الأيديولوجيات لدى الحركات المتشددة

آراء وقضايا 13 يوليو 2024 0
الأيديولوجيات لدى الحركات المتشددة
+ = -

كوردستريت|| #آراء وقضايا 

بقلم مروان سليمان 

 

خطاب الحركات الإسلامية السياسية التي ركبت الموجات في هذه الظروف القاسية من عمر الشعوب في منطقة الشرق الاوسط تم توظيفه من خلال النظر النقدي بإعتباره عنصر استقطاب بين مختلف القوى و التوجهات السياسية و الأيديولوجية بحيث يعبر عن استراتيجية توظيفه سعياً للتملك و أصبحت التأويلات تتداخل ببعضها البعض و كل منهم يعبر عن منظوره التي تتناسب طبيعة الإجتماع السياسي في بيئته و بالتالي يتم التأثير في مجرى الأحداث الأمر الذي يهدد بأن يتحول الدين من مصدر الهداية كما كان في الماضي القريب إلى مصدر لأحداث الشغب و المشاكل و الحروب الطائفية و المذهبية في المنطقة .

تاريخ الإسلام السياسي بصورة عامة يتغذى على المآسي و الحروب و إثارة المشاكل هنا و هناك و يأخذون من المآسي و يعيدون تشكيلها فيصنعون حادثة ما(مثل الحسين لدى الشيعة) و يسلطون الضوء على حادث معين حتى يستقطب أكبر قدر ممكن من الجمهور من خلال التركيز على عواطفها و محاولة ضخ دماء في الإسلام السياسي في كل مكان في العالم و يستغلون هذه الأحداث و المظاهرات و تعاطف الجماهير و يحولونها إلى مصالحهم الأيديولوجية مثل مأساة غزة التي تستفيد منها حماس لكي يعيد تسويق خطابه بعد إن أوشك على الإفلاس و بسبب إن القائمين على هذه الحركات يدخلون في حسابات غير مدروسة في تغيير الواقع و هذا يكون من أبرز نقاط الضعف لدى المخططين في الحركات الإسلامية  لأن الذي يحصل لهذه الشعوب نتيجة إجرام هذه الحركات و من خلال تنفيذ بهلوانياتهم فهؤلاء لا يصلحون لكي يكونوا قواداً للجيوش لأنهم مشتركين في تقديم الشعوب الذين يحكمونهم إلى المقصلة بدون ذنب أو حتى يكسبوا الرضا من الذين يسيرونهم حسب مصالحهم الآنية أو خدمة لأنظمة لا تعرف غير مصلحتها (تركيا أردوغان مثلاً) و تراهن على كيفية استدامتها و بقائها على قيد الحياة و المساوامة على الشعوب التي لا حول و لا قوة لها و هذا يؤكد جهلهم بنتيجة أعمالهم البربرية التي كان عليهم تجنب إتخاذ القرارات المصيرية و المشاركة في إبادة شعوبهم و تدمير أوطانهم و تهديم البيوت على ساكنيها هذا غير مرارة الجوع و العطش و الجروح العميقة و الشرخ بين أفراد المجتمع. و من هنا نجد بأن الأفكار البالية القديمة لم تعد قادرة على الصمود في وجه التحديات و التغييرات التي تحصل في هذا الوقت من أيديولوجيات حزبية و قومية و حتى المناطقية.

نحن في العالم الإفتراضي في عالم ما بعد الحقيقة، و في هذا العالم لا يكون للحقيقة وزن و لا أهمية له و خاصة مع بدء ظهور وسائل التواصل الإجتماعي حيث الوزن الأكبر و الإهمية الكبرى هو الخطاب الذي يحشد الجماهير و تحركها بغض النظر عن صدقها و هذا يعني بأن هذه الظاهرة تعطي الأولوية للوهم على حساب العقل.حيث في عالم ما بعد الحقيقة يتساوى المفكر و الباحث مع الجاهل و المستهتر إلى حيث الجلوس خلف الكومبيوتر و الضرب على مفاتيح الحروف و هذا يسقط دور النخبة في المجتمع. حيث يكون الإنسان أكثر ميلاُ في تبني العواطف أو المعلومات التي تتفق مع عواطفه و معتقداته أكثر من الحقائق لأن عالم ما بعد الحقيقة يصنعه المتلقي و ليس المفكر أو الباحث. و في عالم ما بعد الحقيقة حيث يصف حال الجماهير العامة التي تميل في العادة أن تتقبل المعلومات التي تتفق مع عواطفها و معتقداتها و لكنها لا تتفق مع الواقع غير آبهين بالحقيقة و في هذا الواقع حتى و إن كان هناك باحث أو مفكر يقول الحقيقة و ينشرها فلن يستقبله الجمهور فنحن عالم تصنعه الجماهير و لا تصنعه المفكرون و الباحثون و العلماء و هنا الجماهير هي التي تقود النخب و ليس العكس لأن النخب تجد نفسها تابعة للجماهير و هذا ما أدى إلى تراجع الوعي الثقافي و الفكري.

أصبح السياسي يخاطب جمهوره من خلال وسائل التواصل الإجتماعي لكي يرضي الجمهور في السياسات مهما كانت بائسة و رجل الدين يتهرب من الحقيقة و يتجنبها في سبيل إرضاء الجمهور و كسب أكبر قدر ممكن من الناس و يتفاخر بمتابعيه على منابر التواصل الإجتماعي و يخشون قول الحقيقة خوفاً من أن ينفض الجمهور من حوله و الكل أصبح خطابهم هو فقط من أجل إرضاء الناس و لذلك عند قول الحقيقة نجد بأن هناك نبرة الصوت خافتة و عند الدخول في الغوغائية نجد التصفيق حاداً و هنا نجد بأن الرأي العام يصنعه المثقفون و علماء الدين الذين تحركهم عامة الناس لأننا نسير في متلازمة تدوير الجهل و تضخيم الجهل و لذلك نجد هؤلاء بأن خطابهم في الغرف المغلقة يختلف عما يسردونه للجمهور .

إن مفهوم النصر لدى الجماعات الإسلامية الراديكالية هو فقط بقائهم في السلطة بغض النظر عن الأهوال و المآسي و القتل و الخراب و التدمير و التهجير الذي حصل- في حالة تغيير الفساد في أي بقعة من المجتمع سواء كان الظلم أو المنع فلا يجوز التغيير عندما نرى بأن الفساد الذي نريد أن نرفعه يوقع فساداً أكبر من الفساد القائم.

ظهور الأيدويلوجية لدى الأنظمة العميقة الذين لم يسمح للآخرين الدخول في المشهد السياسي إلا لتوجه واحد بذريعة الإخلاص لهذه الأنظمة و الحفاظ على أمنهم مثل الناصرية أو البعثية أو الإخوان المسلمين حولت أعضاء النخبة إلى نخب ساخطة إلى أتباع لأشخاص آخرين ليسوا من النخبة و دفع بالكثيرين إلى الإعتزال السياسي  و منذ إن بدأ المال يدخل في صناعة النخب و يدخل في تمويلها ضاعت النخب الحقيقية و لم تعد موجودة على أرض الواقع حيث فقد المثقف دوره في المجتمع ما عدا بعض الأفراد الذين يتمسكون بدورهم الثقافي و الذي يراعي الجماهير و يراعي الحقيقة و يعلم و يفيد الناس  و هكذا أصبح صراع الأيديولوجيات منتشرة في العالم، وعندما دخلت الأيديولوجية في الثقافة لم تعد ثقافة لأن ما حركها هو الأوامر البعيدة كل البعد عن الواقع، أما المثقف الحقيقي يركز عيونه على الناس و يفكر كيف يرتقي بالناس و يخرجهم من محنتهم و ظلمهم و الحفاظ على المجتمع و الإرتقاء به.

مروان سليمان- السلك التربوي- المانيا

13.07.2024

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك