بعد زهاء ثلاثة سنين من عمر الأزمة السورية وما رافقتها من مآسي وأهوال ، قتل وذبح ، تخريب وتدمير ، تهجير و تشريد و اغتصاب , تشكيل كيانات سياسية علمانية ودينية وقومية وعشائرية من كافة مكونات الشعب السوري بالإضافة إلى هبوط كائنات من كواكب بعيدة وغريبة لتدمير الدولة السورية والأمة السورية وزرع ثقافة بغيضة وكريهة ،وزرع الفتن بين جميع فئات الشعب السوري ، وظهور كتائب مسلحة باسم الدين وكانت معروفة بعقمها الأخلاقي و الاجتماعي والسياسي وبعد سجالات ومباحثات بين هذه المكونات التي أغلبها لم ترقى إلى مستوى الأحداث الجسام والاكلاف والتضحيات الباهظة التي قدمها الشرفاء من السوريين في سبيل الحرية و رفع الظلم واسترداد الكرامة والعدل المفقود منذ أكثر من أربعة قرون.
حقا مأساة الشعب السوري كبيرة، وليس النظام وحده السبب في هذا المرض الذي يشبه التوحد ، بل كشفت لنا هذه الأزمة زيف المعارضة بكافة أنواعها ، فهي لم تستطع بعد كل ما تعرضت له من مظالم أن تخرج من عنق الزجاجة ومما تعلمت وما تربت على أيدي العفلق والبيطار والبعث الشوفيني وخير شاهد على ذلك الشخصيات الموغلة في التخلف والرجعية و التزمت التي تقود الإئتلاف والمجلس الوطني السوري او الشخصيات التي تدعي الثقافة والفكر والتي تعرف كيف تجافي الحقيقة والواقع حيث يطل علينا بين الفينة والفينة شخصيات من المعارضة من أمثال الصحفي الشربجي الذي اتهم الكورد بأنهم السبب في عدم توحيد المعارضة أو اللبواني صديق المالح والبشير أمناء الثورة السورية الذي يجاهر علانية برفضه التام لكل ما هو غير عربي سوري سني، وبان سوريا ستكون الجمهورية العربية السورية السنية والحكم سيكون لهذه الأغلبية شاء من شاء وأبى من أبى ، بل يزاود عليهم في ذلك عبد الرحمن الخطيب الباحث على حد قوله في الشؤون الإسلامية الذي رفض اعتبار الكورد شعبا في سوريا بل انهم جماعات متفرقة يعيشون في أماكن مختلفة ومتباعدة لا يرتبطون بلغة واحدة ولا بتاريخ أو عادات مشتركة وبالتالي لا يشكلون أمة .
وأخيرا وليس أخرا يظهر علينا حبيب صالح المثقف ابن الطبقة الفقيرة من الطائفة العلوية ، المدافع عن حقوق الإنسان والذي اعتقل قرابة ثلاثة سنوات بسبب مقالات للدفاع عن حقوق الإنسان وضد النظام السوري و بإسلوبه التهكمي الساخر ، بان الكورد لم يحبوا أحدا من الشخصيات العربية ، ثم جاء على بطولات قائده الهمام صدام حسين الذي كان رائدا للتقدم الاقتصادي والصناعي والعمراني وبأنه رجل فلسطين الأول وبأنه ضرب إسرائيل بالصواريخ ووقف ضد التوسع الإيراني حسب رأيه ، ثم أخذ على الكورد وعاتبهم في حبهم لميديا و كردستان ، وبأن زوال صدام ضر كثيرا بالقضية الكوردية عراقيا وسوريا وإيرانيا وتركيا ، وهكذا يمضي حبيبنا وصالحنا في مغالطاته بوقوف الكورد مع التحالف السعودي الامريكي المصري الاسدي ضد صدام ، ثم يطالب الكورد بالبراءة من المالكي وإيقاف صالح مسلم من دعم آل الأسد والقتل من إجله. ويمضي حبيب صالح في مغالطاته ويتهم الكورد بكرههم للعرب والإساءة للإخوة العربية الكوردية وبأن الكورد يكرهون صلاح الدين الأيوبي لأنه خدم المسلمين و العرب ،ويمضي في عتابه على الكورد ويطالبهم بان لا يعادوا الثورة الديمقراطية في سوريا ، وان يكونوا مع القضية العربية لان العروبة ضمانتهم ضد الترك والإيرانين ويوهم السيد الحبيب نفسه بأن الكورد سيأخذون حقوقهم كاملة بعد نجاح الثورة الديمقراطية بعيدا عن الإسلام السياسي .
ولم يترك السيد صالح العلويين و المسيحيين أوالسنة بل طالبهم كما طالب الكورد بعدم الانتحار سياسيا ، وطالبهم بترك الأسد و الاشتراك في الثورة ضده وضد نظامه ،وطالب المسيحيين الكف بلعب سماسرة البازار والثورة ، وطالب العلويين بترك نظام بشار وقتله ، كما نبه السنة بأن الجمهورية الثانية يجب أن لا تكون للهيمنة وإلا سيستمر الحرب بين السوريين لعقود ولن تنتهي .
لقد وضع الإستاذ حبيب صالح إصبعه على الجرح في مواقع عدة ونطق بالحق و الواقع ،ولكنه ظلم الكورد ،وقد يكون عن جهل ، وهذا غير مبرر لشخص في مستواه ،أو عن قصد وهذه مصيبة اكبر ،ولذا وجب الرد عليه في نقاط عدة:
– الكورد لا يكرهون العرب والعكس هو الصحيح ، وهم أحبوا الرسول وابوبكر الصديق وعلي بن أبي طالب ، لكن هل هناك شخصية عربية أنكرت ما تعرض له الكورد من مظالم ومجازر في العراق و سوريا ؟ الم تسمع يا سيد صالح كيف سمى العنصريون العرب الكورد في سوريا بإسرائيل ثانية .
– العرب لم يكونوا ضمانة لهم وذاكرة الكورد نشطة ، هل نسيت يا حبيبنا صالح كيف أرسل نظام البعث بجيشه الجرار بقيادة العقيد فهد الشاعر لمحاربة الكورد في العراق ؟ بينما البارزاني الخالد أمر بوقف القتال ضد العراق في حرب 1973 ضد إسرائيل وعبر عن استعداده بإرسال قواته لمساعدة العرب .
– الكورد حاولوا المستحيل مع صدام حسين ولكنه أبى وتمادى في غيه وظلمه وضرب بإتفاقية 11 اذار عرض الحائط.
– الكورد لم ولن يحبوا صدام حسين لانه مارس بحقهم الجينوسايد والانفال والكيماوي ومع ذلك لم يوقع جلال الطالباني على إعدام صدام حسين ، ولم ينتقم الكورد من العرب عند انهيار نظام صدام .
– الكورد ليسوا مع المالكي بل هم مع تحالفهم الذي كان ضد صدام وهم يحترمون إتفاقياتهم و مواثيقهم مع الغير ووقفوا ضد مخططات المالكي اكثر من مرة ، ولكن …..
– زوال صدام كان نتيجة حتمية لظلمه ضد الشيعة والكورد ، وقضية الكورد تطورت كثيرا في العراق وسوريا وحتى في تركيا ، ولكن الكورد يعاتبون على المثقفين من أمثالكم ويستغربون صمتكم تجاه قضيتهم في كل الأجزاء.
– الكورد يحبون صلاح الدين الأيوبي و لكن الم تسمع االعروبين العنصريين و هتافاتهم وهم يلعنون حطين التي جاءت بصلاح الدين !.
_ أما ادعاءك بأن صدام كان رجل فلسطين الأول فهو محض افتراء ، والقادة الفلسطينيون خير شواهد على ذلك وكذلك حرب 1973 .
– يعاتب حبيبنا صالح الكورد لمحبتهم لميديا او لكوردستان! ألا تحبون العروبة والوطن العربي؟ وهل نسيت النشيد العروبي .امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة!.
– الكورد السوريين جردوا من الجنسية ، وحرموا من لغتهم الأم و طبق بحقهم الإحصاء الاستثنائي ومزارع الدولة وقانون 49 وقضى الكثير منهم نحبهم في السجون ولا يزالون وقاموا بإنتفاضتهم ضد النظام 2004 واتهمتهم بالانفصال و لم نسمع صوتا عربيا واحدا يقف معهم .
_الكورد كانوا بعد درعا مباشرة وطالبوا بوحدة الشعب السوري وبسلمية المظاهرات والتغيير السلمي للسلطة ، حزب (ب ي د )وصالح مسلم لم يقفوا مع النظام وكانوا مع الثورة السلمية المدنية و مع سوريا لكل السوريين ،وفتحوا قلوبهم قبل بيوتهم للنازحين السوريين ولكنهم اجبروا للدفاع عن مناطقهم و عن كرامتهم ضد الحاقدين العنصريين و ضد داعش و جبهة النصرة .
-الكورد عانوا كثيرا من مطالبتهم بالأخوة العربية الكوردية وسجن كوكبة من شبابهم لتسع سنوات بسبب هذا الشعار الذي لا زلنا نؤمن به .
– الكورد ، ليسوا مع النظام ,ولا يزالون مع التغيير الديمقراطي السلمي في سوريا ولكنهم ليسوا مع التطرف الديني المذهبي ولن يكونوا وقودا لها ،ولا التطرف القومي ، ولن يقتلوا العلويين، ولن يطردوا المسيحيين ، بل هم يطالبون بدولة ديمقراطية تعددية مدنية لامركزية ، دولة لكل السوريين ومن دون تفرقة أو تسلط طائفة على أخرى ، ولهذه الأسباب كلها حبيبنا صالح لم نحب صدام ليس فقط لأنه ارتكب مجازر ضد الكورد بل انه كان طائفيا وعنصريا وديكتاتورا ظالما حكم العراق بالبارود والنار وساهم في أحداث 1982ودعم الأخوان المسلمين وتفجيراتهم ساهم في فتل الكثير من الأدمغة السورية ، وهاجم إيران ، واحتل الكويت وسماها المحافظة السابعة عشر ، وكان سيحتل ويدمر دول الخليج وسوريا .
حسني كدو
7-11-2013