الأزمة السورية بعد فوز ترامب
كوردستريت|| #آراء وقضايا
بقلم عبداللطيف محمدأمين موسى
في ظل انتهاء الانتخابات الأمريكية وانتخاب ترامب ليكون الرئيس 47 للولايات المتحدة الأمريكية ومع هذا الدعم والأغلبية الساحقة والغير المسبوقة في مجلس الشيوخ والنواب الأمريكية سيكون لدى ترامب الحيز الواسع للتحرك من أجل أحداث تغيرات كبيرة في أزمات الشرق الأوسط على وجه العموم والأزمة السورية على وجه الخصوص عبر تنفيذ برنامجه الانتخابي و الداعي الى حل الأزمات وتصفير المشاكل في المنطقة. الأزمة السورية ليست أزمة مستقلة عن أزمات المنطقة فهي تعد أزمة تابعة ومرتبطة بأزمات المنطقة ولاسيما الصراع الإيراني و الأمريكي, ومع سعي ترامب لإيجاد حل للازمة السورية فيتوجب عليه من وجه نظري السعي الى تحقيق تسوية شاملة لتحقيق التوازن فيما بين القوى الإقليمية المتداخلة في الأزمة السورية أو وكلائها على الأرض السورية,ولايخفى مدى الصعوبة في أمكانية التنبؤ بسياسة ترامب من قبل معظم مراكز الدراسات ومحللي السياسة في العالم والشرق الأوسط بشأن استراتيجية ترامب في التعامل مع الملفات العائدة لمزاجية ترامب وتدخله الشخصي في صنع القرارات وخلفيته الاقتصادية وقدرته على التعامل والتأثير في مواجهة خصوصه ومدى قدرته في وضع المصالح والاستراتيجيات على طاولة البيع والشراء على مبدا الصفقات في الربح والخسارة ,لذا مع فوز ترامب في سورية عمليات البيع والشراء والتحضير لسياسة الربح والخسارة فيما بين الدول الاقليمية, واستعداد تلك الدول للمقايضة في أرسال رسائل واضحة لترامب .بالنسبة لتركيا مع فوز ترامب عادت مسائلة انسحاب القوات الأمريكية من سورية الى الواجهة وبشكل قوي, فعملت تركيا على التحرك على هذا المبدأ للتعامل مع ترامب وتوجيه رسائل والتصريحات المباشرة والغير المباشرة الى الإدارة الأمريكية الجديدة في المطالبة بسرعة أتخاذ قرار انسحاب قواتها من سورية وتنفيذ تعهداتها السابقة بإكمال الانسحاب وتنفيذ مراحل المنطقة الأمنة الموقعة بين ترامب واردوغان في ولاية ترامب الأولى, والمطالبة التركية الواضحة في تخلي أمريكا عن دعم قسد ,لذا قامت تركيا بأرسال رسائل واضحة للإدارة الأمريكية الجديدة بأن جميع الخيارات بالنسبة لها مفتوحة وهي جاهزة لعقد أي صفة مع ترامب في سبيل حث ترامب على إعطاء قرار الانسحاب القوات الأمريكية من سورية. بالنسبة لإيران فهي تعد القوة الثانية الفعالة في سورية والمتداخلة مباشرة في سورية والمصادرة للقرار السوري في دمشق عبر حجم ميليشياتها وهيمنتها السياسية الاقتصادية والفكرية والعقائدية في سورية, فهي بدورها أبدت رغبتها على لسان وزير خارجيتها بأنها جاهزة للدخول في سياسة السياسة الناعمة مع أمريكا عبر حثها للتخلي عن استراتيجيتها الضغوط القصوى الى الضغوط الناعمة في أشاره مباشرة وضمنية في توجيه رسائل لترامب وإدارته باستعادتها للانخراط في أي صفقة على طاولة البيع والشراء والمقايضة في سورية على شاكلة حزب الله والدخول في صفقة شاملة بمساعدة حليفتها روسيا للتخلي عن أجنحتها في أي مكان مقابل الحصول على امتيازات استراتيجية متعلقة بالاتفاق النووي أو قضايا موجهة للداخل الداخلي في تقوية النظام على شاكلة اتفاق ايران واوباما في أطلاق يد أيران عبر ميليشياتها واحداث الفوضى لصالح الاجندات الأمريكية في المنطقة مقابل السكوت الأمريكي لاحتلالها لدول في المنطقة. بالنسبة لمصالح روسيا في سوريا فمن الصعوبة لها أن تتنازل عن أخر قلاعها في منطقة الشرق ,وكذلك التخلي عن استثماراتها في سورية من دماء جنودها وسلاحها والدعم السياسي والدبلوماسي لإظهار الأسد بانه منتصر, برأي سيكون ترامب أنسب رئيس يملك الجرأة والكاريزما لفتح ملفات حساسة مع روسيا على غرار ولايته السابقة عبر جرأته في لقاء كيم جون اون والصين وبوتين واردوغان ,وكما سيقوم ترامب بربط مسائل مكلفة لروسيا في أوكرانيا ورفع العقوبات الدولية عليها وانقاذ روسيا من العزلة الدولية مقابل تقديم روسيا تنازلات مؤلمة في سورية عبر الدفع والضغط على روسيا لتنفيذ تعهداتها السابقة في الضغط على الأسد للقبول بالتسوية للانتقال السياسي في سورية, وتنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بالأزمة السورية الموقعة عليها في جنيف واعادة أحياء المفاوضات بين الأسد والمعارضة, وكذلك حث روسيا على الضغط على !يران وتقيد حركتها ودفعها للانسحاب من سورية وأنهاء هيمنتها على سورية. بالنسبة لمصير تحالف قوات سورية الديمقراطية العسكري مع أمريكا ومصير ما تسمى الإدارة الذاتية فهي مرتبطة ببقاء القوات الأمريكية وانسحابها من المنطقة فهي بدورها قابلة للعرض والطلب بين تركيا وروسيا وأمريكية, ولكن الانسحاب الأمريكي واقع لا محال بحسب تقديرات أغلب المحليين والمقربين من الحملة الانتخابية الأمريكية لترامب ,وكذلك في ظل تسريبات رفعت من البنتاغون في اليناير الماضي والتوصيات التي رفعت لأداره بايدن والتي رحلها بدوره لأداره ترامب, فتلك التوصيات تطلب من الأدارة الاستعجال بسحب القوات الأمريكية من سورية فهي عرضة للتهديد, وكذلك ألحاق ودمج قوات سورية الديمقراطية مع قوات دمشق ,برأي ما سيؤخر من انسحاب القوات الأمريكية السريع من سورية مسألة معتقلي داعش وعوائلهم التي قامت قوات سورية الديمقراطية باستخدامهم كورقة أخيرة للمساومة على مكاسب دولية, وهذا الأمر الذي ستقوم أدارة ترامب بالاتفاق مع تركيا وسورية والعراق بشأن مصير هؤلاء المعتقلين واغلاق مخيم الهول قبل أي انسحاب أمريكي من سورية, برأي مصير الكورد في سورية ليس مرتبط بأكمله بما تسمى الإدارة الذاتية كما تحاول بعض الأطراف الترويج له, فالمطالبة بالاستحقاقات والحقوق الوطنية والقومية للكرد حاضرة من خلال المجلس الوطني الكوردي على طاولة الأزمة السورية عبر الائتلاف السوري المعارض, والتي برأي ستقوم أدارة ترامب وعبر تسوية شاملة مع روسيا لحل هذه الأزمة بين الأسد والمعارضة عبر دفع الأسد للدخول في التسوية السياسية فالطريقة الوحيدة لضمات الحقوق الوطنية والقومية لكرد سورية هي تثبيت هذه الحقوق في الدستور السوري الجديد التي سيتم استئناف عمل لجانه في ظل رعاية أممية في ظل تسوية شاملة أمريكية وروسيا. في المحصلة, يمكن القول بأن استراتيجية أدارة ترامب في سورية ستعتمد على مبدأ تصفير المشاكل في الشرق الأوسط عبر الدخول في تسوية شاملة مع روسيا وتركيا وايران كون الأزمة السورية ليست أزمة مستقلة فهي تعتبر أزمة تابعة لمجموعة أزمات تخدم أجندات ومصالح دول إقليمية ودولية على حساب الشعب السوري.