كوردستريت || بيانات
من الواضح أنّ حدث أفغانستان يتصدّر وسائل الإعلام الدولية والإقليمية، وما سيحصل فيما بعد انسحاب القوات الأمريكية منها بعد عشرين عاماً من تواجد قواتها في أفغانستان، وكيف يتعاطى المجتمع الدولي مع الوضع المستجد في المنطقة؟ وهل يمكن أن يحصل ذلك في كل من العراق وسوريا أم أن الوضع يختلف؟ خاصة أنّ هناك تأكيدات من الجانب الأمريكي ببقاء قواتها في العراق بحسب الاتفاق الاستراتيجي بين الجانبين “العراقي والأمريكي” وهكذا في سوريا حيث لم ينتهِ الإرهاب ولاسيما ” داعش”
في هذا السياق، وبعد تسلُّم تنظيم طالبان زمام الأمور في أفغانستان، ربما تكون المنطقة برمّتها أمام صراعات إسلامية مذهبية حادة، حيث دولتان جارتان إحداهما شيعية متشددة “إيران” وأخرى سنية متشددة أفغانستان، وأن المنطقة مُهيأة مسبقاً لمثل هذه الصراعات كما في العراق واليمن وسوريا ولبنان، وأن إيران لابدّ لها من مدّ يدها في الشأن الأفغاني بعد تحرُّك بعض قوى المعارضة لطالبان “أحمد مسعود” نجل الراحل “أحمد شاه مسعود” وربما يكون أحد الأهداف الأمريكية من سحب قواتها من أفغانستان هو الإيقاع بين أطراف الاسلام السياسي نفسه، وقد يمتدُّ هذا الصّراع بشكل أشد حتى إلى سوريا أيضاً، حيث الاتجاهات الإسلامية المتواجدة بدعم تركيا مع تواجد إيران وحزب الله.
وفي جانب الأزمة السورية، فإن الحلّ السياسي عبر المجتمع الدولي ووفق القرار ” 2254 ” ومرجعية جنيف1 يبدو أن الجهود والمساعي الدبلوماسية متوقّفة في هذا الشأن منذ أمدٍ طويلٍ، حيث غياب اللجنة الدستورية بعد تعثُّر عملها في جنيف، وهكذا هيئة التفاوض، وأن ما يحصل على الواقع السوري هو من خلال تفاعلات القوى والأطراف المتواجدة في سوريا بما هي “أمريكا، روسيا، تركيا، ايران ..” وما ينتج عنها من توافقات أحياناً وتباينات أحيانا أخرى.
أمريكا تسعى لعزل إيران سواء دولياً أو في سوريا أو على مستوى المنطقة، وتعمل من أجل تأليب مختلف الجهات ضدها، ومنها كسر التحالف الثلاثي عبر استانا – سوتشي (روسيا، ايران، تركيا)، حيث روسيا تبدي تحوُّلاً في موقفها حيال النظام السوري بإمكانية القبول بتغييره عبر ضمان مصالحها سواء في سوريا أو في أماكن أخرى، وتركيا تسعى للتوافق في مصالحها بين روسيا وحلفائها الغربيين وفي المقدّمة منها أمريكا، في الوقت ذاته هناك مَن يرى أن ملامح توافق أمريكي – روسي باتجاه الحل السياسي للأزمة السورية ولو بشكل جزئي ما يعني أن الوضع السوري أمام تطوُّرات مستجدة في هذا الصدد.
والعراق كدولة جارة لسوريا، ولها قضايا مشتركة معها، وفي المقدّمة منها موضوع محاربة داعش، وما ينبغي لها من إجراءات في هذا الشأن، ولعل الترتيبات الأمنية والعسكرية الأخيرة “بقيادة أمريكا “على الحدود بين الدولتين (سوريا والعراق) تدخل بوضوح في هذا المجال، فضلاً عن العلاقات العراقية الأخرى في الأزمة السورية، وعليه لم يتم دعوة النظام السوري إلى مؤتمر الجوار العراقي الذي انعقد مؤخراً في العاصمة بغداد، وحضره فضلاً عن دول الجوار بعض الدول العظمى مثل فرنسا وغيرها، بهدف تعزيز علاقات حسن الجوار، ما يعني أن العراق يسعى لتوفير مناخات الاستقرار السياسي مع الدول ذاتها، وعلى الصعيد الداخلي أيضاً وبين مختلف القوى والكتل السياسية والمجتمعية، ولاسيما أنه مقبل على الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في العاشر من شهر تشرين الأول القادم في سعي لتحقيق التعاون بينها بغية إنجاز هذه الانتخابات بما يخدم العراق وشعبه.
وإقليم كوردستان، هو الآخر يستعدُّ لخوض غمار هذه الانتخابات العراقية بقوّة، ويسعى ليكون عامل استقرار للعراق برمّته ولشعب كوردستان بشكل خاص، ولهذا يعمل بدأب ومنذ البداية من أجل حل قضايا الخلاف بين بغداد واربيل، ولاسيما مسألة كركوك والمناطق الكوردستانية الخارجة عن ادارة الإقليم موضوع المادة 140 من الدستور العراقي، ولعل المساعي الأخيرة بين الطرفين قد تكللت بالتوافق بين الجانبين، كما أن قيادة الإقليم بحكمتها والسياسة الناعمة لسيادة الرئيس مسعود بارزاني تعمل بشكل متميز سواء في مجال ترتيب البيت الكردستاني عبر تحقيق التوافق بين القوى والأحزاب السياسية وفي المقدمة منها الحزبين الرئيسيين “الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني” كما يسعى من أجل تعزيز العلاقات مع الجانبين الدولي والإقليمي، وتجلّى ذلك في العديد من العلاقات مع هذه الدول، منها دعوة جناب رئيس الإقليم السيد نيجيرفان بارزاني لحضور مراسم تنصيب الرئيس الإيراني المنتخب واستقباله كرئيس دولة وتحت علم كوردستان التي تحمل دلالات خاصة في هذه الظروف السياسية الهامة، وكذلك توافد قيادات ورؤساء العديد من الدول لزيارة الإقليم، منهم الرئيس الفرنسي السيد مانويل ماكرون، هذا فضلاً عن توافد العديد من قيادات الأحزاب والكتل السياسية العراقية للقاء بقيادة الإقليم وفي المقدمة منهم جناب السيد الرئيس مسعود بارزاني الذي يشهد له القاصي والداني بحكمته وحسن مشورته.
غرب كوردستان، لا تزال مناطق عفرين وسري كانييه “رأس العين” وگـري سبي” تل أبيض” تشهد أعمال السلب والنهب والاعتقال التعسفي ومختلف انواع الانتهاكات بحق شعبنا في تلك المناطق، إلا أن هناك مساعي تسهيل عودة المُهجّرين والنازحين من سكان عفرين الأصليين الى مناطقهم، وتتقاطر العوائل للعودة رغم صنوف العراقيل والإتاوات في ذلك، وقد أسماها الأهالي بانتفاضة العودة إلى عفرين.
وفي شأن استئناف المفاوضات بين المجلس الوطني الكردي ” ENKS ” وأحزاب الوحدة الوطنية ” pynk ” فلا تزال العراقيل والعقبات التي يفتعلها ” p.y.d ” قائمة بسبب ممارساته المخالفة لوثيقة التعهد الموقعة من السفير الأمريكي السيد ديفيد براونشتاين وقائد “قسد” السيد مظلوم عبدي بمنع تكرار الانتهاكات بحق المجلس وأحزابه ومكوناته، إلا أنها مستمرة بشكل أقوى، من اعتقال لأعضاء المجلس ورفاق أحزابه، وكذلك حرق المكاتب، وآخرها حرق مكتب حزبنا الديمقراطي الكوردستاني- سوريا في مدينة عامودا، ورغم كل ذلك لا تزال مساعي الراعي الأمريكي قائمة في هذا الشأن، ولو أنه تأخر في عودته، وكان من المقرر أن يلتقي السيد مساعد وزير الخارجية الأمريكية “جوي هود” كل من رئاسة المجلس والطرف الآخر، إلا أنه ألغى الزيارة الى المنطقة بسبب الأوضاع في افغانستان بحسب المعلومات الواردة.
في هذا السياق فإن المجلس من جانبه، أعلن غير مرة استعداده لاستئناف المفاوضات شريطة التزام الطرف الآخر بوعوده ووثيقته الموقعة، كما يرى أن الراعي الأمريكي معني هو الآخر بإلزام ذاك الطرف بتلك الوثيقة، فالمجلس يرى التوافق الكردي كخيار استراتيجي له، وليس تكتيكاً أو أسلوباً دبلوماسياً في التعاطي مع هذا الشأن.
المكتب السياسي
للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا
قامشلو في ٣ / ٩ / ٢٠٢١