بقلم مصطف عبدي / لعبت الظروف المحلية والإقليمية دورها في ان يتمكن الجناح المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي من السيطرة على المناطق الكردية في سوريا وان يحكم قبضته عليها مع تركيز العمل على منع وجود السلاح بيد أي فصيل آخر داخل تلك المناطق وهو ما تابعناه من خلال اعتقال قيادات غالبية الكتائب والالوية الكردية من قبل PYD واجبارهم لاحقا على حل تنظيماتهم العسكرية. ومع رحيل النظام/سلمياً من المناطق الكردية احكم PYD سيطرته على مفاصل الحكم وتم الاعلان عن تشكيل وحدات حماية الشعب، وقبلها شكل مركز الاسايش وبعد تصاعد الخلافات على الأرض بينهم وبين أحزاب المجلس الوطني الكردي تدخلت حكومة أقليم كردستان حتى تم الإعلان عن تشكيل الهيئة الكردية العليا في هولير، بأهمية توحد الكرد في سوريا لمقارعة النظام ومشاريعه وإدارة مناطقهم الى بر الأمان. تلك الاتفاقية/هولير لم تعش إلا أيام عسل لتتصادم بمعوقات كبيرة على الأرض، فحزب الاتحاد الديمقراطي سارع الخطا في الاستيلاء على كل المقرات الأمنية والخدمية والعسكرية وبدأ ينظم نفسه ضمن مؤسسات ولجان وليفرض نفسه كقوة سياسية وعسكرية وحيدة لن تقبل الشراكة إلا بموجب اتفاق ثان ينسف جوهر اتفاق هولير، فالحزب انتقل من مرحلة أن يكون “شريكاً” الى أن مرحلة ان يكون ” القائد” والمجلس الوطني الكردي تابع، مثله كمثل أي مؤسسة من مؤسسات الحزب تعمل بأوامر “رأسية” ولا يحق لها لا اتخاذ القرار أو حتى المشاركة في مناقشته ليكون فقط أداة تنفيذية. الحزب أيضا رفض بالمطلق مبدأ “المحاصصة” التي وقع عليها في هولير، ورفض بالمطلق قبول المشاركة في تشكيل اللجان بصلاحيات تنفيذية، ورفض بالمطلق تسليم أي من المؤسسات أو المقرات الخدمية والأمنية الى المجلس الوطني، وإنما طالبه في أول جولة تفاوض بتفعيل اللجنة الأمنية قبل اية لجنة أخرى وان يتم التشارك في تواجد العناصر في الحواجز. وأمام هذا الواقع انبرى المجلس الوطني الكردي وابتعد عن PYD الذي تابع سياسته في التفرد في الإدارة وذهب يحاول تفكيك المجلس الوطني بمعاداته تارة وتهديد واعتقال قياداته وتقديم تنازلات لأحزاب منه بهدف ضمها الى مشروعه الذي بدأ يروج له بداية من خلال دستور، الى حكومة، الى عقد اجتماعي الى إدارة ذاتية، وبالفعل نجح في إسقاط حزبين صغيرين في حضنه هما /اليسار الكردي، الكردي السوري/ ليعلن معها عن مشروعه في موعد عقد مؤتمر جنيف2 الذي تم اقصاؤه باعتباره جزءا من هيئة التنسيق الوطنية. المجلس الوطني الكردي وأمام حالة الصد لم يجد إلا في المعارضة السورية المتمثلة بالائتلاف المعارض كوجهة بديلة ليعود بذلك الى الثورة، وحراكها بعد عام ونصف من التردد. وتراجع كذلك عن الساحة وتقلص تواجده ودوره الى العمل الداخلي، متخفيا عن الظهور في الشارع إلا من خلال الندوات الحزبية. ذلك الفراغ جعل PYD هو الوحيد في الساحة، وفي مشروعه “الإدارة الذاتية” وهو ما شكل ما يمكن تسميته بحالة التخبط السياسي، على حساب التفوق العسكري، فساسة PYD كانوا أقل قدرة على الارتقاء الى تضحيات “شهداؤه” وهو ما شكل ما يمكن تسميته أيضا بحالة انفصام بينهم وبين “المجلس الوطني الكردي” خارجيا وبين جناحيه/السياسي، العسكري/. ازدياد حالة التخبط السياسي، والتأثير على “الجانب العسكري” وأمام حالة القرارات الانتقامية التي أصدرهتا مجالسه التشريعية بفرض قانوني التجنيد الاجباري على المجتمع الكردي/سن 18-45/ وقانون /ترخيص الأحزاب/ و/احتكاره العمل الاغاثي/و/اعتقال النشطاء والإعلاميين/ و/اعتقال قيادات وشخصيات وطنية كردية وسياسية/ كل ذلك وفقدانه مصداقيته السياسية ورفض المعارضة السورية التعامل معه، الى جانب حالة القطيعة التي فرضها إقليم كردستان العراق في تعامله معه، هذا عدا عن جملة أخرى متعددة من الانتهاكات التي اتهم بها من قبيل/مجازر في عفرين، وعامودا، وكوباني…/ الى جانب عدم قدرته على رفد مشروعه بأي صيغة تنفيذية، وعدم مقدرته على الحصول على رضا الناس لغياب الخدمات وأي فرص عمل، الى جانب فشله في أن يكون جزءا من حلول المجتمع في الأمن والاستقرار، والحريات وتصاعدة نبرة المجتمع الدولي في انتقاداته من قبيل مراسلون بلا حدود وهيومن رايتس ووتش وتجنيد الأطفال.. أمام هذا عمل المجلس الوطني الكردي على تنمية علاقاته مع “المجتمع الدولي” ومع مختلف السفارات الأجنبية، وساهم وجوده في مراكز قيادية مهمة داخل الائتلاف في أن يكون له وزن دولي واقليمي، رغم غياب دوره المحلي/عنوة، كل تلك عوامل ساعدت وستساعد المجلس الكردي في ان يكون البديل رقم 2 للنظام في ظل استمرار PYD في تخبطاته، ف PYD رغم قائمة الشهداء الطويلة التي قدمها، ورغم كم وكيف العمل الكبير الذي قدمه طيلة الأعوام الثلاث الأخيرة من عمر الثورة لكنه قد فشل تماما في أن يكون جزءا من حلول المجتمع او ان يتبنى طموح الشعب الكردي في الحرية والانعتاق والديمقراطية والحياة الكريمة. إذا بعد عامين ونصف من عمر المجلس الوطني الكردي، ورغم “شلل حركته” على الأرض يبقى هو الأمل في أن يكون بالفعل “مولودا للثورة السورية” وأن ينجح مجدا في تصحيح مسار ثورة الكرد ضد نظام المستبد بشار الأسد، وفي إعادة الكرد الى خارطة المعارضة السورية وليس استنساخ نموذج كرد للاستبداد/