كوردستريت|| نازدار محمد
.
أكد الدكتور فريد سعدون ، أن التطور والتغيير سمتان متلازمتان للمجتمعات البشرية، ولكن هذا التطور قد لا يكون طبيعياً وتدريجياً ، بل يحدث نتيجة ظروف قد تدفع إلى تكونها وتلامحها عوامل مختلفة منها، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ،وأحيانا العسكرية ذات الطابع القسري.
.
وأضاف سعدون في إستطلاع خاص أجرته كوردستريت بمناسبة الذكرى الثامنة للثورة السورية وتقيم المشهد السياسي خلال السنوات الماضية، أن الثورة السورية، جاءت نتيجة تراكم جملة من العوامل والعناصر التي بدأت تنخر في بنية المجتمع السوري، وخاصة على المستوى الاقتصادي والمعيشي، إلى جانب العامل الأمني الذي ضيّق الخناق على المجتمع ،وقيّد حركته في مجمل جوانبه الثقافية والفكرية والسياسية.
.
وقال :نظراً لظاهرة الانفجار الإعلامي العالمي، وانكسار الطوق المعتم الذي كانت تفرضه الأنظمة على المجتمعات التي تحكمها، بدأت الأفكار المعارضة بالتسلل إلى المجتمع السوري إلى أن وصلت إلى ذروتها في تأجيج الرأي العام ضد الدولة ومؤسساتها، ولا نستطيع أن نقول إن هذه المعارضة كانت مستقلة أو بعيدة عن الأجندات الخارجية، لذلك تمازج العامل المحلي الداخلي مع العامل الخارجي.
.
وأشار إلى أنه من خلال هذا التزاوج ، خرجت المطالب عن مسارها الذي ركزت فيه على التغيير والتطور، وصارت تحت الوصاية أو الهيمنة الخارجية، ورويداً رويداً انزلقت الثورة من طور الهتاف والمسيرات السلمية إلى مرحلة العسكرة، وهنا كان المقتل، حيث تحوّلت سوريا إلى مركز استقطاب لأفكار وشخصيات وفصائل وعقائد قاسمها المشترك هو البحث عن موطئ قدم لتطبيق رؤاها على أرض الواقع، فتكالبت أمم الأرض علينا، وتسيّدوا المشهد العسكري في البلاد، فتناسلت الفصائل التكقيرية والمتطرفة بسبب الدعم الخارجي اللامتناهي، واستأثرت بإمارات واقطاعات على الأرض السورية كادت أن تعيد عجلة التاريخ ألف سنة إلى الوراء.
.
ولفت سعدون ، إلى أنه نتيجة هذا التحوّل الكارثي دفع الشعب السوري مئات آلاف الضحايا وملايين المهجرين والمفقودين، بينما غابت جميع أهداف الثورة ومطالبها تحت ركام من الرماد والنيران والجثث أو خلف أسوار السجون والمعتقلات، وفيما لو استطاعت هذه الفصائل التكفيرية من الوصول إلى العاصمة وأسقطت النظام لكانت سوريا الآن مجموعة من الجزر المنفصلة من الإمارات والكانتونات والاقطاعات المتناحرة والمتصارعة ،ولعمت الفوضى وحل عصر الظلام ، ولذلك فإن الشعب السوري مدعو إلى مراجعة للذات وتقييم المرحلة والبحث عن حلول منطقية وعقلانية تنقذ ما تبقى من سوريا وتعيد لها السلام والأمان .
.
بدوره قال الناشط السياسي” محمد ولي ” :بخصوص المشهد السوري حالياً، فالمسألة بعمقها السياسي والاجتماعي والحضاري ما زالت تلقي بظلالها على كامل منطقة الشرق الأوسط التي تحمل بين ثناياها الكثير من القضايا ذوات البعد الأمني والاقتصادي والسياسي .
.
وأوضح ولي ، أن المايسترو العالمي المتمثل بالولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها ما زالوا يتعاملون بعقلية إدارة الأزمة، وباتت الحلول متوقفة بانتظار تبلور استراتيجية واضحة تجاه الوضع في سوريا ،وبالأخص ما يدور حول المنطقة الآمنة المزمعة إنشاءها في شرق الفرات ،والتي بدورها ستشكل بوابة الحل الشامل على عموم سوريا ،وهو ما ينبغي للمعارضة السورية اغتنام الفرصة والبحث عن رؤية واقعية تحقق لهم موطئ قدم على الأرض السورية وبتحالفات أكثر قوة مما ينعكس على مستقبل كل سوريا، لكن مع الأخذ بعين الاعتبار الحلف الذي تقوده روسيا والذي تسير عقارب ساعته بعكس إرادة التغيير المأمول للسوريين.
.
عضو المجلس الرئاسي لمجلس سوريا الديمقراطية مسد. “سيهانوك ديبو ” ذهب الى ابعد من ذلك ، حيث قال : إن حراكاً ثورياً وانتفاضة شعبية بدأت. وانشطرت فيما بينها. حتى تحولت إلى ثورة في روج آفا وشمال سوريا، وكامل شرقي الفرات اليوم .
.
وأضاف ديبو في معرض حديثه لشبكة كوردستريت أن للثورة بوصلة ضاعها من تم إظهارهم بأنهم هم المعارضة؛ أتحدث عما يظهر منهم بقايا الائتلاف الذي رهن نفسه بالاحتلال التركي ، ويظهر في أسوأ صورة له من تغيير النظام المركزي الاستبدادي إلى القضاء على الكرد ،ووأد المشروع الديمقراطي المتمثل بالإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا. مشيراً إلى أنه لا يهم كثيراً الشخصيات الكردية الموجودة في الائتلاف والتي تتحدث باسم المجلس الوطني الكردي.
وأكد أن حوالي ستة ملايين من مكونات شعب سوريا اليوم يعيشون بأمان واستقرار في ظل الإدارة الذاتية، ومجلس سوريا الديمقراطية ما يزال مستمراً في سعيه لإنجاح الحوار السوري السوري كمدخل وحيد لحل الأزمة السورية بإشراف من الأمم المتحدة.
.
وبين ،أن اختراق لحل الأزمة، يحدث حين تحرير عفرين وعودتها إلى مشهد 19 كانون الثاني 2018 اليوم الذي سبق شن الهجوم التركي ومرتزقته على عفرين واحتلالها لاحقاً بعد 58 يوماً من المقاومة المباشرة، ولعام كامل ما تزال المقاومة مستمرة.
.
وقال عضو المجلس الرئاسي لمسد: إن انهاء الاحتلال التركي، القضاء الكلي على الإرهاب، مفاوضات جوهرية تؤدي إلى سوريا لا مركزية ديمقراطية، قضايا الشأن الإنساني ،هي أهم مداخل الحل وفي الوقت نفسه تقييم لثماني أعوام من عمر الحراك الثوري السوري.
.
من جهته رأى السياسي المستقل “شمس الدين حمو (ابو هاوار) أن تطورات الثورة السورية خلال الثمان سنوات من عمرها،كشفت عن الحجم الكارثي لتأثير الإستبداد المزمن في بنية الوعي الإجتماعي، والفجوة العميقة بين مفردات ثقافتنا وقضايا الحرية والديمقراطية، إذ أن صيحات الحرية التي أطلقتها الحناجر الشابة، قوبلت، ليس فقط برصاص نظام الاستبداد وحسب، بل حركت كل التركمات التاريخية من ثقافة الظلام والتخلف والطغيان التي تعشعشت في لا وعي جمعي معلب بقوة القمع.
.
وقال حمو : في البدء ليس بمقدور شعب تصحرت ثقافته من مفاهيم وحقوق الإنسان ،إنجاز ثورة ديمقراطية تحقق الحرية وتصون الحقوق، مبيناً أن جل ما يمكن لشعب تحقيقه في ظل تصحره الثقافي ،هو إستبدال طاغية بطاغية، ونشر ثقافة الثأر والإنتقام.
.
وأكد ،أن النظام كام على علم ودراية كيف يخطط لإسقاط الثورة عبر التخلص من الثوار الحقيقيين الذين لا يشكلون إلا نسبة ضئيلة مقارنة بقطعان الشبيحة وتجار الدم وأصحاب العاهات النفسية والعقلية والأخلاقية.
.
وتابع : إنه تم استهدف الثوار بالقتل والسجن والتشريد وأطلق إلى الشوارع الوحوش الذين كان يحتفظ بهم في السجون لأغراض متعددة ،وهم بالأصل من إنتاج النظام نفسه، وزودهم بشعارات ورايات سوداء سواد الحقد والكراهية التي لونت رعية يرعاها الإستبداد.
.
وكشف ، أن النظام استطاع جر الكل إلى محرقة القتل والعسكرة، ظناً منه أنه الأقدر على القتل والأكثر تفوقاً في هذا الميدان، فتورط وورط المجتمع بأسره في حرب أهلية لا تبقي ولا تذر، لن ينتج عنها سوى دمار الجميع، منوهاً أن شعار الشبيحة الأسد أو نحرق البلد، تحقق فعلاً فقد ،أحرق البلد والأسد صار كلباً يلحس حذاء بوتين ومؤخرة المرشد.
.
وأختتم حمو حديثه لكوردستريت بالقول : لقد أخطأ الثوار أولاً في عدم قراءة مجتمعهم، ولم يروا الطبيعة العبودية المترسخة في عمق الوعي الجمعي لحد الاستلاب العقائدي. وأخطأ حين لم يحترزوا من عسكرة ثورتهم وأخطأوا تارة أخرى حينما وثقوا بالإخوان المسلمين والإسلامويين والإنجرار معهم إلى حظيرة السلطان العثماني.
.
الكاتب الكوردي بير رستم بدوره علق على الموضوع قائلاً : إننا وقبل أن نقيّم المشهد السياسي السوري بعد ثماني سنوات من الأزمة والمقتلة السورية نريد القول؛ بأن تلك “الثورة” التي انطلقت مع الحراك الجماهيري والذي خرج يطالب بالحرية والكرامة كمطالب شعبية جماهيرية، قد تم تحريفها من خلال سيطرة بعض القوى السياسية الراديكالية الإسلامية ،وبالأخص جماعة الإخوان المسلمين وخاصةً بعد إرتهان هؤلاء لبعض الدول الإقليمية كالسعودية وقطر وتركيا وهكذا يمكننا القول: بأن الثورة السورية مرّت بعدد من المراحل؛ انطلاقاً من ثورة النخب الفكرية والثقافية مع قوى إعلان دمشق ومفاعيلها في الواقع السوري، مروراً بخروج الجماهير في ثورة وانتفاضات شعبية، وصولاً للواقع الراهن حيث “عسكرة الثورة” أو بالأحرى الدخول في نفق الحرب الأهلية وذلك بعد أن ركبت دفة قيادة تلك الجماهير التيارات الإسلامية الراديكالية، كما قلنا سابقاً.
.
وأضاف رستم ، بالتالي فإن ما كانت تعتبر حركة و”ثورة الحرية والكرامة” قد تم وأدها ، وللأسف على مذبح المصالح السياسية الإقليمية وجماعاتها في صراعها مع القوى المستبدة والمتمثلة بالجانب الآخر في النظام السوري وأدواته وأجهزته القمعية المخابراتية ،ولذلك يمكننا التأكيد اليوم؛ بأن لا ثورة هناك، بل صراع سياسي إقليمي طائفي ،وكل طرف يحاول إخراج الآخر من المشهد السياسي .
.
وأكد، أنه في ظل هكذا واقع دموي، فلا يمكن أن نقول؛ أين أصابت وأين أخطأت “الثورة”، كونها بالأساس لم تعد ثورة كما كان من المفروض أن تقود الشعب السوري بكل مكوناته الأثنية والدينية لواقع سياسي آخر أكثر مدنية وحضارةً وديمقراطية. ولكن رغم ذلك يبقى الأمل؛ بأن تتوافق القوى الدولية على إيجاد مخارج سياسية توقف هذه الكارثة والبدء بحوار سياسي تحت إشراف دولي وصولاً لتفاهمات وتقاسمات سياسية وإلا فإن القوى المتصارعة سوف تستمر في تدمير ما تبقى من المجتمع والوطن على مذبح مصالحه الفئوية.
.
“حسن صالح” عضو اللجنة السياسية في الحزب اليكيتي، بين في حديث خاص لشبكة كوردستريت أن الثورة السورية أندلعت نتيجة تراكم الظلم والقهر والاستبداد والطغيان، خلال عقود طويلة، لا سيما في مرحلة انقلاب حزب البعث العنصري المستبد،واستيلاء الأسد على الحكم عبر إنقلاب سماه زورا بالحركة التصحيحية.
.
وأضاف صالح ، أن إنطلاقة الثورة كانت عفوية وامتداداً لثورات الربيع العربي، وكانت صائبة لأنها تميزت بسلميتها، وأنخرط فيها عموم المكونات في سوريا، وهزت أركان النظام ،واستبشر الثوار بقرب سقوط النظام، إلا أن النظام الطائفي البغيض، عمد إلى استخدام القوة العسكرية ضد المتظاهرين السلميين، وجر الثوار إلى استخدام السلاح.
.
وقال : كان لتسلل المتطرفين من التيار الإسلامي، دور كبير في تغيير الطابع الحضاري للثورة، وتحويلها إلى حرب أهلية عمياء،وبحصول هذا المنحى الخطير ،بدأت الفوضى العارمة واختلط الحابل بالنابل. وتدخلت أيدي إقليمية ودولية، واندس الإرهاب المنظم بين صفوف الثوار مثل جبهة النصرة وداعش،بدعم خارجي وترتيبات مدروسة من النظام وداعميه مثل إيران وأعوانها،وفيما بعد من روسيا.
.
و أكد السياسي الكوردي، أن الأزمة السورية تدريجياً أصبحت مستعصية، وخرجت عن الطابع المحلي. إلى طابع اقليمي ودولي والى ساحه لتصفية حسابات وحرب قذرة حصدت أرواح المدنيين الأبرياء.
.
وأكد ،مهما يكن من أمر، فإن الثورة كانت ضرورية، لأنها هدفت إلى الحرية والعدالة والكرامة. وفي النهاية لكل طغيان نهاية وفجر الحرية سيبزغ مهما كانت التضحيات.