقراطيون يميلون إلى المدرسة المثالية التي تركز على الدبلوماسية والتعاون. يبقى الفرق في السياسة الخارجية بين الإدارتين في كيفية تطبيق المبادئ، مما يجعل الفوارق بين الحزبين تركيبية أكثر من كونها فكرية.
لمحة عن توجهات السياسة الخارجية لكل من الحزبين الديمقراطي والجمهوري تظهر اختلافًا في الأولويات والأساليب. يركز الحزب الديمقراطي بشكل أساسي على الدبلوماسية وتعزيز التحالفات الدولية، حيث يفضل الحلول الدبلوماسية والتعاون مع الحلفاء التقليديين مثل الأمم المتحدة وحلف الناتو، معتقدًا أن العمل الجماعي يسهم في تحقيق الاستقرار والأمن العالميين. كما يهتم الديمقراطيون اهتمامًا ملحوظًا بحقوق الإنسان وقضايا المناخ. إضافةً إلى ذلك، يتبنى الديمقراطيون نهجًا متوازنًا تجاه قضايا الشرق الأوسط وآسيا، حيث يدعمون الحلول السلمية للنزاعات في الشرق الأوسط، ويعملون على مواجهة النفوذ الصيني بأسلوب يركز على بناء التحالفات الإقليمية بدلاً من الصراع المباشر.
يميل الحزب الجمهوري إلى التركيز على السيادة الوطنية واستخدام القوة عند الحاجة، مُعززًا رؤيته بأن مصالح الولايات المتحدة تأتي أولاً، حتى وإن تعارضت مع القوانين الدولية. يعتقد الجمهوريون أن السياسات الصارمة واستخدام القوة عند الضرورة تعززان النفوذ الأمريكي وتحمي الأمن القومي، بينما يُهمشون دور المنظمات الدولية في القضايا السياسية الخارجية لتفادي القيود التي قد تفرضها هذه المؤسسات على قرارات الولايات المتحدة.
فيما يتعلق بالسياسة تجاه الشرق الأوسط وآسيا، يتبنى الجمهوريون موقفًا متشددًا يسعى إلى احتواء النفوذ الإيراني من خلال فرض العقوبات الاقتصادية واتباع استراتيجيات صارمة. كما يعتبرون الصين تهديدًا استراتيجيًا يعملون على مواجهته عبر مشاريع اقتصادية وفرض العقوبات عليها.
بهذه الطريقة، تظل الفوارق بين الحزبين مؤثرة في كيفية تعامل الولايات المتحدة مع القضايا الدولية، بدءًا من النزاعات الإقليمية والعلاقات مع الصين وروسيا، وصولًا إلى القضايا البيئية وحقوق الإنسان، مما يعكس اختلافات هيكلية في توجهات السياسة الخارجية لكل حزب.
فرهاد حبش