كوردستريت || بيانات
—————–
من الملاحظ أن الاهتمام الدولي بالأزمة السورية بدا يتراجع بشكل واضح، أي بعد مضي عشر سنوات على الثورة السورية تتزايد عوامل اليأس من الحل السياسي للأزمة السورية، ويتّجه السوريون نحو المزيد من المعاناة لدرجة أن خطر المجاعة الحقيقية داهم يوماً بعد آخر، فالنظام لم يعد يحكم بل ينفذ أجندة القائمين على القرار السياسي السوري من روس وإيرانيين، ما يعني أن البلاد تسير نحو لا دولة أو الدولة الفاشلة، أما المعارضة السياسية فتتزايد أطرافها دون تجانس، فبالإضافة الى المعارضة القائمة بأطيافها ومنصاتها هناك مساعٍ لتشكيل هياكل أخرى أبرزها ” الجبهة الوطنية الديمقراطية “، ومعلوم كلما ازداد عدد أطراف المعارضة ازداد معها التعقيد، وتتدنّى التفاهمات فيما بينها، ويحد من اتفاقاتها، ذلك ما يستفيد منه النظام وحلفائه في تمديد عامل الزمن.
أما الجانب الدولي، فهو الآخر ليس على وفاق تام بشأن الحل السياسي للأزمة السورية، صحيح أن الجميع يقبل بالقرار الدولي 2254 لأنه حصيلة اجماع مجلس الأمن الدولي عليه، وهكذا بشأن وثيقة جنيف1 لعام 2012 ، إلا أن العبرة في التطبيق ومن ثم في تفسير البنود وفي ذلك يكمن الخلاف، فلو تم تنفيذ تلك الوثيقة ” جنيف1 ” بالترتيب لما حصل التعطيل في عمل اللجنة الدستورية، بمعنى آخر لو تم تشكيل الحكم الانتقالي لتحكم بتلك اللجنة بدلاً من دور النظام وتحكُّمه في ذلك.
روسيا وعلى لسان وزير خارجيتها من إسرائيل تعلن أنها بصدد تقديم مشروع موسّع للتسوية في سوريا، ويشارك فيه كل من أمريكا والاتحاد الأوربي وعدد من الدول العربية بالإضافة الى باقي دول آستانا ” تركيا وإيران ” وعلى أن المشروع مبني على القرار الدولي 2254 ، وتحرُّك روسي واضح في هذا الاتجاه، منها الاجتماع الثلاثي الأخير في الدوحة 11 / 3 / 2021 حضره (روسيا، تركيا، قطر) لبحث الوضع في سوريا، وغيرها من التحركات الروسية الأخرى، في حين يحتدم الخلاف بين الرئيسين ” بايدن وبوتين ” بسبب – ما يقال- تدخل هذا الأخير في انتخابات الرئاسة الأمريكية لصالح ترامب.
أما أمريكا والاتحاد الأوربي، فلهما توجُّه آخر مشترك بشأن الحل السياسي للأزمة السورية، يستند إلى القرار الدولي المذكور ومرجعية جنيف1 عبر ترتيبات سياسية للحد من دور حلفاء النظام وخصوصاً روسيا وإيران، والاستمرار في العقوبات الاقتصادية، بغية رضوخ النظام للحل السياسي المنشود للأزمة السورية، عبر تنفيذ شروط القرار الدولي بما هي وقف كامل لإطلاق النار، والإفراج عن المعتقلين السياسيين كافة، وعودة آمنة للمهجرين والنازحين الى ديارهم، وضمان إيصال المساعدات الانسانية الى المحتاجين ..الخ، وعليه ما يعني أن الجهود الدولية لحل الأزمة السورية لا تسير على نحو من التنسيق والتجانس فيما بينها، وأن معظم الأطراف تعمل لأجندتها ومصالحها، في حين يكمن الحل السياسي الأمثل في توافق معظمها ولاسيما الدول المعنية الأساسية ” أمريكا وروسيا ” على وجه الخصوص.
ايران، ما تزال تلعب دورها في عموم أزمات المنطقة ومنها الأزمة السورية، رغم ما ينتابها من أزمات داخلية وحملة شعبية واسعة ضد النظام في الداخل الإيراني الى جانب تنشيط المعارضة العريضة، مع تفاقم أزمتها الاقتصادية الخانقة سواء بسب الحصار الاقتصادي أو لجهة مواصلة برنامجها النووي الذي يثقل كاهل الميزانية العامة للدولة، وقد تمكنت مؤخرا من تصدير مقادير كبيرة من نفطها الى الصين بطريقة غير مباشرة ما جعلها تستعيد جانباً من نشاطها الاقتصادي، وهي جاهدة لتجعل من هذا المنفذ مجالاً حيوياً لها تستطيع عبره تخفيف الضغط عن كاهلها وخصوصاً في جانب الاتفاق النووي لاسيما بعد توافق كل من أمريكا والاتحاد الأوربي في مواجهتها.
تركيا، هي الأخرى تمارس دوراً مؤثراً في شأن الأزمة السورية وخصوصاً في الجانب العسكري حيث تعزيزات جديدة في المنطقة المواجهة لبلدة عين عيسى التابعة لمحافظة الرقة، ورفع حواجز ترابية هناك وقد تمهد لإقامة قاعدة عسكرية في تلك المنطقة درءًا للخطر المزعوم على حدودها مع سوريا.
من جانب آخر، تسعى تركيا للمصالحة مع مصر، والانفتاح على بعض الدول العربية الأخرى، لاسيما بعد أن يئست من حمايتها لجماعة الإخوان المسلمين السورية، ومن ثم تواصلها مع الإخوان في مصر والدول العربية الأخرى، وهي اليوم قد تمارس نوعا من الضغط على الجماعة السورية بغية توجيهها الى جهات أخرى في سعي لتصحيح العلاقة مع الجوار والاصدقاء.
العراق، لاتزال قضايا خلافية هامة عالقة بين الكتل والأحزاب السياسية، وتشكل عراقيل في طريق التسويات اللازمة بالشأن العراقي العام (أمني، سياسي، اقتصادي ..الخ) رغم معالجة بعضها، وفي مقدمة هذه القضايا المعرقلة موضوع الميليشيات والفصائل العسكرية الخارجة عن الضوابط القانونية، هذا فضلا عن ملفات الفساد المالي والإداري الماثلة حتى الآن دون معالجة بل تزداد تعقيدا وتفاقماً، رغم الجهود الجادة لحكومة السيد مصطفى الكاظمي في هذا الاتجاه.
من جانب آخر لاتزال الصراعات الدولية قائمة، وتحتدم على الأراضي العراقية لاسيما بين إيران والتحالف الدولي بقيادة أمريكا، وترى الأخيرة أن المشكلة تكمن في التدخل الإيراني بشؤون العديد من دول المنطقة ومن بينها العراق، رغم مساعي الحكومة باتجاه تعزيز العلاقات مع بعض الدول العربية وخصوصاً مع السعودية ومصر على أمل الحد من الذرائع في العلاقة مع إيران وعلى أمل درء العراق وسيادته من المخاطر المحدقة به.
إقليم كوردستان، يسعى من جانبه لمؤازرة الحكومة الاتحادية في معالجة القضايا والمشاكل التي تعرقل تطوره وتقدمه، وتحدُّ من علاقاته مع الدول الشقيقة والصديقة، وكذلك التي تحد من عوامل التنمية الاقتصادية والتحول السياسي وتحقيق عوامل توفير الأمن والاستقرار، ولا يدخر الإقليم وسعاً في تعزيز العلاقة مع حكومة المركز في تحقيق التفاهم والعيش المشترك لعموم مكوناته القومية والدينية وعموم انتماءاته السياسية، كما يسعى الى تصفية قضايا الخلاف كافة مع بغداد، والجدير ذكره تمت الموافقة على الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2021 بما فيها موازنة الإقليم، وعلى أمل تناول القضايا الأخرى موضوع المادة 140 من دستور العراق.
غرب كوردستان، الوضع المأساوي مازال يلف مناطق ” عفرين، سري كانييه، كري سبي ” ولا تزال معاناة الأهالي قائمة جراء الانتهاكات المستمرة من عمليات السلب والنهب والاعتقال ..الخ، الأمر الذي يقتضي تضافر الجهود والمساعي من أجل ايجاد الحلول المناسبة لهذا الوضع السيء، والتمهيد من أجل عودة النازحين والمهجرين الى ديارهم وإخراج المسلحين من مراكز المدن والبلدات وإعادة الوافدين اليها الى أماكنهم وتمكين اهالي المنطقة من إدارة أوضاعهم بأنفسهم كمعالجة أولية في الوقت الراهن.
من جانب آخر، لاتزال المفاوضات بين المجلس الوطني الكردي في سوريا وأحزاب الوحدة الوطنية متوقفة بسبب ممارسات ب ي د المعرقلة لها وإصراره على عدم تصحيح الأخطاء والتصريحات المتعارضة مع أي أمل لاستئناف تلك المفاوضات، وفي هذا السياق فإن حزبنا ” الحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا “يؤكد على موقفه الثابت والمنسجم مع موقف المجلس الوطني الكردي الداعم لاستئناف المفاوضات بين الجانبين، ويرى بأن ب ي د مدعو الى تصحيح أخطائه التي تنفي تحقيق أي توافق بين الطرفين، كما يرى أن الراعي الأمريكي وكذلك السيد مظلوم عبدي مدعوان للضغط على ذاك الطرف باتجاه استئناف المفاوضات من جديد.
في الختام، مع حلول الذكرى السابعة للمؤتمر التوحيدي لحزبنا، نتقدّم الى رفاق حزبنا وكوادره وجماهيره وحلفائه بأسمى التهاني والتبريك متمنين للجميع التقدم والتوفيق لما فيه خير شعبنا وتطوره وازدهاره .. وكل عام والجميع بألف خير.
المكتب السياسي
للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا
قامشلو 4 / 4 / 2021