فرمز حسين
الدولتان الراعيتان لمؤتمر جنيف , الولايات المتحدة وروسيّا تريدان أن تقنعا الجميع بأن الحل السياسي هو المخرج الوحيد من الأزمة السورية وهما بأنفسهما ليستا مقتنعتان بمشروعهما المشترك , روسيّا تريد أن ترى كفة النظام تترجح على المعارضة ولذلك تطالب بوقف امدادها بالسلاح , فيما أميركا تعرف حق المعرفة و بعد ملف الكيماوي على وجه الخصوص بأن الحل السياسي لن يرى النور دون التلويح بالعصا الغليظة في وجه النظام السوري.
مع كل ذلك ينعقد المؤتمر وكأن الهدف منه هو استعراض سياسي وإعلامي للتحدث عمّا يجري في سورية أكثر من كونه فرصة لتقديم الحلول وإنهاء الأزمة .
وفد الائتلاف ظهر متماسكا أكثر من أي وقت مضى مقابل وفد النظام الذي بدا مهزوزا ولا زال يبدو هلعا لمجرد طرح مسألة هيئة الحكم الانتقالية من دون أن يكون للأسد دور فيها , فأية تسوية سياسية من شأنها وقف نزيف الدم السوري يمكن أن يرتجى من هكذا وفد, هم مخولون بالتفاوض ضمن حدود التعليمات التي حصلوا عليها من الرئيس والدائرة الضيقة من حوله وغير ذلك سوف يعتبر خروجا عن النص و بالتالي أكبر من أن يتناولها السيد المعلم وصحبه. لاشك أن مناقشة الجوانب الأخرى , كفتح ممرات لإيصال المساعدات الإنسانية , تبادل الأسرى والسجناء لها أيضا أهمية و كل اتفاق ينقذ حياة مواطن سوري واحد من القتل , الاعتقال , الأسر أو الحصار هو انجاز كبير , إلا أن ذلك كله في هذا السياق لا يعتبر حلا للمأساة التي يعانيها السوريون عموما والدمار الذي يطال الأخضر واليابس في بلد أنهكه الصراع المسلح على مدى سنوات ثلاث. المؤتمر لن يشكل خطوة في مسيرة طويلة و لا نواة لسلام مأمول , بل على النقيض من ذلك فالنظام يحاول توظيف كل إمكاناته من خلال هذا الحشد الدولي الهائل للحصول على فرصة جديدة تمكّنه من المضي في ممارسة حلّه الأمني الذي جلب الويلات على البلاد , لذلك نشاهد أعضاء وفده يركّزون على توجيه خطابهم الى الغرب في محاولة لاستجداء الـعواطف بغية الحصول على تأييد أو شبه اعتراف دولي بشرعية مؤقتة تمكن قوات الأسد من ارتكاب المزيد من المجازر وتهجير المزيد من الشعب.
وفد الائتلاف على الرغم من غياب أطراف أخرى من المعارضة إلا أنه بدا مدركا لدوره واثقا من تمثيله للسوريين و الأهم من كل ذلك عاكسا تنوع المجتمع السوري بتواجد مختلف مكوناته وخاصة أعضاء من المجلس الوطني الكردي الذين انضموا مؤخرا للائتلاف كممثلين لثاني أكبر قومية في البلاد الى تشكيلة الوفد, الأمر الذي أضفى زخما خاصا للمعارضة مقارنة مع وفد النظام الذي لم يضم سوى البعثيين , حيث يمكن بكل سهولة تسمية الوفد المعارض بوفد الشعب السوري في مواجهة وفد الأسد أو على أحسن تقدير وفد النظام.
لاشك أن الولايات المتحدة وحلفائها توصلوا الى قناعة بأن تباطؤهم في التعاطي مع الملف السوري قد أعطى نتيجة معكوسة فالجماعات الإرهابية تتكاثر يوما بعد الآخر وأن الإرهاب سيكون موجودا مادام نظام البعث قائما لكن الخطر لم يتجاوز حتى الآن الحدود السورية بكثير باستثناء بعض الانعكاسات في لبنان.
مرة أخرى يبقى التوقيت!
متى؟
كم من الدماء السورية يجب أن تراق قبل أن تتخذ القوى الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة قرارها بإنهاء معاناة السوريين. إدارة أوباما تعرف حق المعرفة بأن نظام الأسد لن يتورع عن قتل وتشريد جميع السوريين المناوئين له في سبيل إعادة توطيد حكمه ولن تردعه إلا القوة.
السوريون هم خير من يعرفون بأن لا مشروع سلام في ظل الأسد, ولا رأي للمواطن في انتخابات نزيهة أو تصويت حر مع وجود حزب البعث الحاكم , في انتظار أن يأتي توقيت المجتمع الدولي الملائم لدق طبوله سوف تستمر محاولات التوصل الى حلول سياسية مع محاور لا يسمع إلا صوته.
306
مرتبط